رغم التحضيرات منذ الصائفة الماضية لإحياء ذكرى مائوية ميلاد الأديب محمد المرزوقي: وزارة الشؤون الثقافية تتراجع وتنظمها في يوم واحد في العاصمة..!

خلال زيارة وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين إلى ولاية قبلي في 8 اكتوبر المنقضي المندرجة في إطار منح إشارة انطلاق قبلي مدينة الفنون ، سلّم بمتحف دوز مدير المهرجان الدولي للصّحراء بدوز الأستاذ الشريف بن محمد مشروعَ مقترحيْن إلى الوزير، الأوّل في إقامة

الفقرات المختلفة لفعاليات الدورة 49 للمهرجان ، والثاني إقامة مائوية الأديب مَحمّد بن مصطفى المرزوقي.

تقبّل الوزير المقترحيْن إيجابيا كما عبّر عن استعداده لدعمهما وعيّن لهيئة المهرجان موعدا قريبا لعقد لقاء آخر في مقرّ الوزارة بتونس العاصمة وفعلا تم ذلك يوم الثلاثاء 25 أكتوبر 2016 حيث فوّض يومها للمهرجان مع وعد الوزير بدعم التظاهرتيْن بمبلغ لا يقلّ عن 300 ألف دينار ..لكن مؤخرا حصل تراجع في هذه الوعود من قبل الوزارة قررّت تنظيم يوم دراسي في المكتبة الوطنية بمناسبة مائوية المرحوم محمد المرزوقي وذلك يوم الجمعة 27 نوفمبر.
مدير الدورة اﻻستاذ الشريف بن محمد أكد أن إدارة المهرجان الدولي للصحراء بدوز أخذت مائوية شيخ الأدباء مَحمّد المرزوقي على عاتقها في هذه الدورة الـ 49 وكانت قناعتها واضحة أنّ الرّجل يستحقّ وأنّ المهرجانَ مدينٌ له بالكثير فهو من مؤسّسيه وأنّ دوز والعاصمة ليسا متخاصمين في هذا الباب ...

لحساب مَن يقع إهمال هذا الحدث في مدينة المُحْتَفَى به؟
وأضاف مدير المهرجان «الشريف بن محمد» في تصريح لـ»المغرب» :» قدّمتُ إلى وزير الشؤون الثقافية عندما جاء إلى دوز ملفا كاملا عن مشروع الدورة 49 للمهرجان وملفا ثانيا متكاملا عن مشروع مائوية المرزوقي. وقد لاحظ جميع من حضر اللقاء اهتمامَه الخاصّ بالملفّ الثاني حين قال أمام الجميع :»هذا ما نحتاجه» ... وطلب منّا المجيء إلى العاصمة لترتيب الأمر في جلسة رسمية ... وهو ما حصل فعلا يوم الثلاثاء 25 أكتوبر 2016 حيث وجدنا من الوزير دفاعا عن مطالب الجهة أكثر ممّا أعددنا في ملفّاتنا المكتوبة أو مرافعتنا الشفوية وقد فوّض لنا في تلك الجلسة أمرَ المائوية على أن تسبق زمنيّا المهرجانَ بيومين وقد تمّ هذا بحضور المندوب الجهوي للشؤون الثقافية بقبلي ونائبين من مجلس نوّاب الشعب عن قبلي هما زهير المغزاوي ومحمد علي البدوي ... وقد وعد الوزير أمام مرأى الجميع ومسمعهم بدعم التظاهرتيْن بمبلغ لا يقلّ عن 300 ألف دينار وقال ما معناه: «يكفي تلك الجهات ما عانت من التهميش»، وبناء على هذا الوعد توسّع الحلم وبُنِي برنامج أكثر طموحا من حيث الفقرات المقدّمة ونوعيّة الضيوف وقيمة الفعاليات الفنية ...لكن الأيام والأسابيع التي تلت هذا اللّقاء كانت مختلفة إذ صارت تتوارد علينا أخبار سلبية ولاحظنا كلّ مرّة نوعا من التراجع أو التراخي أو التباطُؤ في تنفيذ ما اتفقنا عليه ولنا فيه محضر جلسة رسميّة ...».

اتّضحت الآنَ الصورةُ بقرار الوزارة وبالتحديد اللجنة المسؤولة عن الدّعم التخلّي عن المائوية في دوز وقبلي والاكتفاء في مائوية المرزوقي 2016/1916 بيوم فقط في العاصمة (في فضاء المكتبة الوطنية) لا بل إنّ لجنة الدعم قرّرت التراجع في المبلغ المالي المتّفق عليه والاكتفاء بـ 80 ألف دينار فحسب.. ومن نتائج ذلك أنْ ذهبت كلّ الجهود المبذولة منذ الصّائفة الماضية سدى: ضاعت الجلسات المتعاقبة وجهود التنسيق والتخطيط ومحاولة استضافة جهات علمية كثيرة من تونس ومصر وليبيا والجزائر ولها عنايةٌ بالمرزوقي وولع بالبحث في الموروث أو عرضه وتوثيقه.. فلحساب مَن يقع إهمال هذا الحدث في مدينة المُحْتَفَى به وهي المورد الغنيّ في التراث اللاّمادي والموروث الشفوي والشعر الشعبي؟ ولماذا الإصرار على احتفاليّة عاصميّة بيوم يتيم؟..

