المشترك الـحبري اُلْـحــرّ الدّيباجَةُ في نقْد اُلْـحـَاجَة إلى «هُدْنة وطنيّة» تونسيّة..؟ ( مقاربة ذاتـيّة ...وذاتية جدا ... )

بالأقلام الحرة لكلّ من :
يعقوب محمد / حازم علي القصوري/ شكري ولد زهرة هروم لعويني/ سنيا سعدي/ / مفيدة بلخودي / آمنة اُلْرميلي/ محمد حمدي/ أوس حسن / وليد أحمد الفرشيشي / عبد الفتاح بن حمودة / سامية لمين/ لُطفي اُلْشَابي.

طلبتُ من الصديقات والأصدقاء مُلتمسا منهم الإجابة عن السؤال / الاسئلة التالية كما يفكرون هم بأنــفسهم بينهم وبين ذواتهم ويَسْمح لي كل واحد وواحدة أن أنْشر ورقيا اجابته باسمه الشخصي في ورقة مشتركة.

• السؤال: هل نحن في مسيس الحاجة تونسيا الى «هُدْنة» صَادقة فعلا وليست هُدنة مُسْتنفَرَة, ليست هُدنة ,مَضَضَيّة نائمة على مَضَض و ضغينة ؟
وما هي شروط امكان لتحقيق هذه «الهدنة» .. وفق تصوّرك الذاتي الشّخصي كما تفكّر بيتكَ وبين نفسك بكل حريّة ان أمْكن طبعا؟
والمشاركات تُنشر مُرتّبة وفقا لنِظام تَسَلْسُل تَسلّمها لا غير.

ليس اكتشافا «كوبكرنيكيا» أن أقول أن تُونس ما «بعد الثّورة» «مريضة» , تجْترّ مَصائبها المكرورة و مِـحَنها وأوجاعها بتسرّعها وتسريعها العنيف لتاريخها لجهل معظم أفراد شعبها ونخبتها السياسية بالتاريخ ... تاريخ تشكّلها شعبا ودولة في المحيطات العاصفة. بوصلتها الصحيّة تشير الى المجهول انْ هي ليسَتْ مَعطُوبة أصْلا هذه البَوْصَلة أو تكاد مقارنة بالمحلوم به ثوريا شبابيا والمنجز الجماعي والمقدور عليه في الواقع فعليا . ومِـحْرار حَرارتها ذاته أصابه التّلف ..أو يكاد. يكفي فقط تصفّح مؤشر المؤشرات جميعها وهو «التماسك الإجتماعي « لنُدرك أن صحتنا العامة النفسيّة والإقتصادية والعلائقية بين الافراد والمنظّمات والمنتظمات ليست على ما يرام وأنه ثمة قلق يعْصف بنفوس عموم التونسيين والتونسيات لِغْفلة عن معنى «الدولة» و»فكرة الدولة» ذاتها في عقول نخبها السياسية

والثقافية ... وغياب فكرة تقاسم اللذات والآلام وما ازياد منسوب حوادث الطرقات الكارثية والانتحارات الموجعة والمفجعة في صفوف الكهول والشباب واُرتفاع منسوب العُنف والعنف الاعتباطي و الطلاق والعُنوسة الكاسرة بين النساء والرجال ,, و»القرف من الحياة « وأمراض القلب والإنجلاط الدّماغي وارتفاع درجات «التطاحن التدافعي « المعلن والسّري بين الجهات والعائلات السياسية كما بين افراد الاسرة الواحدة والإصابات بأمراض السكتة العاطفية ... إلا الدليل الفعلى على ضرورة الحاجة الى ابرام هُدْنة مع ذواتنا لنلتقط _ وان ليس في القريب العاجل _ بعض أنفاسنا ليستعيد هذا الشعب وزنه الحضاري واتزانه السلوكي . بل نحن تونسيا في حاجة الى «هُدَنٍ» على جميع الأصعدة والكف عن الكذب الإشْهاري والإستشهاري على أنفسنا . كلمة «الهُدنة» هي المحرار الآن والبَوْصلةُ كما أشار لذلك أكثر من قلم موجوع في هذا الوطن . ويعنينا جميعا تونسيا أن نعرف ما» معنى الحياة» أصلا هذه التي نبذّرها بلا اكتراث فتصيب قلوب شبابنا التجاعيد قبل الأوان كأنما « سعادتنا الشخصية لا تُبنى إلا بتتعيس وتَعاسَة حياة الآخرين وعلى حسابهم , « الحياة

