افتتاح الفضاء الثقافي «القناع» في المحرس: هنا سنحيا...هنا سنحلم..هنا ستخلد فكرة الوطن الانساني

هم الحالمون بالأجمل هم الحالمون بفضاءات ثقافية في كل ربوع تونس عشقوا المسرح واختاروه وجهة وقبلة واختاروا العودة الى مدنهم لنثر ثقافة الحياة واكتساح الصمت و زرع بذور الجمال، هناك في مدينة المحرس من ولاية صفاقس كان الموعد مع الحلم لقاء مختلف

مع الفن لقاء لكتابة عقد مقدس ابدي مع الثقافة في مدينة هادئة جميلة، في الفضاء الثقافي الخاص «القناع» لحسام العابد ورحاب غرس كان اللقاء.

«القناع»، قناع الحب قناع الفن وروح المعنى، قناع الصول والنوتة واللحن قناع الجسد والرقص والحركة والخشبة والصورة، قناع الأدب والعلم والمعرفة والألق الفكري، هنا سنحيا ولن نموت لنخلد ثقافة الحياة و هنا سنحيا ابد الدهر ونكتب في التاريخ حرفا حقيقيا لا مزيفا، هنا سيكون القناع عنوان للوطن وللإنسان.

يا زائري لا تسل عن الفضاء... انزع قناعك وادخل بسلام
المحرس او باريس الصغيرة او النقطة السوداء، تلك المدينة الصغيرة الرابطة بين صفاقس وقابس، مدينة بحرية صغيرة هادئة تجعلك تحبها وتفكر في العودة اليها، مدينة الفنون التشكيلية بامتياز مدينة تخلد زيارات ضيوفها عبر منحوتات كبيرة وضعت قبالة الشاطئ فهناك يمكنك معانقة الفن والبحر وبينهما فسحة الحلم.

الشارع الرئيسي قبالة محطة سيارات الاجرة بالمدينة، أمامك مباشرة طريق طويلة،الى اليسار شارع الملازم الصادق بلحاج (توفي في أحداث فيضانات قفصة وهو أصيل المحرس)، الى اليسار شارع فلسطين ثم يمينا نهج ابن المقفع هناك سيستقبلك القناع شامخا هادئا ملونا بالأزرق وكأنه قطعة من السماء او البحر تنتظر قدوم الضيوف.

منزل مطلي بالأزرق والأبيض، اعلاه لافتة كبيرة كتب عليها «فضاء القناع» هو قناع للحب قناع الحياة، قناع ليس ككل الاقنعة ان نزعته ستجدك في عالم مليء بالجمال عالم تسوده الثقافة والإبداع مطيته عزيمة شباب يعشق النجاح.

، باب ازرق جميل هو المدخل الرئيسي للزوار، الى يسارك شجرة رمان ترحب بالضيوف والى يمناك نخلة تضلل المكان وتضلل الاطفال زوار الفضاء ، واحد، اثنان، ثلاثة هو عدد الدرجات المؤدية الى الداخل، منذ البداية تعترضك زينة وبعض التحف القديمة التقليدية التي سقف عندها حتما لدقائق تبحث عن تاريخها ومعناها.

خمس خطوات تحديدا وستبدأ جولتك داخل ربوع القناع الجميل، الى يسراك قاعة الموسيقى، فرشت باللون الاحمر كذلك حيطانها طليت بنفس اللون وكأنها ينبوع دماء الراقصين تتدفق لتنحت تراتيل الابداع وتشكل الجسد ايقونة للجمال، هي قاعة ستكون ناطقة بلغة العالم الموسيقى قاعة للتواصل بين الاجساد و الألحان قاعة للتحليق وكسر بوتقة الصمت.

أما على يمناك، فمسرح القناع، قاعة صغيرة، طليت باللون الاسود سواد كأنه احلام الى الفجر الوليد فمن رحم الظلام يولد الضياء، هي قاعة العروض المسرحية تستوعب خمسين شخصا منذ اليوم الاول وهبوا الخشبة الحياة فكانت فاتحة للجمال واحتضنت عرضين مسرحيين عرض أول للكهول وثان للاطفال، مسرح الجيب الصغير محمّل بأحلام كبيرة لإنتاج اعمال مسرحية في مدينة المحرس.

دع قاعة المسرح واصل جولتك فلازال الكثير للاكتشاف، خطوات اخرى ستجدك في بهو مربع الشكل زين بأجمل اللّوحات، فضاء سيكون مقهى ثقافي، فضاء للاجتماع والتواصل والتفاعل فضاء للنقاش والتوق والذوق الرفيع، فضاء زين ببعض العجلات المطاطية التي تزينت بأجمل الالوان وقماش الحرام التونسي التقليدي فبدا مختلفا أنيقا المقهى الثقافي، ذاك المربع الجميل سيأسرك حتما لأنه زين برسومات للمبدع رؤوف ليسير.

ارفع راسك عاليا قبالتك توجد صور لنوتات وكان بالرسام يدعوك الى جولة داخل عالم الموسيقيين، صورة اولى لامرأة تعزف الناي، تأمّلها جيدا ستشعر انها تعزف لك نوتة خاصة بك نوتة تجعلك مبتهجا تطلب المزيد، الى جانبها اخرى تعزف تراتيل الحب بقيثارتها المميزة، نغمات متماهية تماما مع نغمات عازف القيثارة في الركن.

واصل جولتك مع الغرافيتي والصور الرسومات الحائطية، زرافة كبيرة تجلس على كرسي وتتأمل الخارج، صورة وكأنها لفنان يريد اكتشاف العالم الخارجي، كل الرسومات مميزة لكل رسم حكاية تنسيك سابقاتها كذلك هو مربع المقهى الثقافي ذاك الفضاء الذي تعانق فيه الافواه القهوة لتلد شفاها حرة حالمة.

