مدير مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف عماد المديوني لـ«المغرب»: «مدن الفنون» مشروع استشرافي... وفرصة ثمينة لتوجيه الثقافة نحو مسارها الصحيح

ان المتتبع للحركة الثقافية ببلادنا، خلال السنوات الاخيرة يقف عند عديد النقائص والسلبيات، التي لا تزال بعض مكونات القطاع تعاني من انعكاساتها السلبية، على غرار «أب الفنون» المسرح، والمتمثلة في الاشكاليات والانفلاتات على مستوى تمويل ودعم،

وغياب هيكلة التظاهرات والمهرجانات، الثقافية والمسرحية الكبرى، لا سيما بالجهات الداخلية، في ظل قانون يضبط معايير واجراءات اسناد التمويل العمومي الى الجمعيات والمؤسسات الثقافية، وايضا دعم المشاريع الثقافية والانتاجات المسرحية، الى جانب غياب القوانين الاساسية لدور الثقافة، ومراكز الفنون الدرامية رغم ما تعانيه من نقائص، لا سيما من حيث البنية الاساسية، التي لم تعد تتماشى وما تشهده قطاعات أخرى من تطور هام.

وللحديث عن هذه الاشكاليات وغيرها، التقت «المغرب» في الحوار التالي الاستاذ عماد المديوني المشرف على ادارة مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف.

قبل الخوض في جملة من المسائل، المتعلقة بالشأن المسرحي والثقافي، لنبدأ بالتعرف على الوضع الحالي لمركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف، بعد العودة للاشراف على ادارته، واهم برامجه وانشطته؟
رغم اشعاع مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف، ودوره في الارتقاء بالفن الرابع لا يزال يعاني من عدة نقائص وصعوبات، تتعلق بالدعم المادي والبنية التحتية والتجهيزات، وايضا من حيث الهيكلة حيث تعطل مشروع اعادة تهيئة المركز منذ سنة 2012، مع عجز في الميزانبة نتيجة الديون المتخلدة بذمته من طرف الادارة السابقة، وضعف المنحة المرصودة لفائدة المركز، والتي اصبحت غير قادرة على تغطية النفقات، سواء المتعلقة بالتسيير او بانتاج الاعمال الفنية والتكوين والمختبرات، وايضا تنظيم التظاهرات الثقافية الكبرى، وكذلك النقص في المعدات والتجهيزات التقنية، ووسائل نقل المعدات والديكور وغيرها... هذه النقائص وما شابهها لم تقلل من قيمة الانشطة والبرامج، لا سيما في مجال التكوين والتي تهدف الى الاحاطة بالمواهب والطاقات الابداعية، والرفع من المهارات الفنية للناشئة والشباب، من خلال العمل على بعث مختبرات في هذا المجال، وايضا التربصات خلال التظاهرات الثقافية. كما نسعى الى تنظيم تظاهرة تعنى بفن الشارع وفنون الفرجة خلال شهر ماي القادم، وايضا اعداد برمجة خاصة بخمسينية الفرقة الجهوية القارة للمسرح بالكاف، وجملة من التظاهرات الاخرى المشتركة، بهدف اثراء المشهد الثقافي، وتنويع التجارب الفنية، الى جانب الانتاجات المسرحية.

من الفرقة الجهوية القارة للمسرح بالكاف إلى مركز الفنون الدرامية والركحية. ما الذي تغيّر على مستوى الانتاجات المسرحية؟ وبماذا استفاد أهل القطاع...؟
في السابق كانت هنالك لحمة، ومجموعة متكاملة، نشأت مع بعضها في صلب الجمعية المسرحية القارة. وليس لها من هموم سوى العمل المسرحي وهذا ما انعكس ايجابا على الاعمال المسرحية، والانتقال الى مركز الفنون الدرامية والركحية، فتح الباب للشباب ولمختلف الكفاءات، كما اهتم المركز والى جانب الانتاجات المسرحية، بتنظيم الانشطة والتظاهرات والمهرجانات التي لم تكن متاحة للفرقة، مما ساهم في اتساع مجال العمل الثقافي (ندوات ومهرجانات...) اضافة الى الفائدة المادية للمسرحيين، حيث اصبحت الاجور أفضل بكثير. وايضا احتكاك عناصر الفرق القارة بخبرات جديدة، وانتفت مسالة المخرج الوحيد والعدد المحدد للمثلين. وكذلك النمطية في الاعمال المسرحية رغم قيمتها الفنية حيث برزت اليوم انماط مختلفة من خلال التعامل مع الكفاءات الشبابة ومخرجين ذوي رؤى جديدة، ومختلفة، ومن هنا امكن خلق المفاجآت من خلال الاعمال التي لم تكن معهودة لدى جمهور المسرح بالخصوص.

مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف على سبيل المثال، هل يمتلك من الاليات والاعتمادات المالية، ما يؤهله لإنتاج الأعمال المسرحية، وتنظيم التظاهرات بصفة مسترسلة. وايضا دعم الجمعيات المسرحية، وتطوير اساليب عملها؟
ان ما توفره وزارة الثقافة للمركز من اعتمادات مالية كانت في السابق، تمكن من انتاج اكثر من عمل في السنة، وتنظيم اكثر من تظاهرة سنوية مع التركيز على التكوين، غير ان الاوضاع تغيرت حاليا، لا سيما بعد 14 جانفي حيث تضاعفت النفقات والاجور، والمطلوب في هذا السياق، تمكين المركز من التقنيات الحديثة الضوئية والصوتية، وايضا على مستوى الفيديو...

كثر الحديث ومنذ مدة عن القانون الاساسي الخاص بمراكز الفنون الدرامية والركحية، فما الجديد في هذا السياق، وماهي الاضافات المنتظرة من هذا القانون؟
من خلال الحديث عن القانون الاساسي الخاص بمراكز الفنون الدرامية والركحية، تجدر الاشارة الى ان النية تتجه الى بعث اربعة اقطاب مسرحية، في شكل مؤسسات عمومية غير ادارية، وتمكينها من اليات عمل تستجيب لخصوصياتها، وتمكنها من اداء مهامها، علما وان كل قطب سيشرف على المراكز الجهوية الراجعة له بالنظر. بما يمكنها من تطوير ميزانياتها والتعويل على ذاتها، بامتلاك حافلة على سبيل المثال، ولما لا امتلاك وحدة طابعة، يتم من خلالها طبع المعلقات الاشهارية للمهرجانات والتظاهرات والمؤسسات الثقافية وايضا كراء فضاءات العروض، تحت اشراف ورعاية وزارة الشؤون الثقافية وهو ما يتعذر القيام به. في حال اضفاء الصبغة الادارية على المركز.

ونحن على ابواب تنظيم تظاهرة 24 ساعة مسرح بدون انقطاع في نسختها الجديدة، فهل من استعدادات خاصة بهذا الحدث المسرحي الهام، الذي يتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للمسرح؟
هذه التظاهرة المسرحية الهامة انطلق الاعداد لها حتى تكون في مستوى انتظارات المتتبعين، والمهتمين بالشان المسرحي، الى جانب طبعا اهل المسرح من جمعيات وشركات انتاج، ومسرحيين ونقاد غيرهم، ومن هذه الاستعدادات الخاصة، البحث عن مصادر تمويل تساهم في الارتقاء بنوعية العروض المدعومة، والاتصال باصحاب الأعمال الفنية، وبالتالي توسيع مدارات واهتمامات تظاهرة 24 ساعة مسرح دون انقطاع، بما يليق بجهة الكاف المعروفة منذ القدم، بتاصل «اب الفنون» في ربوعها بما من شانه ارجاع البريق والسمعة العالمية لهذه التظاهرة، التي سيكون برنامجها هذه السنة ثريا ومتنوعا، يحتفي خلاله المسرح بعديد الفنون الاخرى، الى جانب الانشطة الفكرية والتكريمات، حيث ستكون دورة استثنائية تتجاوز فشل الدورة الفارطة.

هل يواجه التأليف المسرحي فعلا ازمة نصوص جادة وهادفة، مما ينعكس بدوره على الحركة المسرحية، والى أي مدى تقع مسؤولية ذلك على عاتق الكاتب المسرحي؟
اصبح المسرح التونسي في السنوات الاخيرة، يعتمد وفي بعض اعماله على الاقتباس، الذي يلجأ اليه بعض اهل الاختصاص في التاليف المسرحي، مما جعل الصبغة التجارية تتطغى على هذه الاعمال، باستثناء حالات نادرة، ويعتبر عنصر التاليف المسرحي من اهم العوامل المؤدية الى هذه النتيجة، نظرا لان المؤلفين المسرحيين لا يزالون يدورون في حلقة مفرغة، حول افكار مستهلكة لا تاتي بجديد الى مخزون المتلقي الثقافي والمعرفي، ومن ناحية اخرى يقع عبئ نفسي على المؤلف المسرحي في حالة اقدامه على كتابة فكرة جديدة غير مألوفة، متمثلا في ردة فعل الجمهور المتلقي تجاه فكرته التي قد تجابه بالرفض، والانصراف عنها، لافتقارها في بعض الاحيان للاطر المتعارف عليها، من حيث الجانب الاستعراضي او الترفيهي، او الحس الكوميدي الذي طالما يبحث المتفرج العادي عنه في أي نص مكتوب، او مرئي على خشبة المسرح.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115