بالمعيّة » بالحياة «بالمقاسمة» و«المساهمة» وفق المشترك الجمالي في أزمنة اللين كما في أزمنة الأزمات والمحن , «احترام الحياة انما هو المطلب الأخلاقي والجمالي والمدني الأكيد نحن الذين رفعنا سياسيا شعارا شِعريا يتغنّى بورقيبا _ مثلا _» بفَرْحَة الحياة «كما تُغُنيَ» «تجمعيا» « بجودة الحياة » .آه كم تحن في مسيس الحاجة تونسيا الى هُدْنة صَادقة فعلا وليست هُدنة متربصّة مُسْتفرة, ليست هُدنة ,مَضَضَيّة نائمة على مَضَض و ضغينة أو تلك التي تسميها الاوراق القديمة كما في موسوعة «صبح الأعشى للقلقشندي» (الجوء 14 ص 3) هُدْنةٌ على دَخَنٍ «بمعنى» سُكونٌ على غلٍّ وقد تكون سميت بذلك لما يوجد من تأخير الحرب بــِسبيها ويبدو لي أننا فعلا في مسيس الحاجة تونسيا وعربيا وكوكبيا الى معاني «الهدنه» وما يـُرادفها من ألفاظ و مفردات تبيّن تشابك مجالاتها وثراء حقولها الدلالية دون غفلة عن «الحروب العادلة».

و«حركات الإحتجاج المشروعة والشرعية». كـمْ يحتاج العالم , كل العالم إلى علم جديد . فلسفة جديدة وأنتروبولوجية جديدة يمكن لي أن أطلق عليها « علم الهُدانة» أو «الترافولوجيا الكونية» بمعناها الشامل trêvelogie Universalis اذ تفتح كلمة الهُدنة على:
1الموادَعة 2 المصالحة 3 المسالمة 4 المقاضاة بمعنى الفصْل والحُكم ... كما وردك الأمر منذ الأزمنة البعيدة في الأوراق القديمة .

(1)
• يعقوب محمد:
سيدي الكريم... هنالك قول شائع مفاده أنه ما بنيى على باطل فهو باطل. والملاحظ أن كل ما إستجدّ بعد فترة 17 ديسمبر 2010 و 14 جانفي 2011 جاء على عكس المأمول والمتوقع ولذالك نجد انفسنا اليوم تجاه واقع بالمواصفات المريرة التي ذكرتم في ورقتكم المعروضة. لكن ما السبيل إلى إدراك «فرحة الحياة» التي ينشدها ويستحقها شعبنا... القوة والعنف كما الحوار المغشوش والتوافق الملغوم أثبتت التجربة إفلاسهم وأسقطت ورقة التوت عن عورة المروجين لهم. نعم نحن «في مسيس الحاجة إلى هدنة» مع ذوانتا أولا... ينبغى على كل فرد منا أن يقوم بما اصطلح عليه ميكانيكيا بعملية Purge قبل أن يخطو أول خطواته نحو الذات-الأخر. الهدنة - بل الهدن كما قلتم -واجب وضرورية لكن مع التأكد من صدق وحسن نوايا مهندسيها و المكلفين بترجمتها إلى واقع حتي لا يكون مصيرها كسابقاتها وحتى يضمن لها الديمومة والنجاه... شكرا على المبادرة. / محمد جاكوب/.

(2)

• وليد أحمد الفرشيشي
حتى الآن لا أعلمُ حقّا إن كانت هذه الهدنة ستكون صالحة على صورة هذا الشعب الصالح أم لا؟ الحقيقة أني أرفض هذه الهدنة التي تتوسل بمشروع «استقرار» هلامي هو على النقيض أصلا من حاجة هذا المجتمع للتغيير بما يعنيه ذلك من توفير جرعات صراع مركزة- ربّما لأن قلبي كما عقلي لا يحبذ شريعة الدجاج- كما أعترف أنه حين تعترضني هه المفردة، اي الهدنة، ارفض أيضا أن أضع علامة إعجاب على شفتيها المتهدلتين واركضً هاربا...هاربا...إلى حيث الحياة تلك الحياة التي لا تؤمن إلا بالصراع كطريق وحيدة نحو الفرز. بلادنا تحتاجُ هذا، أي الفرز، لا هدنة نعوم فيها كما يعُوم دجاج «الحاكم» مُقطّعا في الشوربة.

