إضاءة: تجربة نموذجية في المجتمع المدني

يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر..

حكمة تنطبق على ثراء جداول المجتمع مقابل محيطات الدولة كما تنعكس على حال الجمعيات الفتية حيال مؤسسات عمومية وحكومية عريقة.
وفي المغرب الأفصى الشقيق تجربة غنية بالدلالة وزاخرة بالدروس وتتمثل في مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة وهي منظمة بعثت قبل ما يزد عن خمسة عشر عاما لتتوسع مجالات تحركها فتشمل التربية والتوعية والتثقيف وتتجه لإنشاء جيل من البيئيين الشباب المسؤولين وتسهم في دعم شبكة واعدة للإعلاميين البيئيين الشباب ببلدان المغرب العربي تكمن المهمة الرئيسية للمؤسسة في التحسيس والتربية على التنمية المستدامة.

في إطار هذه المهمة، تتوجه المؤسسة إلى العموم انطلاقا من التلاميذ إلى غاية ذوي القرار الاقتصادي والسياسي مرورا عبر الفئات الواسعة من المجتمع.
تنمي المؤسسة الوعي بالرهانات البيئية وبالحق في بيئة سليمة وكذلك بالتنمية المستدامة كما هو منصوص عليها في دستور المملكة المغربية.
ومن خلال التربية والتحسيس، تهيء المؤسسة الأجيال المستقبلية لكي يتولوا بأنفسهم الحفاظ على إطار العيش الخاص بهم والانخراط الدائم في نهج التنمية المستدامة.

وفي إطار تطبيق برنامج عملها، ترجع المؤسسة إلى الالتزامات التي أخذها المغرب على عاتقه أثناء انعقاد قمم ريو 1992 و 2012 وجوهانسبورغ سنة 2002، وإلى كون المملكة أنزلت في ميثاقها المتعلق بالبيئة والتنمية المستدامة القانون الإطار والاستراتيجيات الوطنية المترتبة عنه والمتفحص في مسار عمل المؤسسة يقف على ثراء رصيدها وتنوع مجالات تحركها بما يجعل منها نموذجا خاصا ومضيئا بالنظر لحجم الفعل والأثر الملموس في عدد كبير من مجالات حماية البيئة والاستدامة.

وفي نظرة عابرة لبرامج المؤسسة، يبدو التزامها بعدد هام من المجالات الهامة على غرار حماية السواحل، وتطوير السياحة الخضراء، والتربية البيئية، وتغير المناخ ونوعية الهواء وحماية الحدائق والمنتزهات..
وتعتبر المؤسسة في مسارها ومنهجية تحركها وغزارة مبادراتها حقا تجربة متفردة تدعو إلى الدرس والاستئناس

فبالرغم من الإشراف الرسمي وقيادة المنظمة من قبل شخصية سياسية بامتياز تحظى بالتقدير والاعتبار في المجتمع والدولة، فإن وتيرة عمل المنظمة والتطور المتنامي لنشاطها وحضورها البارز في مختلف ساحات العمل البيئي داخل المملكة وفي المنتديات والمؤتمرات الدولية يحرض على البحث في سر النجاح ودواعي الديمومة، عدا عن إرادة رئيسة المؤسسة، التي تحرص على الحضور شخصيا وإدارة الجلسات الهامة وخاصة مجلس الإدارة.

إن تنوع المشهد الجمعياتي وثراءه في المنطقة العربية وتوسع دائرة التنافس في خدمة المسألة البيئية تفتح السبيل لبروز نماذج لجمعيات يزداد زخم عطائها ويتصاعد مستوى فعلها والتزامها البيئي أيا كانت قيادتها وأعضاؤها وطبيعة مرجعيتها.
ويطرح النجاح الواضح لتجربة مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة السؤال المشروع حول كيفية الاستفادة من تلك التجربة واستثمارها على المستوى المغاربي والعربي، وهو ما بات متاحا بفضل استعدادها الواضح للتعاون وممبادرتها لدعم مشاريع بيئية إقليمية وعربية.

فعلى سبيل المثال كان للمنظمة دور رئيسي في إنشاء شبكة للصحفيين البيئيين الشباب بشمال إفريقيا عبر دورات تدريب عن بعد وورشات تبادل وتتويج منتظمة بالرباط، ومساهمتها في أنشطة إقليمية حول التوعية والتربية البيئية بعدد من العواصم العربية والمغاربية وحتى الإفريقية.
كما تحيل التجربة على أهمية وجود قدر من الالتزام لعدد أدنى من الأشخاص التزاما صادقا يقر في القلب ويصدقه العمل، ورؤية عمل ذات أفق منفتح ومنهجية عمل ذات أولويات وأدوات محددة.

ومن النقاط الهامة المستخلصة في تجربة مؤسسة محمد السادس تواصلها مع مختلف الفاعلين، عموميين وخواص مجموعات وخبراء، وكذلك اعتمادها نهج الشراكة مع عدد محترم من الأطراف والمؤسسات والجهات بما يضمن سهولة تنفيذ البرامج ودقة التصويب وإحكام المتابعة.
إن تجربة مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة واحدة من الحالات الدراسية المفيدة في قراءة المشهد الجمعياتي البيئي العربي الحديث لاستكشاف أسباب حيويته وقصص نجاحه..

للتذكير أنشئت مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة في جوان 2001 بمبادرة من الملك محمد السادس. وأوكلت رئاستها منذ البداية إلى الأميرة للا حسناء.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115