إضاءة: زفرة غرنوق قبل النفوق

خبر غير مؤكد، تشييد صرح لطائر تونسي مميز، ومحمية كبرى تضم مآلف ومعابر لتفريخ الطيور ومشاهدتها بسلام..

خبر أكيد، استمرار المجزرة المفتوحة، والعبث المرعب بجل أصناف الطيور المستوطنة والمعششة والعابرة عندنا..
هو الجهل أو التجاهل، أو الاستباحة في غياب الوازع والرادع والرقيب..

لا اكتراث لطيور تنفق، او تعدم، وتزهق أرواحها كل يوم، بين صيد عشوائي، واتجار محظور، ولهو وعبث..

هل يفتقر فعلا كل المشاركين في جرائم تدمير العصافير عندنا للضمير، ام أن للذوق والحس الجميل، أو ربما للإيمان والفهم الحقيقي لكتاب الكون ونفائسه التي حمل الباري عباده أمانة تعميرها والحفاظ عليها والتدبر فيها؟

هل يدرك المبصرون، ما تتميز به البيئة الطبيعية من ثروات تضم النباتات والحيوانات والطيور ، وما تتميز به هذه البيئة هو التنوع الحيوي، وللطيور اهمية كبيرة في حفظ التوازن البيئي ، حيث تعمل الطيور على تنقية المزارع من القوارض والحشرات الضارة بالتربة، كذلك فإن للطيور دور ايجابي في الطبيعة حيث هناك «علاقة الافتراس والتطفل..» وما الي ذلك؟
هناك طيور مثل (ابو منجل، ابو قردان، الهدهد، ابو فصادة، الزرزور، الابلق)، مثل هذه الطيور تقوم على تنظيف التربة الزراعية من الديدان الضارة بالتربة ، فتنقي الطيور الافات والحشرات والديدان الضارة بالتربة والتي تتلف المزروعات.

كذلك هناك طيور وجدت لكي تعيد توازن البيئة ، مثل النسر والذي يتغذى على الجيفة اى الحيوانات الميته، حيث يمتاز النسر بنظره الحاد الثاقب، فيستطيع ان يرى من على بعد كبير فريسته، حيث نجد النسر يأكل الجيفة والفئران والزواحف، فنجدها تخلص الارض من الاشياء التي تضر بها لتعيد التوازن البيئي.
«الطيور المهاجرة توفر خدمات هامة جدا للنظام الإيكولوجي للبشرية، وحمايتها ينبغي ألّا تكون لأسباب جمالية أو ترفيهية فقط، وإنما لأنها جزء من النظام الإيكولوجي، ونحن البشر نرتبط أيضا بصحة النظام الإيكولوجي ومن خلال حماية الطيور نحن أيضا نحمي مستقبلنا.»
على سبيل المثال، وباعتبار ان بلادنا، معبر لملايين الطيور المهاجرة، تمثل هذه المجموعات الهامة من زوارنا الموسميين، وعابري بلادنا، ثروات غنية بالأبعاد والتنوع الحيوي والدلالات التي يرصدها المختصون يحصونها ويتعمقون فيها.

ووفقا لبيانات برنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإن غالبية الطيور تهاجر من مناطق التكاثر الشمالية إلى الجنوب في فصل الشتاء. ولكن بعض الطيور التي تولد في الأجزاء الجنوبية من أفريقيا تهاجر إلى مناطق الشتاء الشمالية، أو بحذاء خطوط العرض للتمتع بالمناخ الساحلي الأكثر اعتدالا في فصل الشتاء.
وتعد الهجرة رحلة محفوفة بالمخاطر وتعرض الحيوانات لمجموعة واسعة من التهديدات، غالبا بسبب الأنشطة البشرية. وبما أن الطيور المهاجرة تعتمد على مجموعة من المواقع طوال رحلتها على طول طريقها، فإن فقدان هذه المواقع يمكن أن يكون له تأثير كبير على فرص بقاء الحيوانات.
وتحلق هذه الطيور المهاجرة لمسافات طويلة وتعبر العديد من الحدود بين بلدان ذات سياسات بيئية مختلفة، مما يستلزم تعاونا دوليا بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية وغيرها من أصحاب المصلحة على طول خطوط الهجرة حتى يمكن تقاسم المعرفة وتنسيق جهود الحفاظ عليها.
ألم يطلق أحباء الطيور، وجمعيتهم النشيطة صيحة فزع لما يجري في سوق المنصف باي، وغيرها من ساحات القتل الممنهج لأرق الكائنات، قد يخفف ذلك، ما رسمه عديد الشعراء من وحي الطيور، وشدوا:
علمتني العصافير لغة الحرية، ووهبتني تقاسيمَ عربيٍة تأبى الضيم.

علمتني العصافير لغة الجد والعمل

وتجرعت من زقزقتها لغة الحرية وأنَّ الحرية أسمى ما يرنو إليه الكائن وحبسه موت بطيء.
علمتني العصافير لغة تغيب عن البشر.. إنها لغة المودة والحب وهي تسبح في ملكوت الله.. ليس للـريح سوى أصواتـِها تسمعها، فتتوارى مع زقزقات لا يفهمها إلا المرهفون.. فما أجمل تلك الأصوات التي تبحث

عن مأوى بين ضلوع أضحت حيرى.
يا ليتني مثل الطيور أحلق في السماء.. وأجوب البلاد.. وأركب البحار.. وأقطع الصحاري.. وألقى الأحباب.. ولا أرى الأحزان .

تأمل الطيور المحلقة في السماء
ووفائها المكنون في قلبها الصغير
رائعة تلك الطيور دائماً متفائلة

وفي الحياة مستمرة
تقاسي البرد فتهاجر

تبحث عن مأوى الحب والحنان
والعطف المفقود

وهي على أمل لقاء بيت السعادة..
وعش الحنان والمحبة

كم هي جميلة أنظر إليها تأمل لها..
يا ليتنا مثلها.. نعفوا عن زلاتنا

ونكن عوناً في مصائبنا..
ولا نلقي اللوم على أحد منا

إلا ترى صمت الطيور وصبرها..

رحم الله زمن الطيور الجميلة الذي خلف وراءها قلباً متعباً يحن إلى الصبا.. يحن إلى زمن البراءة.. يحن إلى تلك الليالي الخوالي.. يحن إلى البساطة، يحن إلى النغم الأصيل..
احمليني أيتُها الطيور وأجعليني أحَلِق معكِ إلى السماء الصافية حيثُ دفء الشمس يملؤها أو حلقي بي في السماء الداكِنة حيثُ تحرسني النجوم ويضيئ القمر دربي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115