غضب من التهميش والإقصاء
في علاقة بهذا الموضوع شدد الباحث في الشعر الشعبي التونسي الاستاذ بلقاسم بن جابر على انه من الغرائب ان مندوبيات جهوية أخرى للثقافة ستحتفل بمائوية المرزوقي بينما تحرم مدينته ومسقط راسه وولايته من احتفالية خاصة به وهي التي اعدت في ذلك ورقة وانعقدت فيها اربعة اجتماعات مع اغلب الفاعلين الثقافيين وقرروا برنامجا واضحا وثريا.. يجري هذا بعد ان ابلغت الوزارة هيئة مهرجان دوز الدولي بعدم ادراج المائوية ضمن فعاليات المهرجان وبعد هذا كلَّه يتساءلون عن حقيقة غضب الناس من التهميش والاقصاء وهم يمعنون في تكريسه حتى في المجال الثقافي.. لم نطلب درهما ولا دينارا نطلب فقط حقوقنا الثقافية... تجدر الإشارة الى ان الباحث بن جابر كان قد وجه الى وزير الشؤون الثقافية مراسلة جاء فيها خاصة: «يشغلني أمران اولهما الاحتفال بمائوية الاديب التونسي سي محمد المرزوقي وثانيهما عمليَّة تدوين التراث الشعري الشعبي التونسي، أما الامر الاول فان موعد المائوية انطلق يوم 22 سبتمبر تاريخ ميلاد الاديب محمد المرزوقي و المحتفى به رجل ساهم في أغلب المناشط الثقافية والعلمية وكتب في اغلبها نحو أربعين كتابا منشورا فضلا عن عشرين

مخطوطا فهو مسرحي وقصَّاص وشاعر بالفصحى والعاميَّة ومؤلف لكلمات اروع الاغاني التونسيَّة ومدوَّن للأدب الشعبي التونسي ومناضل وطني وهو الى ذلك كلَّه ابن وزارة الثقافة التي تقلَّد فيها ادارة الادب الشعبي نحو عشر سنين كانت زاخرة بالعطاء كما سنشير في المسالة الثانية.. فالامر يتطلب احتفالية مميزة تشارك فيها قطاعات شتَّى دفعا للحركة الثقافية العامة وتقدير لأحد رجالات تونس الافذاذ الا اننا نلاحظ فتورا اتصاليا وتنظيميا يتطلب لفتة حكيمة من جنابكم ..ومنذ ايام كنت مع أحد الاكاديميين المصريين المختصين في التراث اللامادي الدكتور حمد شعيب فقال لي «ان رجلا في حجم محمد المرزوقي يتطلب احتفالية ضخمة تحت الاشراف السامي لرئيس الجمهورية».. أما الامر الثاني فهو لا يقلَّ أهميَّة ويتصل بمدوَّنة الشعر الشعبي التونسي وهذه معضلة وأية معضلة ولا يخفى عليكم الاخلال العلمي والتوثيقي الخطير الذي وقع منذ نحو عام بإخراج مدوَّنة متعجَّلة من عشرة أجزاء كانت ضربا لقيمة شعرنا الشعبي (وقع تجميد العمل وعدم نشره) ولسنا بصدد الطعن في علميَّة من اشرفوا عليه ولا البحث في طريقة عملهم ولكننا تنفسنا الصعداء عندما لم ينشر ولم يطلع عليه المتخصصون في دول مجاورة اصدرت مدونات الملحون فيها بحرفية عالية واشركت المختصين والخبراء اذ ان صون التراث اللامادي للامم والشعوب لم يعد مسالة وطنية فحسب بل هي تحت رعاية ومسؤولية منظمة اليونسكو ولوائحها».

«سيدي الوزير اضاف الباحث بلقاسم بن جابر ان هذا العمل الجبَّار والفضل الكبير للمرحوم محمد المرزوقي في جمع هذا الشعر وتصنيفه وتدوينه وهو عمل ضخم يتطلب عناية وحرفية وخبرة وعذرا ان قلت انه يتعرض للناهبين والانتهازيين والبدائيين بينما يستبعد الاكفاء ومنهم من كان سندا للمرزوقي في جمعه وتوثيقه مثل السيَّد صالح الملَّيتي الذي كان مديرا لإدارة الادب الشعبي بالوزارة قبل تقاعده ومنهم السيد علي سعيدان احد أهمَّ الخبراء بالشعر الشعبي وأدب الغنَّاية.. تجدر الإشارة إلى أن حالة من الاستياء والغضب تسود المهتمين والفاعلين في المشهد الثقافي بوﻻية قبلي بعد تراجع وزارة الشؤون الثقافية عن تعهداتها إزاء المهرجان الدولي للصحراء بدوز لاحياء ذكرى مائوية ميلاد الاديب محمد المرزوقي وتعيين يوم في مدينة تونس دون التفات إلى مسقط رأسه دوز.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115