(3)
• حازم علي القصوري:
نعم الهدنة مطلوبة للوقوف مع الذات ..الآنا المتعالي ..و هذا مطلوب وطنيا لتفادي الإنزلاقات إلى مربع العنف..الصراع..الحرب الأهلية..لأن الحروب تبدأ بالهزائم المتبادلة وتنتهي بتعداد الضحايا والخسائر.. الهدنة طريقة لحلحلة الأزمة و الخروج بها نحو التفاوض وإجاد الحلول بالطرق السلمية..لبناء سلام دائما ..هذا ويفترض توفر الرجال الخلص ..والإرادة الصادقة لدفع نحو هذا الطريق.

(4)

• شكري ولد زُهرة هروم لعويني:
لا يهمّني كثيرا درجة الالتقاء و التقارب مع الدعوة أو درجة الاختلاف و التباعد معها أو درجة الحماس لها و التفاعل النقدي معها ، بقدر ما يهمّني تعميم وتقاسم الدعوة فبصيرة الفيلسوف و الكاتب المفكر الحر والمثقّف المستقل و المحايد المنحاز للوطن و الشعب و أوجاعه تظل البصيرة التي نحتاجها و يحتاجها أولي الأمر علّهم بها يصبحون أولي الألباب لأنّ المثقّف هو روح الوطن القدس الذي يرفع عنهم غشاوة الأنا المنتفخة و الأنانية المشطّة و عمى الألوان لوكانوا يفقهون ...
تونس في حاجة لشكون يحس باها و يحس بأهم... وهذا ما لمسته في هذه الدعوة الصادقة . كل الحب و التوقير ...

(5)
• سُنيا سَعْدي:
عن أي هدنة تتحدث سيدي ؟ الهدنة حين تكون القوى متوازنة و هناك بابا للتفاوض و ايجاد الحلول .أما ما تعيشه تونس فانها اخلالات بالجملة على جميع الاصعدة .فكريا و ثقافيا و اقتصاديا .الهدنة أن أتنازل عن حقي الشرعي في اصلاح الخور و محاربة الفساد لإعطائهم فرصة أكبر للتغوّل و الاستبداد ؟.لحرق ما تبقى من غصن أخضر وازهاقا لأرواح بريئة ذنبها أنها تونسية الحلم ؟.عن أي هدنة نتحدث و السراق يقتلعون أظافر المهمّشين والفقراء بل يغْتالون النّوم بأعين الرضع .و يهدرون دمع الثّكالى والأرامل بلا شفقة و لا رحمة .أرى الهُدنة هي ما يتداولونه حين يشيرون الى المصالحة و التغاضي عن أفعالهم وجرائهم القذرة .لتفتح الملفات جميعها و تكشف الوجوه ثم نتحدث عن هدنة و افساح المجال لمن يريد أن يتُوب.

(6)

• مفيدة بلخودي :
فعلا نحن بحاجة أكيدة إلى هدنة صادقة وجادة للإنكباب فعليا على إصلاح ما أفسدوه. أساس هذه الهدنة لن يكون إلا بالقيام بثورة ثقافية فكرية لتحقيق تنمية مستدامة. لأننا فعليا نعيش أزمة ثقافية مما ساهم في اتساع الهوة بيننا وبين أنفسنا وبيننا وبين هذا الوطن الجميل. هذا الفراغ ولد العديد من المظاهر الإجتماعية والايديولوجية والاقتصادية المفزعة والمخيفة كالانتحار وظاهرة عبدة الشيطان والعنف المسلط علينا من بعض القنوات الخاصة والاحتكار وغلاء المعيشة... فالتنمية ليست الاكتفاء بتحقيق لما هو اقتصادي وحسب وانما يتجاوز ذلك إلى كل ما هو إبداعي جاد. منفتح على الحياة يشمل الموسيقى والأدب والشعر والفلسفة والعلوم وغيرها من الفنون التي من شأنها ان ترتقي.

