إضاءة: الخردة وعبير الرسكلة والتثمين

قضايا الخردة ملأت الدنيا وشغلت الناس وأسال شبح توقيف معمل الفولاذ واستمرار انحسار المؤسسة الرائدة إفريقيا مخاوف عامليها لحد مجاوزة المحظور وتحدي رمز من رموز السلطة في زيارة رسمية أخيرة للمكان بجهة بنزرت.


ما زالت النفايات برغم الجهود والبرامج الهامة المتراكمة، تشكل عبئا وزائرا بغيضا يسعى الناس للتخلص منه بأي صورة من الصور.

أسئلة عديدة يطرحها مثلا و بكل براءة المتعاطون لأنشطة مرتبطة بالفولاذ وكثير من المنشغلين بهاجس البيئة ..لم لا تبعث أجهزة فنية خاصة بجمع هذا الصنف من النفايات بطرق واضحة مهيكلة وتتسم باللامركزية بما يضمن استعادة كافة الفضلات المعدنية وحطام السيارات والأجهزة المشابهة من مختلف الجهات والمؤسسات والإدارات.

كل ذلك بالتوازي مع مشروع منتظر لصيانة مخزون الأساطيل المعطبة والمعطلة من آلاف العربات والآليات المهملة في مآوي بعض المؤسسات بسبب قطع غيار بسيطة جدا في غالب الأحيان.

الرسكلة أو التثمين والتدوير منجم لا يقل مخزونه قيمة عن أثمن المعادن غير أننا لم ننتبه له كما يجب والرسكلةعمليّة مُعالجة للموادّ المُستهلكة، بحيث تُعاد إلى الشّكل الخام لهذه المادة، لتُصنّع مرّة أخرى فيُعاد استخدامها والاستفادة منها من جديد. أو يمكن تعريفها أيضاً بأنّها عملية استخدام المورد الطبيعيّ مرّة أُخرى بعد إعادة تصنيعه .

كأن البعض من اللاهثين وراء كماليات ترف ومؤثرات بذخ واستعراض لم يدركوا ما لديه من فوائد بيئيّة واقتصاديّة واجتماعيّة كبيرة جدّاً، وتُعتبر أفضل طريقة على الإطلاق للتخلّص من النّفايات والحفاظ على سلامة البيئة والإنسان، ولذلك، انتهجت كثير من دول العالم المُتقدّم سياسات إعادة التّدوير للتخلّص من النفايات.

لماذا لا يتم تطوير رؤية متكاملة للمنظومة بما يضمن استعادة كافة النفايات التي تتحول لمواد خام لنشاط هذه الوحدات، ومن ثمة إمكانية تثمينها ورسكلتها بنسبة لا تقل عن 80 %.

فمع الصفقات المبررة دائما للاقتناءات الجديدة وخاصة لكبار الإطارات توجب الاستفادة من مخزون هائل من مواد قابلة للاستعمال غير أنها مودعة في دهاليز ومآو ومقابر وقتية للعتاد والأليات وكأنها مشاريع خردة أحيلت على تقاعد مبكر .

لماذا لم يفكر المعنيون في تطوير المنظومة عبر تركيز وحدة متطورة لاستعادة الخردوات وتركيز محطة متطورة للتثمين توفر لها التمويلات على غرار البرنامج المميز الذي أطلق في نطاق التعاون التونسي الكوري لتثمين النفايات الالكترونية والكهربائية والكهرومنزلية.

وعديد المنظومات مرشحة للانتعاش باعتماد نهج استعادة النفايات، على غرار ما تم بالنسبة للبلاستيك، وهي قصة نجاح يحسن تعميمها على بقية اصناف النفايات، ومنها على سبيل المثال العجلات المطاطية وهو مجال عرف صعوبات جراء تراجع المواد الأساسية مما أدى لإغلاق عدد من وحداته الصناعية.

خيارات التنمية الخضراء والمستدامة ومسالكها تمر بالضرورة عبر تطوير أنشطة تستفيد من الموارد والإمكانيات المتاحة ومن بينها الكميات الهائلة من النفايات التي تفرزها الأنشطة وتلفظها البيوت والمؤسسات وتضج بها المصبات وتزدحم الساحات والفضاءات والأودية.

فالرسكلة والتثمين خيار وجيه ومتجه لا مفر منه وهو يعكس عقلية حكيمة وملامح رؤية تحمل عقيدة التدبير والتوفير والترشيد المطلوبة في زمن الضغوط وقلة الموارد، لا التبذير والترف والإسراف.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115