قهوة الأحد: عود على الأيام السينمائية لقرطاج نبش في ذاكرة مهملة

الأيام السينمائية لقرطاج فرصة كل سنة للقاء أصدقاء أعزاء تمنعني المشاغل والضغط اليومي من قضاء أكثر وقت معهم للحديث عن ذكريات الزمن الجميل وكذلك عن مشاريعهم المستقبلية وأحلامهم - فعلا فحتى بالسينما نرجع الى سنوات الشباب الأولى وأغلب سينمائيي اليوم

هم أصدقاء وزملاء الأمس - العديد منهم أصبح من أهم مبدعينا اليوم وأنا فخور بهذه العلاقة الحميمة والتي ساعدت كثيرا في فتح آفاقي على العالم.
ذهبت إلى حفل افتتاح العيد الخمسين للأيام السينمائية وحضرت بعض العروض - ولعل أهم من العروض والأفلام والمقابلات هو المشهد الاحتفالي للعروض الذي يدخل فيه شارع الحبيب بورقيبة طيلة أيام المهرجان ليصبح ملتقى آلاف من الشباب يتابعون في القاعات المظلمة جزءا من آمالهم وأحلامهم.

في هذا الخضم وهذه الجموع التقيت بالصديق الناقد خميس الخياطي والذي جمعتني به علاقة صداقة منذ سنوات.. فصاحبت مقالاته النقدية الى أن تعرفت عليه ؤأصبحت أقتات من معينه وزاده وثقافته السينمائية الكبيرة... وهنا أريد الاشارة الى أن تطور السينما في بلادنا وبروز هذه التجربة الثقافية الهامة والتي تحسدنا عليها عديد البلدان هو نتيجة لعديد الانجازات في عديد المجالات منها التشريعات والمؤسسات والمهرجانات والانتاج وصناعة الأفلام - على أن هناك مجالا لا يأخذ حظه بالقدر الكافي عندما نحكي عن السينما التونسية ألا وهو مجال النقد السينمائي والذي له دور كبير في دعم الثقافة السينمائية وفي بروز أجيال عديدة من المخرجين متشبعين بمبادئ الكتابة السينمائية ومطلعين على أهم التجارب السينمائية في العالم -

وتجربة النقد السينمائي في بلادنا ليست وليدة اليوم بل ترجع في جزء كبير منها الى جامعة نوادي السينما التي شكلت المدرسة الأولى للنقد في بلادنا وتطور تجربة النقد السينمائي في تونس وظهر الى جانب الأساتذة الجامعيين الهامين كـ الهادي خليل والطاهر الشيخاوي وعبد الكريم قابوس وعديد النقاد الآخرين أذكر على سبيل الذكر لا الحصر سميرة الدامي والصديق منير الفلاح والصديقة منيرة يعقوب وغيرهم وساهم هذا الجيل في ظهور حركة نقدية سينمائية لعبت دورا هاما في تنمية الذوق السينمائي في بلادنا وفي الدفاع عن سينما راقية وملتزمة...

وقد ساهمت هذه الحركة النقدية في ظهور عديد المجلات السينمائية كجحا والفن السابع لصاحبها مصطفى النقبو وشاشات تونسية لصاحبها منير الفلاح الى جانب تأثيث عديد الملاحق والمقالات في الجرائد والمجلات في بلادنا - كما ظهرت منذ سنوات جمعية تهتم بالنقد السينمائي حاولت تجميع النقاد وتنظيم تظاهرات للنهوض بالنقد السينمائي في بلادنا -

وفي هذا المشهد النقدي الثري في بلادنا يبدو الناشط خميس الخياطي والذي أفنى سنوات طويلة من عمره في الدفاع عن السينما في بلادنا وفي الدفاع عن السينما العربية وسينما العالم الثالث في أوروبا وفرنسا والذي أصدر مؤخرا مؤلفا هاما تحت عنوان «خمسون من السينما التونسية» وأصدره المركز الوطني للسينما والصورة والذي لم أطلع عليه بعد، وخميس قدم لنا من جبال الكاف العالية وبالتحديد من القصور وقد انسحب من التعليم الذي هيأته له مدرسة ترشيح المعلمين ليذهب الى الجامعة ويعيش أحلام الشباب في الثورة في نهاية السنوات الستين وليتتلمذ على أيادي أساتذة مثل Michel Foucault وخليل الزميطي الذين زرعوا فيه ثقافة الثورة والرفض - وسيواصل هذه التجربة في - فرنسا وعلى مقاعد جامعة nanterre والتي ستبدأ تجربة جديدة ومغايرة للسائد في ذلك الوقت في البحث والدراسة.

وسيبدأ هناك تجربة هامة في النقد السينمائي في France culture أو اذاعة فرنسا الثقافية أين قضى 20 سنة في تقديم الأفلام العربية والافريقية - كما ستكون له تجربة نقدية في مجلة اليوم السابع أين أشرف على الصفحة السينمائية...
وبعد سنوات طويلة من الهجرة عاد خميس الخياطي الى بلادنا وكان المدافع الشرس عن السينما - فساهم في انتاج عديد البرامج السينمائية في التلفزة التونسية عرفه من خلالها الجمهور العريض وأذكر منها «سابع الفنون» و «السينما حكاية» و «صورة وصوت» و«أسبوع السينما» و«شارع السينما» والتي كانت أول.....

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115