أدباء في القلب والذاكرة: الكاتب المسرحي المتميز الحبيب بولعراس (1933 /2014)

هو صحفي وكاتب مسرحي متميز ومبدع ونموذج للمثقف الحقيقي والسياسي بامتياز... ولد في تونس وتوفي في باريس ودفن في مقبرة سيدي عبد العزيز بالمرسى ذلك هو الحبيب بولعراس الذي ظل محل احترام وتقدير الجميع (بورقيبين ويوسفيين) رغم ميله إلى شق صالح بن يوسف

في الخلاف اليوسفي البورقيبي وتقّلد مناصب سياسية هامة.

في تونس ولد الحبيب بولعراس يوم 29 جويلية 1933 وفيها تعلم حيث انتسب إلى المعهد الصادقي بعد إحرازه على الشهادة الابتدائية و «السيزيام» سنة 1946 وفي الصادقية أنهى دراسته الثانوية بالحصول على شهادة الباكالوريا بجزئيها الأول والثاني سنة 1951 و 1952 وفي الأثناء كان قد مارس النشاط الحزبي حيث انضمّ إلى الحزب الحر الدستوري الجديد عام 1949.
وفي عام 1953 سافر الحبيب بولعراس إلى القاهرة حيث انتسب هناك إلى المعهد البريطاني فدرس اللغة الانقليزية وآدابها وهناك مارس النشاط السياسي الحزبي في مكتب المغرب العربي بالقاهرة كما أنّه بالتوازي مع ذلك واصل تعليمه العالي (بالمراسلة) في جامعة ستراسبورغ بفرنسا في مجال الصحافة وانتسب أيضا إلى المدرسة التطبيقية للدراسات العليا في الاقتصاد النقدي ويبدو أنّ باريس سحرته فاختار منها شريك حياته وابتنى فيها كما في ضاحية المرسى منزلا يأوي إليه في أوقات الراحة والعطل واستقر فيه في مطلع سنة 2007 بعد انتهاء مهمته في اتحاد المغرب العربي وهناك غيبه الموت إثر صراع مرير مع المرض وذلك يوم 18 أفريل 2014 بعد مسيرة حافلة بالنشاط المتنوع في مجال الإبداع والإعلام والسياسة.

بولعراس والنشاط الصحفي
انضم الحبيب بولعراس إلى إدارة جريدة الصباح عند عودته إلى تونس من القاهرة سنة 1955 وسرعان ما توّلى رئاسة تحريرها إلى سنة 1960. وهو المتحصّل على شهادة في مجال الصحافة من جامعة ستراسبورغ الفرنسية وهو الذي سبق له التعامل مع هذه الجريدة اليومية منذ 1951 من خلال ما كان يكتبه وينشره على صفحاتها وعن هذه التجربة يقول» أكاد أقول أنني ولدت في جريدة الصباح في غرة فيفري 1951 فقد كانت فتحا عظيما في ميدان الصحافة اليومية التونسية « .
وفي 1960 تمّ تعيينه مديرا لجريدة العمل لسان الحزب الحر الدستوري الحاكم آنذاك وقد ظلّ في هذه المهمة حتى سنة 1967 . إلا انّه في الأثناء ترأس أيضا بين 1961 و1962 وكالة تونس إفريقيا للأنباء التي كان من بين مؤسسيها
كما شغل الحبيب بولعراس بعد ذلك منصب مدير الإذاعة والتلفزة التونسية إلى أن عينّه الزعيم بورقيبة سنة 1970 وزيرا للثقافة والإعلام.
وتجدر الإشارة إلى أنّ بولعراس مارس الكتابة الصحفية باللغة العربية في جريدتي الصباح والعمل وباللغة الفرنسية في مجلة « جون أفريك»

بولعراس والنشاط السياسي
سنة 1949 انضمّ الحبيب بولعراس إلى الحزب الحر الدستوري الجديد (الذي أسسه الحبيب بورقيبة عام 1934) رغبة منه في النشاط السياسي ومقاومته سياسة المستعمر الفرنسي وحتى عندما سافر لمواصلة دراسته في مصر فإنّه مارس النشاط السياسي في مكتب المغرب العربي بالقاهرة وفي العام 1955 عندما حصلت بلادنا على الاستقلال الداخلي الذي قبل به بورقيبة ورفضه الزعيم صالح بن يوسف عرفت البلاد شقين سياسيين وقد اختار الحبيب بولعراس الميل إلى الشق اليوسفي .كما انه استقال من منصب وزير الثقافة والإعلام في جوان 1971 (بعد أن كان قد تمّ تعيينه في هذا المنصب سنة 1970) ويعود سبب هذه الاستقالة إلى الخلاف الذي ظهر آنذاك في الحزب الذي يقود البلاد بين التيار الليبرالي بقيادة احمد المستيري والذي ينتمي إليه الحبيب بولعراس والتيار المحافظ الذي يضم آنذاك الوزير الأول الهادي نويرة . ويبدو أن الخلاف اشتّد واحتدّ ناهيك أن الحبيب بولعراس وقع فصله من الحزب سنة 1974.
وفي العام 1981 انتخب بولعراس في مجلس النواب وفد ترشح كعضو مستقل وأعيد انتخابه في دورتي 1989 و1994 بل انه تولّى رئاسة هذا المجلس.
إلى كل ذلك ينضاف تعيينه وزيرا للخارجية ثم وزيرا للدفاع لفترة قصيرة ليقع اختياره لاحقا لمنصب الأمين العام لاتحاد المغرب العربي وذلك من عام 2002 إلى عام 2006.

بولعراس والنشاط الأدبي والفكري
هو كاتب تونسي متمرس بالكتابة باللسانين العربي والفرنسي وقد نشرت له كتب في المسرح والتاريخ وحتى في مجال المسرح فقد كان ميّالا إلى المسرح التاريخي حيث كانت أولى مسرحياته بعنوان « عهد البراق» التي تولت تجسيمها على الركح الفرقة البلدية للتمثيل بتونس كما أنّ مسرحيته الثانية «مراد الثالث» نالت انتشارا واسعا وخلفت صدى طيبا سواء عندما تولى إخراجها المسرحي على بن عياد على الركح وجسّدتها الفرقة البلدية للتمثيل أو عندما تم إدراجها في الكتاب المدرسي لتلاميذ شعبة الآداب لدراسة مختلف جوانبها
كما أنّ كتابه «تاريخ تونس : المحطات الكبرى وتاريخ ما قبل الثورة « الذي جاء في 720 صفحة وبلغة فرنسية غاية في الأناقة يعد من أهم المراجع عن تاريخ البلاد.
لقد كان الحبيب بولعراس طيلة حياته محل تقدير واحترام لمواقفه السياسية وكذلك المستوى المرموق لكتاباته الأدبية .انه حقا كاتب تونسي متميّز يظل حاضرا على الدوام في القلب والذاكرة .

من إصداراته
• عهد البراق (مسرحية ) / نشر دار سيراس – تونس 1969
• مراد الثالث (مسرحية) / نشرميديا كوم- تونس 1999
• منطلقات الثبات / دار البستان / سلسلة أبعاد – تونس 2000
• تاريخ تونس : المحطات الكبر وتاريخ ما قبل الثورة (بالفرنسية) / دار سيراس للنشر –تونس 2012
• ملاحظة:
المسرحيتان تم تمثيلهما من طرف الفرقة القارة لبلدية تونس .أما مسرحيته (حنبعل ) فقد كتبها بالفرنسية لذلك لم يقع تحويلها إلى عمل ركحي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115