أمسية حوارية ببيت الحكمة: حول شريط زهرة حلب (آخر أعمال رضا الباهي)

مولع بالموسيقى، والتنعّم بجمال الطبيعة، والحوار المنتظم مع أمواج البحر، يمارس كل الطقوس الاحتفالية بوصفه متمسّكا بحقّه في نحت المسار الوجودي، لكنه سرعان ما استبدل الوعي الاحتفالي بالطقوس الجنائزية، المدنّسة لكل مقدّس استيتيقي، والغنية بالمحظورات . كذا هو العازف

مراد الذي انطلق منه رضا الباهي في فيلم زهرة حلب، ليكشف طاعون الإرهاب المستهدف للفئات الشبابية على نحو خاص، حيث نجحت الحركات الجهادية في إقناعه بالعزوف عن التعلّم، والعزف، وحقّه في المعيش اليومي الطبيعي، ليلتحق بالكهوف والغرف المظلمة، فاستبدل كتبه وآلاته الموسيقية وضفاف البحر بخنادق ومستنقعات التدرّب على الأسلحة وفنون القتال، وأضحى مختصا في التحريم والتجريم والفتاوى المتشظية.

من الطبيعي أن تسهم الأزمات الأسرية في انحراف الفئات الشبابية مثلما أبرز فيلم «زهرة حلب»، حيث استثمرت الحركات الجهادية سلطة الدين من جهة، وأزمة وضعية عائلة مراد من جهة ثانية، لكن العلل الحقيقية مترامية الأطراف، فما نشهده اليوم صناعات إرهابية دقيقة التنظيم وفائقة النجاعة.

يمكن للحركات الدينية أن تضطلع بمهام أولية، تتمثّل في الاستقطاب والتأطير، وتتكفّل قوى معينة بالتمويل، ويضطلع قطب التخطيط الاستراتيجي بانجاز مهامه المجهرية في زوايا العتمة، وتتكفّل القوى الأخرى بإنتاج مسرحيات الشرعنة، ليدفع لاحقا الجميع فواتير عمليات التفجير والتخريب، لأن الفئات المستقطبة قد أصبحت طيعة لا تردّد إلاّ مفردات الطاعة، ولا تمارس إلاّ الولاء، بل تتسابق - كما أبرز الفيلم - من أجل القتل، والاغتصاب، والتنكيل بالمتمسكين بطقوس الحياة، إنّها دمى متحرّكة، فهي على استعداد دائم للاعتداء حتى على الأرحام التي أنجبتها والدليل مراد الذي اختتم الشريط بإطلاق رصاصته الجهادية على أمّه. لذلك اتّسمت الأمسية الحوارية التي نظّمها يوم الجمعة الماضي قسم الفنون بمجمع بيت الحكمة بنقاشات الأطروحة والأطروحة المضادة حول اغتيال عقول الشباب عبر أساطير الجهاد.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115