إضاءة: المجتمع المدني والسياحة الخضراء..

هل يسأل السائح البسيط الباحث عن متعة سهلة بأبخس الأثمان عن..ما السياحة البيئية والمستدامة والخضراء؟


هل يمكن للمرء أن يقضي أجمل وقت في عطلته بمكان ساحر، دونما وقع سلبي وبصمة إيكولوجية رهيبة باهظة؟

هل يسع الحشود التائقة لممارسة ذواتها في لحظات استرخاء بعيدا عن تشنج العمل وتوتر المدينة ونسق روتين الحياة، دونما كوابيس ضرب للتوازنات البيئية ولحيوية الأنظمة البحرية الشاطئية وغيرها من مراكز الاحتشاد السياحي القياسية خلال ذروة الاصطياف؟

هل يمكن أن يطرح مثل هذا السؤال، في غد منظور، غير البيئيين وأنصار الطبيعة وناشطوها؟

بل قل، هل ثبت بعد أن السياحة مريضة بأحادية اللون، وداؤها ، فردانية المنتوج..شمس وبحر وسرير؟؟

هل تأكد لمن يهمه الأمر، أن المنوال السياحي القديم، الاستهلاكي التقليدي البسيط، خبا بريقه وضاقت مجالات إشعاعه وباد عمره الافتراضي ونز ضرعه؟

أم إن الأمر يستدعي براهين أخرى تؤكد الهشاشة وتثبت القابلية للتلاشي ووهن جسد مريض متداع للسقوط؟

منذ عقود بدأ العالم يتغنى بالرجوع لأصل الطبيعة، وما أحلى الرجوع إليه,,

ومنذ سنين طورت في أنحاء الدنيا أشكال مبتكرة لمنتجات سياحية تشد فئات من السياح وتستقطب الزوار من أنحاء الدنيا دونما اعتماد مفرط وأبدي على موارد الطبيعة المحدودة واستنزافها حتى الإبادة الوشيكة..

في بلدان كثيرة طويت صفحة السياحة التقليدية، ونفر منها السياح وانفض هواة العطل والإجازات، وبات حلمهم الاستجمام في فضاءات خضراء، وعبر مسالك ومتنزهات وفنادق حاملة لعلامات الجودة البيئية، منها راية زرقاء، ومفتاح أخضر..

واجتهد مستثمرون وباعثون ووكلاء أسفار ومعهم مختصون في حماية البيئة ومنظمات ومانحون، لإنشاء منظومات استقطاب و ترفيه سياحي تحمل مقومات السلامة البيئية من حماية للموارد والمنظومات التي تحتضن الزوار، وتتضمن حدا أدنى من متعة اكتشاف معالم بيئية لم يلوثها البشر ولم تعبث بها أطماعه وجشعه ونزواته النهمة والفوضوية...

لم يعد وطننا العربي بمعزل عن سياق تنويع المنتوج، وتنمية الأنشطة السياحة البديلة ذات المسحة البيئية، والأثر اللين على الموارد والتوازنات..

وقد عاشت عمان الأردن مؤخرا على وقع ورشة تشاورية نظمتها الايسيسكو و تمحورت حول دور المجتمع المدني في تطوير هذا الصنف من السياحة المسؤولة( أو الخضراء والبيئية والمستدامة)...

ولم تعد بلادنا كما شقيقاتها وإن بوتيرة مختلفة بمنأى عن سياق الانتقال للنمط البيئي والمستدام والتأقلم مع مستلزمات التنمية السياحية المربحة دونما استنزاف لأسباب حياة الأجيال القادمة.

وتتنوع مبادرات الجمعيات البيئية والتنموية في سبيل تطوير مسالك للرحلات والسفرات والتنزه في فضاءات بيئية في الشمال والجنوب تحمل طاقات استقطاب وجاذبية خاصة وتنطوي على معادلة الممتع المتمنع.

المستقبل للسياحة والتنمية المستدامة، والأفق الرحب لمشاركة الجمعيات ومكونات المجتمع المدني التي تتصدر المشهد وتتقدم عربات القاطرة المجتمعية والتنموية.

فالسياحة الايكولوجية تتطلب جهدا إضافيا وكلفة خاصة سواء من جهات التهيئة والتنمية، او من الزوار والسياح.

ومن شأن الجمعيات والمنظمات أداء دور الوسيط، والشريك، والمحامي لسان الدفاع عن الطرفين في آن، المنظومات البيئية، والسياح..باقتراح مشاريع تحفظ المواقع الطبيعية الهشة ، وتيسر النفاذ لها، لكن بضوابط تضمن صيانتها وديمومتها

فللمجتمع المدني، كما بينت مشاريع قادها الاتحاد الدولي لصون الطبيعة والصندوق العالمي للطبيعة مع جمعيات بيئية محلية، قدرة خاصة على تحقيق تلك المعادلة وإنتاج نماذج عملية ذات صبغة توضيحية ودلالية لإمكاينة الاستثمار المربح والناجح في مجال السياحة البيئية والخضراء.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115