(7)
• آمنة الرميلي:
لمَ اختيار «هدنة» بدل «مصالحة» مثلا؟ في وعي السائل كما في ذاكرة اللفظ دوائر دلاليّة متحرّكة كثيرة. منها أنّ الهدنة لا تكون إلاّ بعد حرب وهذا لبّ المسألة، المجتمع التونسي الآن بقواه وأحزابه ومؤسساته وتيّاراته الإيديولوجية في حالة حرب وتقاتل وتطاحن على الحقيقة لا على المجاز، حرب تبدأ من العنف اللفظي وتنتهي بالذّبح. ومنها أنّ طلب الهدنة يعني أنّ الوضع غير مسيطر عليه وأنّه غير مستقرّ، فالهدنة لا تعني أبدا الاستمرار وإنّما هي كتلة زمنية محدودة يمكن بعدها العودة إلى الحرب. ومن دلالات «الهدنة أيضا أنّ طلبها يكشف أنّ ما يحصل هو نوع من الفتنة، إذ الهدنة تأتي بعد فتنة كما جاء في «لسان العرب»، فهل هو حكم على ما حصل منذ 14 جانفي 2011 كونه ضربا من الفتنة؟ المصطلح يقول ذلك!.. ولعلّ أخطر الدّوائر الدّلاليّة في لفظ «الهدنة» هي تلك المرتبطة بـ»الدّخن» و»الأقذاء» ومعناه أنّ قلوب القوم لا ترجع أبدا إلى ما كانت عليه، ما يعني أنّ «الهدنة» اختيار لا صفاء فيه ولا ثقة في عراه.. هدنة؟! لنقل «مصالحة» أو «مسامحة» أو «مواطنة»، ولنترك «المهادنة» لأنياب الحكّام ومخالبهم!

(8)
• محمد حمدي:
إنّ تونس قبل انتفاضة 17 ديسمبر 2010 و 14 جانفي 2011 لم تكن بخير إطلاقا و إنّما النّاس كانوا يخشون العصا البوليسيّة الغليظة ممّا جعلهم يركنون إلى الاستكانة لكن بعد هذه الانتفاضة و ما ترتّب عنها من ضعف لأجهزة الدّولة سقطت كلّ الأقنعة عن الجميع . فالسّياسيون بكلّ توجّهاتهم ( لا أستثني أحدا ) لا يملكون مشروع بناء وطن و لا همّ لهم إلّا ما يقتطعونه من الوطن الذي تحوّل عندهم إلى كعكة كلّ طرف يسعى إلى قضم الجزء الأكبر منها كما انكشفت عورة المجتمع التونسيّ الذي ظهر وجهه الحقيقي بلا مساحيق فإذا به كمّ بشريّ لا صلة تربطه بالمواطنة و تجلّت حقيقته الموجعة كمجتمع تعشّش فيه الجهويّة والمحليّة والعروشيّة و لا علاقة له بالدّولة الحديثة ومنجزات الحداثة و تأكّد أنّه مجتمع فهلويّ ذو عقل مستقيل لا يمتلك أيّة حصانة فكريّة أو ثقافيّة ممّا جعله جسدا هشّا متهيّئا لتقبّل كلّ ضروب الاختراق . أمام هذا الواقع الذي عدّدتَ أدواءه أستاذ سليم و هي خطيرة و متنوّعة و هي تؤشّر كلّها إلى شرّ مستطير يتربّص بهذه البلاد ما طريق الخلاص ؟ إنّ الخلاص يكمن في إنجاز ثورة ثقافيّة و لا شيء غيرها ، إنّها فرصة يهبها التّاريخ للنّخبة المثقّفة المستنيرة كي تؤسّس النّوادي الفكريّة و الأدبيّة و الفنيّة وتنزل من عليائها لتلتحق بالأحياء الشعبيّة في المدن الكبرى و القرى و الأرياف وتؤسّس مقاهي الشّعر و الفلسفة ..و تساهم في تطوير وعي النّاس بكلّ أشكاله و تخليصهم من رواسب عقود التصحّر الثقافيّ. دمت حرّا أستاذ. مودّتي وتقديري.

