إضاءة: تغير المناخ ..يعنينا

لفتت أعاصير ضربت الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرا وما جاورها الانتباه لحقيقة تحول ظاهرة التغير المناخي لوقائع مدمرة وتمظهراتها لجوائح حادة وحوادث طبيعية ازدادت قوتها، وهي، أيا كانت معدلاتها

وآثارها، شاهد على مرور التغيرات المناخية، إلى سرعة جديدة تنسف أوهام المشككين، وتؤكد خطورة الأطوار القادمة من الحياة على الأرض بالنسبة للبشر، إن لم يتخذوا التدابير الضرورية لتقليص المخاطر والتأقلم مع السيناريوات المناخية المحتملة.

مع ذلك، وبالنظر لطبيعة سلوك فئات ومجموعات ومنوال حياتهم ونشاطهم، ما يزال كثيرون يرون في تغير المناخ أكذوبة ، او هاجسا غير واقعي، أو لا يعني هذا الجيل..

كثيرون يتجاهلون لأسباب شتى شبح الغد السيء المقترن ببعض من تمظهرات التغير المناخي وآثاره السلبية المتوقعة..

البعض يستبعد الحقائق المؤكدة بواسطة دراسات مرقمة، جبنا، ويحاول نفيها لمرارتها ولما تتضمنه من سيناريوهات جفاف وكوارث وارتفاع مستوى البحر وأزمات غذائية..

قبل خمس سنوات حذر تقرير علمي من أن أكثر من 100 مليون شخص سيموتون، وأن النمو الاقتصادي العالمي سينخفض بنسبة 2.3 % من الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام 2030 إذا فشل العالم في التصدي للتغير المناخي.

وقال التقرير ، أنه مع ارتفاع متوسط درجات الحرارة في العالم بسبب الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري ستهدد الآثار على كوكب الأرض ومنها ذوبان طبقات الجليد وشدة ارتفاع حرارة الطقس والجفاف ومستويات مياه البحار المرتفعة السكان وسبل العيش.

وقدر التقرير أن 5 ملايين حالة وفاة تحدث سنوياً نتيجة تلوث الهواء والجوع والأمراض جراء تغير المناخ والاستخدام الكثيف للكربون، وأن الحصيلة ربما ترتفع إلى ستة ملايين سنوياً بحلول 2030 إذا استمرت الأنماط الحالية لاستخدام الوقود الأحفوري.

وقال التقرير الذي قدر الآثار البشرية والاقتصادية للتغير المناخي على 184 دولة في الفترة من 2010 إلى 2030 إن أكثر من 90 % من حالات الوفاة ستحدث في بلدان نامية.

ويعلم الكثيرون بمن فيهم متجاهلو الظاهرة، أن درجات الحرارة ارتفعت بالفعل بحوالي 8 درجات مائوية عما كان قبل عصر الصناعة. ووافقت 200 دولة تقريباً في 2010 على الحد من زيادة متوسط درجات الحرارة العالمية إلى أقل من درجتين مائويتين لتجنب آثار خطيرة جراء تغير المناخ.

لكن علماء في المناخ حذروا من أن فرصة الحد من الزيادة دون درجتين مائويتين آخذة في التضاؤل مع زيادة الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري جراء حرق الوقود الأحفوري. وتؤكد التقارير على أن البلدان الأكثر فقراً في العالم هي الأكثر عرضة للخطر لأنها تواجه مخاطر متزايدة تتمثل في الجفاف ونقص المياه والمحاصيل والفقر والأمراض. 

وفي المقابل، لن تسلم حتى الاقتصادات الأكبر والأسرع نمواً من تأثيرات التغير المناخي، فقد تشهد الولايات المتحدة والصين انخفاضاً بنسبة 1.2 % في الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030، بينما قد تعاني الهند تراجعاً بأكثر من 5 %.

ووفق دراسة أخرى بالنسبة للدول العربية فإن السودان مثلا يعاني وضعا كارثيا كونه البلد العربي الوحيد ضمن قائمة الدول العشرة الأكثر تضررا في العالم، حيث سيؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة معدلات الجفاف والتصحر، وشح موارد المياه، الأمر الذي يعني تعاظم النزاعات بين التجمعات البدوية التي تعيش على الرعي والمجتمعات الزراعية، ومن المتوقع أن تمتد الظاهرة إلى مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا ودول الخليج.

دعوة لطيفة للجميع، بمن فيهم المربين ، لشرح الظاهرة وتوعية النشء بخطورتها وضرورة التعامل معها بما يلزم من حكمة ومسؤولية حفاظا على سلامة الموارد والمنظومات والمقدرات وتفاديا للسيناريوهات السوداء المحتومة، لا قدر الله.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115