Print this page

محمود درويش في «أوروبا» «عابرون في كلام عابر»

في ظروف دولية خرجت منها «القضية الفلسطينية» من موقعها المحوري في الضمير العربي بعد اندلاع «الربيع العربي»، قرر مؤخرا المعهد الوطني للغات و الحضارات المشرقية بباريس تنظيم ملتقى دولي حول محمود درويش وانطلاقا من العدد الخاص لمجلة «أوروب»

الفرنسية (1053 - 1054) الذي خصصته للشاعر الفلسطيني الراحل. وراء هذين الحدثين كاظم جهاد حسن ، أستاذ جامعي، ناقد أدبي و شاعر، مترجم لآثار محمود درويش. قام الباحث العراقي بمجهود عملاق مدة عدة سنين لنشر عدد خاص لمجلة «أوروب» بالاشتراك مع مديرها الشاعر جون باتيست بارا. و توج هذا العمل بتنظيم الملتقى الدولي الذي شاركت فيه الجامعة الحرة ببروكسل و الجامعة الكاثوليكية لوفين بوصفهما الجامعتين الحاضنتين لكرسي محمود درويش.
أسماء لامعة شاركت في التظاهرة منها إلياس سنبر صديق درويش و ممثل دولة فلسطين في اليونسكو و الناشر فاروق مردم باي و صديق الشاعر صبحي حبيبي. و قام الثلاثي بتقديم شهادات خاصة متعلقة بمشوارهم مع درويش. البعد الثاني للقاء كان جامعيا أعطى

للمشاركين نظرة شاملة على الأبعاد الإبداعية المختلفة لمحمود درويش الذي ترك آثارا شعرية و نثرية و صحفية و كتابات حول مسيرته الذاتية.

الجامعة الفرنسية تحتفي بدرويش
كان الملتقى الدولي فرصة لاكتشاف الاهتمام الذي تعيره الجامعات الفرنسية و البلجيكية لشعر محمود درويش. من ذلك أن خصصت جامعة الصربون 10 في نانتار برنامجها للتبريز حول آثار محمود درويش. و قامت الجامعة الباريسية تحت رئاسة الأستاذة كارول بوادان بنشر كتاب بيداغوجي حول دراسات التبريز في الآداب المعاصرة مخصص للمواضيع المتعلقة بمقارنة تجربة درويش الأدبية والتزامه في المقاومة مع تجارب الشاعرين فيديريكو غارسيا لوركا و روني شار.
وشارك الشاعر التونسي و الأستاذ الجامعي الطاهر البكري بقراءة قصيدة تكريما لذكرى الشاعر الراحل. و كان لعدد من الباحثين و الباحثات من مختلف الجامعات الفرنسية مداخلات تعلقت بخصوصيات الكتابة الشعرية لدرويش و حاولت تلخيص مشواره الأدبي الطويل و المتشعب و علاقته بجمهوره العريض في مختلف الدول العربية و في باريس أين قضى مدة طويلة في المنفى و الإبداع بعيدا عن فلسطين.

عدد خاص لمجلة «أوروب»
شكل العدد المزدوج (1053 - 1054) لمجلة «أوروب»، التي تعتبر من أهم المجلات الأدبية الفرنسية، نقطة فاصلة في التعريف بمحمود درويش لدى الجمهور الأدبي و الباحثين. و كان المشرف على العدد الأستاذ كاظم جهاد حسن قد أشار إلى «البعد المتعدد في مشوار درويش الأدبي الذي تراوح بين الشعر و النثر و الصحافة» و إلى «علاقة محمود درويش بمسألة المسائل، القضية الفلسطينية» وكذلك بعلاقته «بتطوير الخطاب الشعري الذي كان أحد مهندسيه».

و كانت هذه الأبعاد محل دراسة و تمحيص من قبل شعراء و باحثين و صحفيين اهتموا بمختلف القضايا التي تعرض لها محمود درويش في حياته الخاصة والسياسية و في شعره و كتاباته الأخرى. و ضم عدد «أوروبا» الخاص مقالات كتبت بلغات عدة (عربية و انجليزية و اسبانية) تمت ترجمتها للفرنسية. و قامت المجلة كذلك بترجمة أشعار درويش الأولى (1964 - 1977) كما وردت ترجمات جديدة لعدد من قصائده في مختلف الدراسات المنشورة في العدد.

و ساهم بعض الكتاب و الشعراء مثل محمد برادة والطاهر البكري و روني كورونا وكذلك وأتل عدنان و حبيب طنغور في تكريم الشاعر الفلسطيني عبر أشعار و مقالات كانت شهادة على إبداعات الشاعر ومساهماته المتعددة في تطوير الكتابة الشعرية وفي تقريب صوت الشاعر من هموم المواطن العربي والفلسطيني. و كانت مساهمة الفنان أرناست بينيون أرنست الجمالية في تصميم غلاف العدد و في رسم صورة لمحمود درويش خطوة حاسمة في زرع درويش الشاعر في حائط مدينة القدس المغتصبة وإبراز تلاحم الشاعر و المواطن مع وطنه.

المشاركة في هذا المقال