Print this page

«ألهاكم التكاثر» أو fausse couche بقاعة الفن الرابع: ألهاكم التكاثر، حتى نسيتم أحلام الشباب...ألهاكم التناحر حتى تناسيتم مصلحة الوطن ...

الهاكم التكاثر حتى نسيتم مطالب الشعب، الهاكم التكاثر حتى نسيتم الوعود، كلا سوف تعلمون، ، كلا لو تعلمون ماذا فعلتم بالشعب وبأحلام الشباب لترون الغضب ثم لترون ثورة قادمة في عيون الشباب ثم لتسألنّ يومئذ عن الوطن، أي وطن الذي بنيتموه بوعودكم الزائفة؟ ام الاحلام

التي قتلتها سياساتكم الزائفة واستراتيجيات عملكم التي لم ير الشعب نتائجها، ألهتكم الوعود و التناحر السياسي عن مطالب الشعب، الهاكم النقاش حتى قتّلتم الاحلام و الامال بتونس الافضل بعد الثورة.
الهاكم التكاثر حتى نسيتم المسارح الهاكم التكاثر حتى اتضح أن حلم «الوطن الاجمل» التشغيل استحقاق» الحق في الثقافة» الحق في «العيش الكريم» حمل كاذب ارهق الشعب واجهض الاحلام المؤجلة كما عبرت اجساد الراقصين في العمل الكوريغرافي «الهاكم التكاثر» أو «الحمل الكاذب» بعد حجب العنوان العربي، الهاكم التكاثر عمل كوريغرافي مدته 70دقيقة اخراج نجيب خلف الله هي ملحمة اجساد كتبتها مريم بوعجاجة وآمنة المولهي وسندة الجبالي ووفاء الثّابتي ووائل المرغني ومروان الروين وباديس حشّاش، بالإضافة إلى المخرج نجيب خلف اللّه.
الهاكم اتكاثر..الهاكم النقاش حتى نسيتم ان المطالب حق
ضوء خافت يقسم الركح إلى نصفين، اجساد مرمية على القاعة كانها مطالب الثورة المغمورة تتضح الصورة تدريجيا فنراهم في «الحمّام» يفركون اجسادهم وكانها لحظة التطهر من الديكتاتورية وتنظيف البلاد من منظومة الفساد، يلبسون لباس الحمام متباين الالوان كما اختلاف الاشخاص والاعمار والفئات الاجتماعية التي شاركت في الثورة ونادت بالحرية، في الركن الايسر يجلس رجل يلبس الاحمر الفاقع واضعا قفصا على رأسه، في اشارة الى العبودية و تحكم السياسيين في افكارنا، دقائق من الصمت دون موسيقى فقط ذاك الضوء الاصفر يصنع مشهديته على الركح ضوء كانه صفرة الخريف وكانه لون العدم وبداية النهاية، تلك الصورة الأولى للعمل الكوريغرافي «الهاكم التكاثر» لنجيب خلف الله.

أنت أيها الإنسان دع جسدك وشأنه دعه يرقص يعبر عما يخالجه، اتركه وشانه
أيها الانسان افسح لجسدك المجال ليصرخ عله يزعزع السياسيين اولئك الذين الهاهم التناحر و التنافس والهتهم وعوده الزائفة فتناسوا مطالب الشعب وتعاموا عن الاهداف التي انتخبوا لأجلها، لا تكبته لا تقيد اليدين ولا تحاول اثقال حركات القدم دع جسدك يصرخ عله يوقظ الضمائر الميتة دع جسدك يتحرك على الركح دعه يرقص دعه يتكور على نفسه كما تكورت المطالب الشعبية التي رميت في سلة النسيان دعه يقاوم كما يقاوم الشباب الحالم بوطن افضل، دع السبيل ليديك لترسم احلاما كنا نظنها سهلة التحقيق فبان ان الطريق اليها طويل اطول من نومة اهل الكهف.

أجساد تتحرك بحرية، الضوء الاصفر يرافق الراقصين كما ظلالهم ليضخم من صورة الجسد، حركات فردية واخرى جماعية مكررة يعيدونها لاكثر من مرة للتاكيد على اهتمام الساسة بالوعود وصراعاتهم من اجل منصب وزاري او تعيين حزبي صراع مريع تكرره أجساد الراقصين بوجوه مكشرة مكفهرة وأيضا غاضبة كأنها تعبر عن ملل الشعب والضجر من تناحر السياسيين وعدم التفاتهم الى المطالب التي ثار لاجلها الشعب.

