إضاءة: التغيير البيئي ... الحلم المؤجل

في الحي المجاور، وبمناسبة وبغير مناسبة، أكداس الفضلات، تنتظر سوبرمان أو قدرة قادر,,لتتبخر. في وطني بيئيون يعملون قدر وسعهم لمحو آثار ما ألقى اللامبالون ببيئتهم. وعمال النظافة البلديين مجاهدون وأبطال، وجمعيات تسعى لإصلاح ما تدركه جهودهم وعقول كبيرة

تحلم بتغيير لا يبقي من أسباب التخلف البيئي ولا يذر

في الأثناء، يجتهد مائة ألف كشاف، ومثلهم في مئات الجمعيات الأخرى عبر مبادرات متنوعة تسعى للعلاج وتفادي ما أفسده إخوانهم في الوطن.
وتستمر الملهاة_المأساة، حملات نظافة، وتشجير في ربوع الخضراء. وحركات ملوثة متخلفة عابثة وتفريخ متعمد لنقاط سوداء.
ويبقى حلم التغيير البيئي الجذري الموعود حلما مؤجلا، وصعب المنال

في المنظمات العريقة والمتأصلة كالكشافة يتحرك الفريق بتناسق، وفق مخطط ووجهة يرسمها القائد بمعية الفريق، وفيها يتحرك القائد بوصفه القدوة والموجه والمثال دونما علوية وترفع.

وحال الكشافة، أشبه بالمدرسة والصف في حاله المثالي، حيث يمثل المربي والعالم بفعله قبل دروسه،النهج الرئيسي والمعالم الموجهة التي تسير التلاميذ وتلقنهم أبجديات التصرف وأصول التعامل ومبادىء الحياة.
إن الهموم البيئية العالقة ترتهن غالبا في مآلها لوجود عقول تدرك كنهها، ومجموعات تحمل مؤهلات الفعل وإرادة التحرك لإزالة القتامة ومحو التلوث وتغيير الوضع المحيط إلى الأفضل.

إن التغير البيئي الذي ترنو له المجتمعات النامية، مرتبط بشروط يتعذر توفرها في غياب روح الفريق وضعف سيطرة الضمير الجمعي الموجه للغالبية نحو ضوابط احترام النمط الإيكولوجي الأرقى.

وهذا التغير الشبيه في عمقه ومؤثراته بأي تغير آخر كالتغير السياسي (نحو نمط ديمقراطي مثلا) والاجتماعي(نحو التوازن أو العدالة مثلا)، لا يتحقق دونما توفر عوامل موجهة للغالبية من الشرائح الاجتماعية ومجموعات المتساكنين تعمم فيها قيم موحدة وترسخ في دواخلها عبر شتى القنوات ووسائل التربية والتنشئة فكرة العمل الجماعي وتقاسم المسؤولية تجاه المشترك والتواضع على احترام القوانين الضابطة للتعامل مع العمومي المشترك.

وفي البلاد النامية، مسافة قصيرة تفصل المحيط السكني بإفرازاته ونفاياته، وما يزال التخلص منها يشكل عبئا وهما وشغلا شاغلا للساهرين على الهياكل العمومية قبل المواطنين.

ولئن تزايدت حالات التذمر من مظاهر الخلل والتشويه المتواتر للجمالية البيئية، وتكاثر صيحات الفزع من مصائب التلوث فمظاهر القذارة مصرة على تصدر المشهد وتنغيص راحة الناس في الريف والحضر، فإن بوادر الحل الجذري كامنة في نفوس الآلاف المؤلفة ممن لم يمسهم نور المدنية، وجموع لا ترى حرجا في تدمير المساحات الخضراء وقطع الشجر وإلقاء فضلات البناء في حدائق عامة وعلى جنبات الطريق.

إنها حال بؤس متمسكة بالمكوث هنا برغم تهديد الخطايا والعقوبات الموعودة، وبرغم آهات الناشطين البيئيين وحركات المتطوعين لخدمة البلاد لتكون تونس أجمل وأنقى.
إنها مسافة بين حاضر فيه الكثير مما يشين، وأفق لا يشترك الجميع في التوثب لإدراكه بما يلزم من صبر وتضحية ومجاهدة لأهواء النفس واستعداد للتطوع والايثار.

وهي مسافة لم نقطعها بعد لنبلغ ضفة الفعل الإيجابي واليومي الذي لا يكل في سبيل فرض القانون، وإلزام الآخر بعد الزام النفس باحترام الحق العام والتضحية في سبيل أن يكون الوضع العام أفضل.
بمناسبة العودة المدرسية، يجوز مرة أخرى أن نحلم، في واضحة النهار، وبعيون مفتحة,,,

إننا نحلم ونطالب ونتوقع أن يقوم البلديون والمنظفون والآخرون بكل شيء ليكون وجه البلد جميلا أخضر، وليرقى حالنا لما يشبه الحديقة الفيحاء والمدينة المثالية الغناء.
ويبقى الحلم، أن يكون كل حالم، هو نفسه المبادر، بل ولم لا يتحقق التغيير البيئي المنشود.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115