(9)

• أوس حَسن:
لست تونسيا، وأتمنى أن أحمل هذه الهوية الجميلة منذ أن زرت تونس الخضراء في عام 2005 - ان لم تخني الذاكرة- ! .. أتمنى أن تقف تونس على قوانين وأنظمة، ترسم رسما، وتهندس هندسة، وتبنى على قواعد متينة لا يقترب منها أحدا، ويوافق عليها كل أحد، وعلى أن تجدد هذه القوانين والأنظمة كل عشرة سنين حتى تتكيف على الحاضر الذي يعيشه الجيل التونسي الجديد، وأن يرتكز هذا الدستور -ان صحت التسمية- على مبادئ وقيم أخلاقية إجتماعية إنسانية أساسها ضمان الحريات للجميع ثم ينبثق منها أي هدنة صادقة، لكن من دون هذه القوانين والأنظمة أعتقد بأنه لا يمكن لتونس أن تتحرك للأمام شبرا واحدا.
أخيرا لا أستطيع الإنكار على مسلمة ان الإنسان يجب أن يقيد، هذا التقييد يمس تحديدا جانبه الوحشي أو الحيواني البغيض الذي يصنع أو يتصنع الحروب والنزاعات الدموية والفكرية.
تحياتي الخالصة لك يا سيد سليم دولة فيلسوفي العربي المفضل!
(10)

• عبد الفتاح بن حمودة
لقد صدمني هذا السؤال لأنّي لم أكن أنتظره مطلقا. فكلمة «هدنة» تبدو لي بعيدةَ المنال مثل الله والمطلق والميتافيزيقيا. نسيت هذه الكلمة منذ عقود فقد عشت في حرب دائمة مع ذاتي.
إن كلمة «هدنة» تذكّرني بشيء كائن خارج المدارات الشعرية، بشيء يعادل الطمأنينةَ التي لم أنم في أحضانها يوما.
لم أعش هدنة طوال حياتي. فقد أمضيتها شقيا يائسا من كل شيء تقريبا.. من الله والمطلق وكلّ الأكاذيب المتعالية خارج دائرة الخير والشرّ والجنة والنار. أعيش قلقا أبديا، ربما هو مُتَأتٍّ من انخراطي في عالم شعري هو عالم الكلمات. أعيش في خليّة نحل يوميّة وحلمي الوحيد هو إكمال مشروع الكتابة الذي حَلُمت به. حُلُمي الوحيد هو بناء تجربة شعرية مختلفة عن السائد والمألوف، ضدّ هذه الحضارة العربية التافهة التي بُنيت على المشافهة والزّيف والدّسائس والمكر والمنابر وثقافة الأذن والتّلقين.
إن لحظة السلام الوحيدة تلك التي أكتب فيها نصّا جديدا أو أقرأ فيها نصّا جديدا لمحاربة جهلي المدقع. ففي كل يوم أقرأ فيه شيئا جديدا أكتشف عطالتي وهشاشة بيتي. الشيء الوحيد الذي يحرّرني هو القراءة أو الإنصات إلى الموسيقى. أعود كلّ مساء إلى أحزاني التي لن أُشفى منها أبدا ولو كُتبت لي حياةٌ ثانيةٌ.
لن أثق في حياتي بأيّ مجرم أو لصّ أو تاجر دين. لا هدنة مع المجرمين واللّصوص وتجار الدين.

(11)

• سامية لمين:
La Tunisie malade a besoin d’une trêve ! Une trêve (hodna) en temps de guerre, de conflit ou de crise sert les deux partis opposés par la cessation provisoire des hostilités. Et toute négociation dans ce sens doit favoriser l’humanitaire et le meilleur POUR TOUS et en aucun servir un clan au détriment d’un autre. Pour cela, il incombe que la bonne intention et l’honnêteté soient de règle.

La trêve proposée par le gouvernement impose une condition à son vis- à-vis, l’UGTT : arrêter tout mouvement de protestation et toute réclamation financière. Soit. Nul n’est contre les sacrifices pour la paix sociale car aussi provisoire qu’elle soit elle va permettre au tunisien de retrouver son équilibre perdu depuis le 14 janvier... MAIS, de l’autre côté, quelle garantie propose t-on pour assurer toutes les conditions d’une pause réelle qui permettent aux deux partis de reprendre leur souffle? La loi des finances qui devrait être votée dans les jours qui viennent me parait mettre TOUT le poids des sacrifices sur la classe défavorisée et déjà assez épuisée pour endurer plus. En revanche, la classe favorisée aura sa bouée de sauvetage: toutes les faveurs l’exemptant de souffrir plus... Ainsi, elle, seule, aura à profiter des bienfaits de la trêve au détriment des plus démunis.

