إضاءة: الشراكة المغاربية لصد التغيرات المناخية

لم تكف تضحيات الأجداد والرواد وأبناء جيل التأسيس لضمان ولادة طبيعية

لاتحاد المغرب العربي الذي مرت عقود على إعلان مبدإ إنشائه دونما ترجمة عملية لبنائه في واقع البلدان المغاربية وشعوبها الخمسة.

ولم تشفع الطبيعة والجغرافيا والتضاريس في إلهام الساسة الخطوات المطلوبة للانتقال التدريجي نحو توليد الكيان. ولم تكف التجارب الإقليمية والدولية المشابهة في أصقاع الدنيا وتظافر الشتات والتقاء الفرقاء دينا ولغة وأعراقا في كيانات موحدة,
ما زال المغرب العربي، حلما مؤجلا، كما الوطن العربي، وكأنما قدر الأمة أن تدفع الأجيال اللاحقة ثمن ضعف الهمم وقلة الوعي والإدراك لحتمية الالتحام والتوحد..

تحكي الطبيعة والحال المناخي اليوم بلغة أكثر حدة، فهل يصغي أصحاب القرار وسواهم من الفاعلين قبل فوات الأوان؟
لقد وجد الباحثون أن تغير المناخ قد يجعل بعض أجزاء شمال إفريقيا دافئة جدًا بحيث لا تصبح صالحة للحياة في المستقبل، واليوم الكثير من المدن الساحلية الكبرى شمال إفريقيا مثل الإسكندرية والدار البيضاء وطرابلس وتونس أصبحوا أكثر عرضة لآثار التغير المناخي طويلة المدى.
تقف منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخطوط الأمامية من المواجهة مع تغير المناخ. وحسب تقرير البنك الدولي الصادر بعنوان «خفضوا الحرارة: لماذا ينبغي تفادي ارتفاع حرارة الأرض 4 درجات مئوية» (البنك الدولي، 2012)، ترتفع درجة حرارة المنطقة ومعدلات الجفاف بها باطراد. وهناك خمس دول عربية من بين البلدان التسعة عشر التي سجلت ارتفاعات جديدة في درجات الحرارة عام 2010، وهو العام الذي شهد أعلى ارتفاع في درجات الحرارة عالميا منذ بدء تسجيلها في القرن التاسع عشر.

لم يكن في الإمكان خير مما كان؟
قد يجيب السلبيون بأن الإكراهات وضغوطات الواقع وتناقضات السياسة وبيروقراطية الادارة ولزوم ما يلزم، حال دون تجسيم الحلم الجماعي القديم.

حتى التناقضات والتحديات والمخاطر المحدقة بجميع البلدان المغاربية ، غير كافية لتحريك السواكن، والدفع في اتجاه تبني خيارات العمل الجماعي والتكاتف في مجابهة الأخطار المحدقة؟
فالتغير المناخي يحمل معه ارتفاعا في درجات الحرارة وتناقص الأمطار وتراجع عائدات الزراعة والسياحة وغيرها من مضاعفات التغيرات المناخية والاحتباس الحراري، وهو ما يحتم دون شك رسم أجندة مشتركة لضمان مواجهة صلبة لتلك التداعيات التي تضم ارتفاع مستوى البحر ومن ثم اختفاء بعض الجزر والمناطق.
هل تلعب الشدائد كما كان الاستعمار المباشر قبل عقود دورا محفزا لرص الصفوف لإحكام التصدي ومنع الخطر من الاختراق والضرب مع الإصابة في مقتل.
لم لا يفكر القادة والساسة في اتحاد مغاربي بيئي للتنمية المستدامة، قبل وجود هيكل إداري مؤسساتي للاتحاد، وبعض المؤسسات التي يتطلع العارفون والمهتمون لأن يكون لها دور فاعل وتأثير في مجريات الواقع المعيش لشعوب المغرب العربي.

هل يترقب المعنيون بالأمر حدا كارثيا أدنى معينا للانتباه لخطورة الوضع ودواعي التحرك المحتم في ظل التهديد الوشيك؟
هل ينتبهون يوما لضرورة إعادة بناء عقلهم السياسي، وترتيب أجندتهم في ظل الإطار الطبيعي وخصائصه ، بما يستتبع من تأسيس لمراصد لجمع المعطيات وتبويبها وتحليلها في خصوص الواقع المشترك للبيئة والتحولات والسيناريوهات المحتملة، ومن ثم الكوارث والأزمات والأحداث القصوى المتوقعة وحجم الأضرار المصاحبة؟
هل يفيق الغافلون قبل أن يأتي يوم ، وقد عاشوا بما يكفي ليكتشفوا حجم غبائهم وحماقتهم في سنوات أهدروها في قرارات وسياسات ولامبالاة ولزوميات ما لا يلزم و..؟

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115