إضاءة: في التفاوت البيئي والعدالة المناخية

يطرح مؤتمر المناخ في نسخته 22 المبرمج بمراكش في موفى السنة رهانات تغيير المعادلات ومحو الإشكالات البيئية، الناجمة عن ندرة الموارد، في مناطق البلدان النامية وتزايد الضغوط التنموية ، واستتباعاتها الكارثية على المنظومات البيئية الهشة في هذه البلدان,

وقد عملت عديد الدول النامية على الدفع نحو إقرار خطط تهدف لتكريس العدالة المناخية، وأشار عدد من قادة بلدان الجنوب إلى ضرورة إرساء عدالة مناخية للمليارات من الفقراء في هذا العالم، على أساس أن عبء كبح الانبعاثات يجب أن يقع على عاتق الدول المتقدمة.
ففي المرحلة السابقة لمؤتمري باريس ومراكش المناخيين، كان على العالم النامي تحمل أكثر من حصته العادلة من المسؤولية، في حين يحمل العالم المتقدم مقدارا أقل من حصته العادلة، وأقل بكثير من سعة تحمله.

ومن المنتظر أن يكون المؤتمر المقبل سيكون «فرصة لتغيير ميزان القوى على الصعيد الدولي، وتقوية الضغط على الدول الملوثة والسلطات العمومية ومؤسسات القطاع الخاص، والتعبئة من أجل إنصاف الشعوب، باتخاذ إجراءات عملية من أجل نهج سياسات وطنية ودولية تضمن سلامة الشعوب وحقوقها في بيئة سليمة وعيش كريم، لا سيما شعوب الجنوب التي تتحمل عبء ومخاطر التلوث وتدمير التوازنات البيئية».

ولم تجد قوى المجتمع المدني في عديد البلدان، ومن بينها تونس، والمغرب عبر الصندوق العالمي للطبيعة، من حل سوى إنشاء كتل وتحالفات مدنية من أجل تقوية حظوظ الضغط وفرض الموقف خلال المنتدى البيئي المناخي الموعود، والعمل على التوصل لتكريس ولو تدريجيا للعدالة المناخية لكن ذلك يبقى مبادرة مفتوحة أمام جميع الطاقات المدنية من نقابات وحركات اجتماعية ومنظمات وجمعيات، لكي تتقاسم هذه الأهداف في احترام تام للتنوع واختلاف المقاربات، وتتجه مثل هذه المبادرات الواعدة إلى تقوية علاقاتها من أجل التعبئة

والضغط الدولي، بالانخراط في المبادرات الجهوية والإقليمية والدولية قبل وخلال وبعد مؤتمر مراكش، من أجل عالم آخر ممكن وضروري وملح.

فالبيئة بما هي مخزون بيولوجي وإن عدها البعض أعدل الأشياء توزيعا بين البشر، ليست في الواقع كذلك، فالخصائص الطبيعية ليست متجانسة حتى داخل البلد الواحد، والسياسات التنموية قد لا تتجه بالضرورة للتخفيف من وطأة التفاوت بين حظوظ سكان المناطق ، وهو ما يترتب عنه التضحية بموارد طبيعية ، على غرار الغابات ، حيث يتعرض الغطاء الغابي، لاستغلال مفرط من بعض المجموعات السكانية التي لم تحظ بالإدماج في دورة التنمية.

وهو ما يحيل لأهمية إدراج الاستدامة في مختلف المخططات والمقاربات ، وتبني منهج الاقتصاد الاجتماعي-البيئي، وأن يتم التوقف عن اعتماد الحيف والتخطيط الإقصائي أو الجائر ضد بعض الفئات والجهات، بأن تتضمن السياسات الإنمائية الوطنية بالضرورة ضوابط توجيهية ومكونات رئيسية تستهدف لضمان حد أدنى من الإنصاف في مجال التنمية ، وحتى لا تكون البيئة ضحية الخلل، والموارد البيولوجية ومنظومات الطبيعة، الضريبة التي تدفع للتخفيف من وطأة الفقر وضعف التنمية.

وكما في السياق المناخي الدولي، تشكل الجمعيات البيئية والتنموية المحلية ، قوة رئيسية دافعة وضاغطة في اتجاه التوعية والتحسيس بحقوق مختلف الفئات السكانية والجهات الجغرافية الأقل حظا، من أجل وقف مظاهر الحرمان والتجاهل، وإقرار اتجاه جدي نحو مقاربة تنموية مدمجة للمتساكنين، تأخذ في الاعتبار الأبعاد الاقتصادية والبيئية والاجتماعية في المشاريع المرسومة.

إن للمجتمع المدني والجمعيات النشيطة والمتكتلة، والمسلحة برؤى واضحة وإرادة فعلية للتغيير الإيجابي في الواقع البيئي والتنموي قدرات متنامية على تغيير المعادلات وضمان تحقيق روح التنمية المستدامة، و بلوغ متجهات التنمية العادلة وتفادي مظاهر الفجوات واللامساواة في توزيع حظوظ التنمية والمشاريع المدرجة ضمن الخطط التنموية المستقبلية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115