Quand on veut la paix, il faut que TOUS se sacrifient pour le BIEN-ETRE DE TOUS: un break, « bien intentionnés», pour les plus aisés de la société et les amis du pouvoir n’est pas ce qu’il faut pour que la Tunisie malade guérisse... Des mots à mesure des maux, voilà ce qu’il faut ! (Je m’excuse; le texte est long.)
(12)

 

• لُطْفي اُلْشّابي:
« هُدْنة» سمعت أوّل مرّه هذه الكلمة العجيبة حين كنت طفلا لم أتجاوز السّابعة. كان لوالدي دكّان صغير لبيع المواد الغذائيّة، وكنت أنا وأخي الكبير نعمل في الدكّان وقتا كاملا، بلا هُدنة، إلاّ تلك التّي تهبُها لنا المدرسة أو الليل. ذات يوم، جاء أحد المزوّدين الخواصّ محمّلا ببضاعته (كان يبيع زيت اللّوح على ما أذكر ) فلمّا رآه أخي من آخر النّهج قادما على درّاجته النّارية وكرّوسته الحديديّة، هتف بي قائلا: « هاو الهُدنة جاء « التفتّ فإذا بالسيّد السّمين المكتنز الحنكين ببلوزته السّوداء وكبّوسه الأحمر يدفع درّاجته النّارية الموتوبيكان الحمراء بجهد جهيد ويلهث.. لم أفهم ما تعنيه تلك الكلمة، فنظرت إليه مستفهما وهمستُ: «ماذا تعني؟» قال: « هذاكا.. سمّيتو هدنة.. » لم أستطع طيلة سنوات طويلة أن أفهم المنطق الذي ربط به أخي صورة ذلك الرّجل بهذا المصطلح.. والآن، وأنا أقرأ

سؤال السيّد الكاتب الحرّ وديباجته أعلاه، قفزت إلى ذهني تلك الصّورة، وحاولت أن أرى العلاقة بين المعنى الخفيّ الذي ربّما التقطه أخي بعفويّة الطّفل التي كانت فيه أنذاك.. لعلّه شعر بأنّ ذلك الرّجل السّمين الذي كان يرهق والدي وهو يقتضيه الدّين ويرفض التّخفيض في السّعر ويبالغ في الشّكوى من كساد السّوق وقلّة الرّبح، كان شكله الذي يدلّ على النّعمة والرّخاء يكذّب كلّ ما يدّعيه ويُقسم على صحّته.. أقول: ألا تكون الهدنة (كلّما تمّ اللّجوء إليها) سلاح القويّ الذي يخشى أن يفقد القليل من قوّته، أو الغنيّ الذي يرفض أن يتنازل عن الجزء من ثروته، أو المنتصر الذي يريد أن يثبّت نصره من أقصر طريق وبأقلّ التّكاليف الممكنة؟ من يطلب الهدنة عادة؟ ومتى؟ في المواقف الغائمة من جهة القويّ، وفي حال الرّيبة، أمّا الضّعيف فإنّه لا يعرف أصلا لها معنى إلاّ خيف منه حين يغنم بعض القوّة أو

ينتبه إلى ما فيه من قوّة التي يغفل عنها. لا معنى للهدنة حين تتعادل القوى.. ولا معنى للهدنة حين تكون الطّريق سالكة لمن يطلب شيئا ويستطيع تحصيله.. الحكمة دائما هي « حكمة القاهر الغلاّب « متى امتلك أدوات القهر وتيقّن من نفاذ أمرها.. أمّا العاجز فلن يعرف للهدنة معنى، لأنّه لم يُخلق إلاّ ليُطحَن ويًعصر ويمتصّ ثمّ يُسحق متى انتفت الحاجة إليه وصار غير قادرا على إنتاج ما يُنتج. عندها قد يدخل في هُدنة قسريّة نهائيّة خاتمة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115