لعل من أهم انتظارات بعث قناة ثقافية هو إبراز الوجه الحقيقي والأصيل لتونس من حيث العمق الوجودي والبعد التاريخي والإنجاز الحضاري والفكري ...
قناة ثقافية من أجل «استرجاع التفكير النقدي»
ليس الحديث عن بعث قناة تلفزية متخصصة في الثقافة بوليد الساعة فقد سبق لوزير الثقافة السابق مهدي مبروك أن أعلن عن نية بعث قناة ثقافية بالتعاون مع وزارة السياحة للترويج للمخزون الحضاري والثقافي في بلادنا والتسويق لصورة تونس التاريخ والثقافة والفنون ...ويبدو أنه تم نفض غبار النسيان عن هذا المشروع في عهد الوزير محمد زين العابدين بإعادة فتح ملف بعث قناة ثقافية، فهل يتحقق الوعد؟
في نهاية شهر فيفري الفارط جمع وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين لقاء مع الرئيس المدير العام للتلفزة الوطنية إلياس الغربي ومديرة القناة الوطنية الثانية شادية خذير ومدير القناة الوطنية الأولى إيهاب الشاوش بخصوص تنفيذ مشروع إطلاق قناة ثقافية بهدف « استرجاع التفكير النقدي التونسي».
وقد تمحور اللقاء حول إيجاد صيغ عمل مشتركة وآليّات تعاون للتفكير في توجّه هذه القناة ثمّ تجسيد هذه التوجهات والأفكار في الشبكة التلفزية القادمة انطلاقا من سبتمبر 2017 حتى تصبح القناة الوطنية الثانية ملاذا للمثقف ولكي تساهم في الارتفاع بالذوق العام ومساندة سياسات الدولة في مقاومة الإرهاب ونبذ كلّ أشكال العنف.
وفي هذا السياق كان وزير الشؤون الثقافية قد أكد «أهمية التعاون المشترك لتحقيق الثّورة الّثقافية التّي ينشدها التونسيون، وانخراط الوزارة التام في هذا المشروع الذي تتقاطع أهدافه وأهداف وزارة الشؤون الثقافية التي تعمل على التخلّص من عبء الوزارة الحاملة لثقافة الدولة لتكون وزارة مرافقة، مساندة ومساعدة على العمل الثّقافي ومحفّزة للفكر الإبداعي ولروح المبادرة والتغيير...داعيا إلى ضرورة اتّخاذ خطوات عملية ومنهجية واضحة لتفعيل هذا التعاون في أقرب وقت ممكن.»
الشباب والتناصف... من مبادئ القناة
ولاشك أن بعث قناة تلفزية متخصصة في الثقافة من شأنه أن يكون نافذة مفتوحة على العالم بتسليط الضوء على المشهد الثقافي والحراك الأدبي والفني في تونس...إضافة إلى حفظ الهوية الثقافية التونسية حيث أن قرطاج تتميز بثقافتها وتاريخها وبعدها المعرفي وعمقها الحضاري مما سيساهم في لفت النظر نحو عاصمة مميزة ومتميزة في حوض المتوسط.
ومن أجل تحقيق هذا المشروع الحلم التأم مساء الخميس 6 أفريل 2017 بمقر التلفزة التونسية اجتماع موسع ضمّ مديرة القناة الوطنية الثانية شادية خذير وطاقم الإنتاج والتنشيط في القناة الثانية ومدير القناة الوطنية الأولى و14 مديرا من وزارة الشؤون الثقافية للشروع في رسم خريطة الطريق للقناة الوطنية الثانية في اتجاه التخصص الثقافي.
وقد أكد المتدخلون في هذا الاجتماع ضرورة استجابة القناة لجملة من المبادئ والقيم العامة كالتناصف وتشريك الشباب واستعمال لغة واحدة والاهتمام بشواغل الجهات والأجيال...
من جهة أخرى، قدّم المنتجون مختلف انتظاراتهم من وزارة الشؤون الثقافية في تعريج على أبرز الصعوبات التي يواجهونها خلال عملهم اليومي...
وتم الاتفاق خلال هذا اللقاء الموسع على تشخيص الصعوبات وتذليل العراقيل ... وإمكانية منح الأسبقية للقناة الثانية في نقل الخبر أو الحدث الثقافي على غرار التظاهرات الثقافية والاكتشافات والحفريات ...
و من المنتظر أن ينطلق قريبا العمل فعليا بين ممثلي الوزارة ومنتجي وصحفيي القناة لصياغة مشاريع برامج قابلة للتنفيذ في سبتمبر 2017 في إطار شبكة البرمجة القادمة للقناة الثانية بالاعتماد على ما تضعه الوزارة على ذمة القناة من معطيات وكفاءات وخبرات وفضاءات...
وإن كان من المؤكد أن بعث قناة ثقافية لأول مرة في تونس هي بادرة رائعة من حيث الفكرة والهدف فإن هذا الوعد يبقى رهن الحلم المشروع إلى حين تنفيذ المشروع.