رغم ثقل العقوبات في مرسوم المضاربة غير المشروعة: نسق التجاوزات يرتفع إلى نحو 80 ألف مخالفة

لاتزال ممارسات الاحتكار والتلاعب بالمواد المدعمة والبيع المشروط في أوجها وذلك على الرغم من المجهود الرقابي

و الإجراءات الرقابية التي تم وضعها مع بداية العام الحالي وخاصة مرسوم المضاربة غير المشروعة الذي دخل حيز التطبيق أواخر شهر مارس المنقضي والذي أوكلت له مهمة إيقاف نزيف التجاوزات بناءا على العقوبات الصارمة التي يفرضها على المخالفين.
جاء مرسوم عدد 14 لسنة 2022 في إطار مقاومة الاحتكار والتصدي للتهريب وضمان إنتظامية تزويد السوق، وقد تضمن المرسوم حزمة من العقوبات السجنية والمالية ضد المخالفين من التجار،حيث تصل العقوبات إلى السجن المؤبد وخطية مالية قدرها 500 ألف دينار.في بعض المخالفات المتعلقة بالمضاربة غير المشروعة التي عرفها المرسوم بأنها «كل تخزين أو إخفاء للسلع أو البضائع أيا كان مصدرها وطريقة إنتاجها يكون الهدف منه إحداث ندرة فيها واضطراب في تزويد السوق بها، وكل ترفيع أو تخفيض مفتعل في أسعارها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أو عن طريق وسيط أو إستعمال الوسائل الإلكترونية أو أي طرق أو وسائل احتيالية».
وعلى الرغم من خطورة الإجراءات التي تضمنها المرسوم ،فإن عدد المخالفين في ارتفاع مستمر دون خوف ،حيث تظهر المعطيات تحصلت عليها جريدة «المغرب» من وزارة التجارة و تنمية الصادرات نموا مهما في عدد المخالفات منذ دخول المرسوم حيز التنفيذ إلى غاية أواخر شهر نوفمبر 2022 ، لتبلغ 79249 مخالفة اقتصادية وهو عدد يتجاوز حصيلة سنة كاملة لسنة 2021 .
ورغم أن عدد الزيارات التفقدية خلال الفترة المذكورة ( 304 ألف زيارة) كانت بعيدة عن مستوى عدد الزيارات المسجلة خلال السنة المنقضية (530الف زيارة) وذلك بالنظر إلى الحيز الزمني ،فإن عدد المخالفات المسجل بين شهر مارس و نهاية نوفمبر المنقضي جاء مرتفعا مقارنة بسنة 2021 التي سجلت بدورها ارتفاعا في عدد المخالفات بنسبة 85 % مقارنة بسنة 2018 مع العلم أن إحصائيات المراقبة الاقتصادية للمخالفات صعدت من 41574 في 2018 إلى 71489 في 2020 ومن المرجح أن تتجاوز عدد المخالفات خلال العام الحالي 100 ألف ،حيث تجاوز عدد المخالفات منذ بداية السنة إلى غاية شهر نوفمبر 80 ألف مخالفة .
ويأتي حصاد العمل الرقابي على مدار ثمانية أشهر في إطار عمل مشترك بين مصالح المراقبة الاقتصادية بوزارة التجارة وتنمية الصادرات والمصالح الأمنية الداخلية (شرطة، حرس) والمالية (ديوانة) موزعة على كامل ولايات الجمهورية بمختلف الجهات. وقد شملت التدخلات الميدانية التي تمت برمجتها على مدار الفترة المذكورة مختلف حلقات التوزيع والنقل وتركزت بصفة أساسية طبقا للأولويات المضبوطة على المستوى المركزي على مراقبة قطاعات المخابز وتجارة المواد الغذائية المدعمة ومراقبة حركية النقل والخزن غير المصرح به لغايات الاحتكار والتهريب للمواد الأساسية.
