الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري لـ«المغرب»: الحكومة مطالبة بمصارحة الشعب بحقيقة الالتزامات التي قدمتها إلى صندوق النقد

منذ إعلان صندوق النقد الدولي يوم السبت 15 أكتوبر 2022، عن التوصّل إلى اتفاق تمويل على مستوى الخبراء بقيمة 1.9 مليار دولار لفائدة تونس

والنقاشات لا تنقطع والتساؤلات متواصلة حول خلفيات هذا التمويل وشروطه ومدى التزام الحكومة بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه وخاصة موقف الاتحاد العام التونسي للشغل من انعكاسات هذا الاتفاق على الشغالين وقدرتهم المعيشية وباي تنازلات ؟؟
بعد ان اكد الصندوق في بيان أصدره ان هذا الاتفاق يظل رهين الموافقة النهائية للمجلس التنفيذي للصندوق الذي سيتولى مناقشة الطلب في شهر ديسمبر المقبل انطلقت الآراء محللة لبعض التفاصيل المتعلقة بنوعية التمويل و جملة الإصلاحات التي أعدتها الدولة التونسية للصندوق ومدة السداد وخاصة أسباب تأجيل النظر فيه إلى شهر ديسمبر، وما مدى تأثير الإصلاحات المبرمجة والتزامات الحكومة على المواطن.
التزامات الحكومة
التزمت الحكومة التونسية أمام النقد الدولي بمجموعة من الإصلاحات من بينها تطوير العدالة الضريبية عبر القيام بإجراءات لإدماج القطاع غير المنظم في المنظومة الجبائيّة وتوسيع القاعدة الضريبية لضمان مساهمات عادلة من جميع القطاعات.
وتعتبر النقطة التي تتعلق بإدماج القطاع غير المنظم من بين ابرز النقاط التي تم الحديث عنها في اغلب برامج الحكومات المتعاقبة وتم طرحها بشدة في عدة مناسبات على اعتبار انها عنصر اساسي من بين العناصر التي يمكن للدولة اللعب عليها كورقة رابحة لحقيق قفزة نوعية في مجال الإصلاحات رغم تعقيدها.
هذه المسالة على أهميتها تبدو في غاية الصعوبة خاصة على مستوى آليات وبرامج التنفيذ المتعلقة بها اذا ما علمنا أن حوالي مليون و300 شخص من بين مجمل العاملين ينتمون الى القطاع غير المنظم أي بنسبة 36 % وفق أخر دراسة أعدها المرصد الوطني للتشغيل والمهارات بالتعاون مع معهد الاحصاء حول «التشغيل غير المنظم في تونس» من بينهم حوالي 10 % من الشباب حاملي الشهائد العليا .
فيما يتعلق بالتحكم في النفقات العمومية مع تدعيم ميزانية المساعدات الاجتماعية، اكد صندوق النقد الدولي على أن الحكومة التونسية اتخذت بالفعل إجراءات للتحكم في كتلة الأجور وبدأت في التخلص التدريجي من الدعم الشامل وغير المفيد للمواد من خلال تعديل الأسعار حتى تتلائم مع الاسعار العالمية, مع توفير الحماية المناسبة للشرائح الضعيفة خاصة عبر التحويلات الاجتماعية المباشرة. وهنا نشير الى العديد من الاستفهامات المتعلقة بالطرق التي سيتم اعتمادها في البرامج الإصلاحية واليات التنفيذ ومدى مراعاتها لإمكانيات المواطن الذي عرف خلال السنوات الأخيرة اصعب مرحلة ضعف اقتصادي واجتماعي اثرت سلبا على حياته ونوعية معيشته.
عنصر أخر ستلتزم به الحكومة امام صندوق النقد يتمثل في تعزيز شبكة الأمان الاجتماعي من خلال زيادة التحويلات النقدية وتوسيع تغطية شبكات الأمان الاجتماعي لتعويض الأسر الضعيفة عن تأثير ارتفاع الأسعار، هذه النقطة بالذات تحدث عنها كثيرون على اعتبار ان جميع الحكومات التي تفاوضت مع النقد الدولي منذ أول لقاء تحدثت وبشدة عن تعويض الأسر الضعيفة واعطاء الدعم الى مستحقيه، وطرحت العديد من السيناريوات مازالت الى اليوم لم يتم الكشف عنها ضمن استراتيجية تعويض واضحة او مصارحة الشعب بما ينتظره من تضحيات..
حلول ترقيعية
منذ بداية المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ظل المتابعون يتحدثون عن الموقف الرسمي للاتحاد من هذه المفاوضات إلى غاية الإعلان عن هذا لاتفاق ماذا قال وماهي شروطه ؟؟
أسئلة أجاب عنها في تصريح لـ«المغرب» الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل والناطق الرسمي باسم الاتحاد سامي الطاهري والذي قال أنه كان على الحكومة ان تبحث قبل التوجه الى صندوق النقد الدولي في مواردها الذاتية مثل الاستخلاص الجبائي الذي اعتبر ان الحكومة مقصرة بشانه كثيرا ولو بذلت مجهودا اكبر لاستطاعت التخفيف من عبء الاقتراض وتبعاته.
وقال إن الحكومة التجأت إلى حل ترقيعي كحل وحيد وحتى القيمة التي قدمت وعلى أربع سنوات لا يمكن ان تفي بالحاجة رغم انها ستفتح الباب إمام مفاوضات ثنائية مع دول وإطراف أخرى بنكية لكنها لن تكون حلا جذريا للمشاكل خاصة والدولة مقبلة على ميزانية جديدة وان كان هناك ميزانية تكميلية أم لا وهل ستواصل الحكومة نفس سياسة الاقتراض في ميزانيتها للسنة المقبلة؟ مع اهمال كل ما يتعلق بالموارد الذاتية والإصلاح الجبائي.
قال انه على الحكومة ان لا تحمل الاجراء والشعب تبعات فشل الخيارات ان تشتغل على تطوير القطاعات الإستراتيجية مثل الفلاحة والتقليص من التوريد ونزيف العملة وإعادة تنشيط القطاعات الأخرى مثل الفسفاط والنفط وان تقوم باصلاحات عميقة يرتكز بالأساس على مبدا الإنقاذ بعيدا عن الحلول الترقيعية وخاصة حل الخوصصة و التفويت في المؤسسات العمومية وقال ان هذه الحكومة تبحث عن حل سريع لكل سنة دون رؤية استراتيجية واضحة .
كما اكد الناطق الرسمي باسم الاتحاد انه من الايجابي أن يتم الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لكن ذلك لن يكون كافيا لحل مشاكل البلاد على مدى الأربع سنوات القادمة. و الحكومة مصارحة الشعب بحقيقة الالتزامات التي قدمتها لصندوق النقد والتي تبدو مجهولة إلى حد الان ولا احد يعرف بماذا التزمت ومضمون اتفاق النوايا الذي يظل رهينة شهر ديسمبر ويطالب الحكومة بكشفه والإعلان عنه للشعب .
أكد سامي الطاهري انه إذا كانت التزامات النوايا المتحدث عنها متعلقة برفع الدعم والتفويت في المؤسسات العمومية فهو أمر مرفوض وقد أعلم الاتحاد العام التونسي الشغل الحكومة بان الاتحاد لا يقبل بذلك.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115