مرايا وشظايا: الأغنية التونسية في مهب الريح !

«من حزن فليستمع للأصوات الطيبة فإن النفس إذا حزنت خمد منها نورها فإذا سمعت ما يطربها اشتعل منها ما خمد» ولأن الموسيقى هي من الأصوات الطيبة التي تعالج النفوس العليلة وتهب الأرواح إكسير الحياة... فإن كل نشاز في هذا المجال يثير الاشمئزاز.


لا شك في أن الأغنية التونسية تبكي اليوم على أطلال أمجاد عصرها الذهبي وهي التائهة بين الدروب الشائكة والحائرة بين المسالك المعقدة ... وهي التي تعيش حالة من فقدان الوزن حتى أصبحت كالريشة في مهب الريح !

يحدث أن تتقاذف أمواج المدّ والجزر هذه الأغنية الضائعة على عتبات النجاح فتقلّها سفينة «لا شرقية ولاغربية» وتمنحها مجدافا هجينا لا هو بحديث ولا هو بعتيق فينكسر بها وتعجز عن الإبحار ...

كما يحدث أن تركب هذه الأغنية المتلهفة للظهور والبروز موجة الإثارة والكلمات الغريبة والإيحاءات المقرفة ... ممّا يتسبب في سقوطها المدوي إلى أسفل القاع...

كما يحدث أن تهرع هذه الأغنية المتعطشة للجمال والذوق إلى التراث لتعيد من جديد إبداعات العصر القديم ...ولكن بعد ماذا؟ وقد تم إحياء هذا الموروث آلاف المرات عن طريق آلاف الأصوات؟

فأين المفر والرداءة أمامنا والسفاهة وراءنا ؟
بعيدا عن صدق العاطفة وعمق التعبير وجمال التصوير...تتكاثر الأغاني وتتوّلد العناوين من بعضها البعض دون أن تثير فينا شهوة الاستماع أوتحرّك فينا الإحساس بالطرب... مما يدّق ناقوس الخطر للتنبيه من خطورة الوضع والحث على إعادة النظر في الوضع الغنائي برمتّه من أجل الحفاظ على الأغنية التونسية لحنا وكلمة وأداء حتى تتصالح مع جمهورها وتعيد معانقة مجدها الفني الذي

صنعه الكبار من الشعراء والملحنين والمطربين... فاليوم صرنا نستنجد بأغاني الأجيال السابقة لسد فراغ ذواتنا بعد أن أصبحت أغاني عصرنا كالأكلة الخفيفة خالية من الفائدة الصحية ولا تسمن ولا تغني من جوع !

لا يعني هذا فقدان الأمل والتسليم بالأمر الواقع، فلدينا المواهب والطاقات والقدرات والكفاءات لإنقاذ الأغنية التونسية من الضياع والصعود بها إلى القمة شرط أن نملك الوعي والقناعة والإرادة وأن نحسن استثمار تراثنا دون تبعيّة مطلقة وبلا معاداة مرضية فـ»من أشهر سيفا في وجه الماضي، أطلق عليه المستقبل رصاصة».
ليـلى بورقعة

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115