كما استهدفت هذه العمليات الاستعمالات غير المشروعة للمواد المدعمة ومحاولات احتكار المواد الأساسية ومسكها وتوزيعها خلافا للصيغ القانونية وشملت المداهمات المشتركة محلات الصنع والبيع ووسائل النقل وفضاءات الخزن بالمستودعات غير المصرح بها والضيعات والمحلات السكنية.
وقد تم تسخير 25361 فريق رقابي لمقاومة الاحتكار والمضاربة والتصدي لتهريب المنتوجات الأساسية والمواد المدعمة وقد قامت هذه الفرق بتنفيذ 304520 عملية تفقد أسفرت عن رفع 79249 مخالفة اقتصادية .
52 % من المخالفات تتعلق بشفافية المعاملات
وتتوزع المخالفات المسجلة على مستوى الممارسات كالآتي، 25944 مخالفة في التجاوزات السعرية والاحتكارية (33 %)، و 41007 مخالفة في شفافية المعاملات (52 %)،يليها 1100 مخالفة في التلاعب بالدعم و11198 مخالفة أخرى في الجودة والميتورولوجيا وبقية المجالات (14 %).
حوالي 33 ألف مخالفة في قطاع في المنتجات الفلاحية والبحرية الطازجة
وعلى مستوى القطاعات تصدر قطاع المنتجات الفلاحية والبحرية الطازجة القائمة يليه قطاع المواد الغذائية العامة (35 %)، 18264 مخالفة في المواد الصناعية والخدمات المختلفة (23 %).
وقالت وزارة التجارة انه بالإضافة الى العمل الرقابي العادي نفذت مصالح المراقبة الاقتصادية بالوزارة بمختلف الجهات في اطار تنفيذ البرنامج_الخصوصي_المشترك_لمكافحة_الاحتكار_والمضاربة منذ انطلاق نسخته الثانية في 23 أوت 2022 حوالي144 حملة إقليمية مشتركة تم من خلالها رفع 8443 مخالفة اقتصادية كما تم خلال نفس الفترة وبالتوازي مع ذلك تنفيذ 244 عملية نوعية مشتركة لمراقبة مختلف مسالك التزويد من أهمها 51 عملية لمراقبة مخازن التبريد ومستودعات الخزن وحجز كميات هامة من الخضر والغلال.
كما أفضت العمليات الرقابية المنجزة خلال الفترة الممتدة بين شهر مارس وشهر نوفمبر من سنة 2022 إلى حجز كميات هامة من المنتجات والمواد الحساسة والمدعمة وقد تم حجز 8373 طن من الخضر والغلال، 146 طن من لحوم الدواجن و 1.5 مليون بيضة .
كما أسفر العمل الرقابي عن حجز 2951 طن من مشتقات الحبوب المدعمة (فرينة،سميد،عجين غذائي) و 224 ألف لتر من الزيت النباتي المدعم و622 طن من السكر و1447 طن من المواد العلفية علاوة على حجز 2244 طن من مواد البناء (اسمنت، حديد) ،كما تم حجز 2.5 مليون لتر و1.3 مليون قطعة من مواد غذائية مختلفة.
لئن يستهدف العمل الرقابي ردع المحتكرين والحد من تلاعب بصحة المواطن وبجيبه عبر ترسانة من القوانين ،فإن إرتفاع عدد المخالفين والمحتكرين يستوجب المضي نحو مزيد من الإصلاحات التشريعية والتنظيمية لمسالك التوزيع خاصة على مستوى الرقمنة علاوة على تحسين واقع التزود بالأسواق ،خاصة إذا لاحظنا أن نصيب الأسد من المخالفات قد سجلت في قطاع المنتجات الفلاحية والبحرية الطازجة ويتزامن ذلك مع تراجع في الإنتاج النباتي والحيواني الأمر الذي إنعكس على انتظامية تزويد السوق وهو يمهد الطريق أمام ممارسات الاحتكار و التلاعب بالأسعار .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115