ألهاكم التهافت على المناصب...الهتكم السياسة
تتحرك الاجساد بعنف على الركح، تلوح الايادي وكأنها تشير الى «ديقاج» ، الرؤوس منهكة مرمية الى الامام، الخطى وئيدة حينا متسارعة حينا اخر تماما كالاحتجاجات التي عرفتها البلاد، اياد موضوعة على البطن كامرأة تتفقد حملها و تتحسس جنينها، ضحك هستيري يتحول الى بكاء كما المثل التونسي القائل «كثر الهم يضحك».

حركات الراقصين اغلبها تشير الى الانكماش وكأنهم يعبرون عن تغلغل الحياة السياسية في يوميات المواطن حد الانكماش عليها، الضوء يسطر حدود تحرك الممثلين ليبدو الفضاء محددا كما السجن داخله تريد الاجساد ان ترقص تتحرر من قيودها دون تجاوز الحدود الجغرافية، الزمن يبدو مطلقا ربما العام الفارط او ما قبله او هذا العام فالأحداث جميعها تشير الى مابعد 2011 دون الاشارة الى عام محدد، ملابس الراقصين غير متناسقة فلكل ملابسه الخاصة تماما كالأفكار المختلفة.

تتحرك الاجساد بسرعة وحينا تنكمش على ذاتها، طورا تعاند الموسيقى المرتفعة وتارة تتقاطع وهو يضربون على بطونهم ثم يتفرقون في اشارة الى حالة التشتت والانقسام التي أصبح عليها المواطنون، مما ساهم في تفشي مظاهر القطيعة بينهم وسادتهم حالات من العنف والإقصاء لبعضهم البعض، حتى تحوّل الفرد من حبيس نظام ديكتاتوري قبل الثورة إلى حبيس لنفسه وأفكاره بعدها..

في كل الرقصات هناك تحسس للبطن، تفقد للحمل الذي يحرصون على حمايته، فالاجساد حبلى بأجنّة مختلفة الاسماء «العيش الكريم» الحق في الشغل، الحق في الابداع الثقافي، الحق في التنقل الحق في الصحة وغيرها من الاسماء التي اتضح بعد 70دقيقة انه حمل كاذب فقط بطن مكورة بالوعود.

في الهاكم التكاثر او «الحمل الكاذب» الجسد مطية التعبير ووسيلة للتعبير عن غضب المواطن من السياسة ومن السياسيين، الجسد حمّال رسائل و بالجسد عبّر الراقصون عن تهافت السياسيين على المناصب، والتناحر من أجل بلوغها، مقابل تناسي الأوضاع الحقيقية للمواطن والتغافل عنها .

في العمل ومن خلال لغة الجسد والصرخات التي يؤديها الراقصون يرى المتفرج مشاهد العنف والإرهاب التي أحاطت بالبلاد، ويشاهد ايضا عدم سعي أي مسؤول في السلطة لإيجاد حلول لها أو تقديم استقالته لفشله في إدارة شؤون الناس، بل يقدمون مصالحهم الشخصية على حساب المصلحة العامة ومصلحة المواطن والدولة، فالساسة الهاهم التكاثر السياسوي والهتهم لعبة المناصب عن شؤون البلاد ومصلحة الشعب.

يخفت صوت الموسيقى وتهدأ حركات الراقصين، يتوجهون جميعهم الى ركن من الركح، يتجردون ملابسهم ليرقصوا رقصتهم الاخيرة وكأنها تعبيرة عن التجرد من ادران السياسة والرغبة في لباس ثياب جديدة تكون خالية من الساسة و الصراعات السياسية، جميع الراقصين ملابسهم الداخلية سوداء اللون وكأنها تعبيرة على السواد الذي تخلفه السياسة على النفس، يتركون الملابس مرمية في القاعة ليواصلوا انتفاضة الولادة الجديدة ثم يحملونها الى المغسلة وكأنهم يشيرون الى تحرر الجسد من الدنس وتحرير الانسان من ارهاقات العمل السياسي التي دفعت به الى الانقسام ثم يخرجون ويعودون الى الركح بلباس الحمّام الاول cape de bain . بعد ان تطهروا من دنس السياسة.

الهاكم التكاثر حتى نسيتم مطالب الشعب الهاكم التناحر حتى نسيتم مصلحة الوطن الهتكم الضغينة حتى تناسيتم ان تونس تستحق كل ابنائها الهاكم الصراع حتى نسيتم ان الثورة قامت لأجل الشغل والحرية والكرامة، الهتكم السياسة وألهاكم التشتت فنسيتم ان الدين والسياسة لعبة قذرة ونسيتم ان الوطن للشعب، الهاكم النقاش حتى اتهمتم عملا مسرحيا بالكفر وهو بعيد كل البعد عن الدين.

المشاركة في هذا المقال