في المهرجان الدولي «مسرح بلا إنتاج» بمصر: «سكات من ذهب» و»نهيّر خريف» في تمثيل لتونس

مرّة أخرى يسجّل المسرح التونسي حضوره في المهرجانات الثقافية الدولية إذ تشارك هذه الايام مسرحيتا «سكات من ذهب» و«نهيّر خريف» ضمن فعاليات الدورة السابعة للمهرجان الدولي «مسرح بلا انتاج» بجمهورية مصر الشقيقة الذي ينتظم من 3 إلى 10 نوفمبر الجاري

حيث عرضت المسرحية الأولى يوم 4 نوفمبر الجاري بقاعة بيرم التونسي وتعرض المسرحية الثانية يوم الثلاثاء 8 نوفمبر الجاري بمكتبة الاسكندرية.

يسجّل المهرجان في دورته الجديدة مشاركة مغربية من خلال مسرحيتي «في آخر الليل»و»الهواوية»وتكون المشاركة المصرية من خلال 4مسرحيات وهي»مكان مع الخنازير»و»لعبة القلب الأسود»و»أغلقت القضية» و»مصيدة الفئران»كما تكون المشاركة العراقية من خلال مسرحية»خريف»وتسجّل البحرين مشاركتها من خلال مسرحية»السايكو»ومن جهتها تكون المشاركة الكويتية من خلال عملين وهما «حفلة على الخازوق»و»الزيارة»في حين تكون المشاركة السعودية من خلال مسرحية»المنزل»أما المشاركات الاوروبية فتكون من خلال العمل الألماني «إيكاروس» والبلغاري «Pygmalion» ليكون اختتام فعاليات هذا المهرجان بالمسرح الكبير بمكتبة الاسكندرية حيث سيتم توزيع الجوائز على المسرحيات الفائزة في مسابقات هذه التظاهرة الدولية

وبالنسبة الى المشاركة التونسية والتي ستكون من خلال مسرحيتين منها مسرحية «نهيّر خريف»التي سبق لها أن مثّلت بلادنا في فعاليات مهرجان « الويكاند المسرحي « بالدار البيضاء بالمملكة المغربية في دورته الخامسة خلال شهر ماي الماضي وهي عمل مسرحي من انتاج شركة خديجة للانتاج لصاحبتها وداد العلمي و مدعم من وزارة الشؤون الثقافية وهي دراما شعرية من فصل واحد تتضمن شخصيتان فقط وهي عن نص للكاتب الانقليزي هارولد بنتر الحائز على جائزة نوبل سنة 2005 وترجمة للدكتور رضا بوقديدة وهي كذلك وحسب الملحقة الصحفية لهذا الانتاج الزميلة حنان قم تندرج ضمن الدراما الاجتماعية ومسرح الغرفة الذي اشتغل عليه بنتر في أغلب نصوصه وهي تصوّر حياة زوجين «داود» و»باء» تعرفا على بعضهما عند مشغلهما ساسوكي حيث كان «داود «يعمل سائقا وكانت «باء» مدبّرة شؤون منزله لكن لم تجمعهما الا غرفة ضيقة في دلالة على ضيق المكان ومغلقة تترجم قطيعتهما الابستيمولوجية والاجتماعية مع العالم الخارجي وهي قطيعة امتدت الى حياتهما حيث تسترجع المرأة الحالمة الباحثة عن نصفها المطمئن المريح الامن دون جدوى وذكرياتها على شاطىء البحر في حين يهذي الرجل المثقل بهموم الواقع وحده ليسرد حكاياته مع كلبه

وعن هذا العمل تقول حنان قم»تبدأ المسرحية وتنتهي والزوجان يجلسان في إحدى زوايا مطبخ كبير أجرد وموحش... كلّ في مكانه... منفصلين لا يلتقيان... بينهما ممر طويل هو بمثابة مجاز لعزلتهما وانفصالهما الأبدي وهما يواصلان سرد ذكرياتهما بصوت عالٍ في محادثة شبه شبحية حيث تستعيد- باء- ذكرى أحلامها المضيئة عند شاطئ البحر وحكاية الرجل الذي كان يستلقي معها عند تلال الرمل و- داود - يتذكر خيانته لها وجولاته المتكررة مع كلبه في المتنزه وحكاية الرجل العابر الذي التقاه في الحانة ولكن باء وداود لا يتحدثان معنا أو إلينا ولا إلى بعضهما البعض إنما كلٌّ يتحدّث إلى نفسه و ما يجري أمام أنظارنا هو وجود شخصيتين منفصلتين عن بعضهما البعض فيزيائياً وعاطفياً فضلاً عن انفصالهما عن البيئة التي يتواجدان فيها و هذه الصورة تبدو لنا مجازاً أشبه بلوحة زيتية لمنظر طبيعي ساكن وخالٍ من الحركة تماماً

ويتميّز ايقاع هذه المسرحية بالتدرّج البطيء والصمت في عدة مواقع وكأن اللغة أضحت عاجزة عن ايجاد سبل التواصل أو كأن البطلين أخفقا في استخدام اللغة فعمدا الى لغات بديلة مثل الحركة وتقاسيم الوجه والجسد مع نبش متواصل في الذاكرة للبحث عن نقطة مضيئة قد تجمعهما أو جمعتهما لكنهما يعودان الى نقطة الصفر في عبثية واضحة المعالم لتظل حياتهما مجرد ذكرى مثل لوحة زيتية أو منظر طبيعي غيّبه المناخ المتقلّب

وخلال هذه العمل لاحظنا ان الممثلة الشابة نورهان بوزيان أبدعت في تجسيد دور المرأة الوحيدة التائهة الحالمة كما تميّز الممثّل توفيق البحري في دور خرج عن المألوف من أدواره الكلاسيكية القديمة كما أن اخراج هذا العمل كان نقطة مضيئة تحسب لمنتجة العمل التي أحسنت اختيار الشاب محمد علي سعيد لاخراج هذه المسرحية حيث أضفى مسحة ابداعية على أجواء النص الاصلي الذي أبدع في ترجمته من قبل الدكتور رضا بوقديدة وعلى آداء الممثلين باستعماله أدوات مسرحية معاصرة تتعالى عن مجرد المنطوق الكلاسيكي حيث ساعدت براعة محمد علي خليفة على توظيف الأضواء وسلامة الذوق المعرفي لجليلة مداني في اختيار الملابس مما أهّل هذا العمل المسرحي ليكون علامة من علامات تطوّر الفن المسرحي ببلادنا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115