هنا في «القناع» مثقفون اختاروا مدينة المحرس للإبداع، اختاروا مكانا قصيا وسط الاحياء بعيدا عن المركز ليكونوا أقرب الى المواطن، هنا اقبل الجيران للسؤال واصطحبوا أبناءهم واجتمعوا للنقاش بخصوص الثقافة والحياة، هنا اجتمع الصغار والكهول لاكتشاف تفاصيل القناع، هنا مبدعون جاؤوا من فريانة وماجل بلعباس ومدنين وقابس وتونس العاصمة للتعبير عن مساندتهم لفكرة لامركزية الثقافة ، هنا رحاب غرس وحسام العابد اختارا ان يغرسا زيتون الابداع عملا بمقولة الشاعر الفلسطيني سليمان دغش»سلوا الزيتونَ، فالزيتونُ يعرفني، ويشهدُ أنَّ ذا وطني، وأني راسخ «كالصخرِ، كالزيتون كالعنبِ، سلوا الأشجارَ، والأحجارَ، إن شئتمْ، فكلُّ الأرض تعرفني، وكل الأرض تعشقني».

في بلد يهمش مثقفيه...سيكون القناع الفضاء البديل
«هنا سنحيا، ولن نموت لنخلد ثقافة الحياة، هنا سنحيا ابد الدهر ونكتب في التاريخ حرفا حقيقيا لا مزيفا، هنا سنحيا ونموت غرقا في فكرة الإنسان الوطن، الوطن الإنساني هنا وفي كل مكان، الى كل مكان سنسافر من النقطة الصفر الى البعيد الأبعد الى التاريخ حيث حلمنا، زمن الحلم، ايام الحلم» كما قال حسام العابد استاذ المسرح ومدير فضاء القناع بالشراكة مع رحاب غرس.

«القناع» الفضاء الوليد اختار المشرفون عليه ان يكون وسط حي شعبي قريب من السكان والمواطنين، قريب من الاطفال ليكون فضاءهم وحاضنة للإبداع ورمزا للاجتماع والحلم.

الجولة داخل القناع لم تكتمل بعد فلازال هناك الكثير للاكتشاف وأنت تتأمل المربع الجميل الموشى برسومات رؤوف ليسير، ستجلب انتباهك غرفة الى يسراك هي فضاء المكتبة، زينتها بسيطة، ست طاولات طليت باللون الاخضر ووضعت فوقها فوانيس صغيرة بها أشكال يحبها الأطفال ضوؤها خافت وألوانها هادئة، مكتبة حائطية زينت ببعض الكتب للأطفال والكهول، المعري ومصطفى الفارسي والشابي والمتنبي و نجيب محفوظ جميعهم وجدت مؤلفاتهم هادئة تنتظر من سيتصفح الكتب فمنذ الان لن تكون الكتب صفراء، هنا ركن الكتب ركن التحليق مع ابداعات السابقين وأحلامهم، ركن للجمال الفكري، ركن تتشكل داخله شخصية الطفل ليبدع.

هنا في مكان بعيد عن ضوضاء العاصمة والمدينة اختاروا ان يواجهوا ثقافة الموت ويكتبوا الياذة الحياة بطريقتهم الخاصة، هنا ستتحرر الاجساد والأصوات من ربقة الموجود هنا سيرسم الاطفال و يقدمون بعض تمارين المواطنة، هنا في القناع ستكون انطلاقة اطفال المدينة مع الابداع لان الفضاء مفتوح لصغار المدينة ليبدعوا.

هنا في بلد يقتل شبابه، في بلد يهمش أبناءه في بلد يعزل مثقفيه، في بلد لا يعتني بأطفاله «قررنا ان نرتكز، ونركّز مركز القناع ليكون البديل، حرا و منعتقا وملتزما محترما للجميع، مبدعا منفتحا مواجها للجهل والتهميش و التقتيل الاجتماعي وأن نبتعد عن ضوضاء العاصمة المعتصمة قرب البحر قرب الصحراء قرب الحياة، هنا سنقول هنا سنفعل، هنا فن وفسحة» على حد تعبير حسام العابد.
افتتح القناع ابوابه للإبداع منذ يومه الاول وفقر لأبناء المنطقة فرصة للمتعة والإبداع، منذ اليوم الاول احدث ضجة وسط المدينة انطلقت مع مجموعة نقر الطبول ثم موعد مع النقد ومسرحية تحت السطح فلقاء مع محمد البرهومي ومسرحية الكنز المفقود ومجموعة من الفقرات التنشيطية التي امتعت الاطفال ومنذ اليوم الاول اقبل الاولياء للسؤال عن النوادي وكيفية الانخراط فيها لممارسة فعل

ثقافي بديل، هنا في المحرص انتصب القناع بديلا ثقافيا حقيقيا يواجه ثقافة الموت ويقرّب ثقافة الحياة الى الطفل اينما كان شباب قرر الانخراط في الفعل الثقافي المقاوم دون دعم مالي، هناك شباب مبدع يعمل بقولة درويش:
أيها المارُّون بين الكلمات العابرة
كالغبار المُرّ مرّوا أينما شئتم ولكنْ
لا تمروا بيننا كالحشرات الطائرة
فلنا في أرضنا ما نعملُ
و لنا قمح نربِّيه و نسقيه ندى أجسادنا
و لنا ما ليس يرضيكم هنا
حجر... أو حَجَلُ
فخذوا الماضي، إذا شئتم،
إلى سوق التحفْ و أعيدوا الهيكل العظمي للهدهد،
ان شئتم، على صحن خزف.
فلنا ما ليس يرضيكم:
لنا المستقبلُ
ولنا في أرضنا مانعمل

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115