تونس تدفع ثمن الحرب باهضا: الحسابات لـم تغلق بعد والحكومة تواجه أزمة في اتصال الأزمة

منذ فجر 24 فيفري 2022 -حين أطلقت رصاصة إعلان الحرب في أوكرانيا- كانت كل المخاوف تتمحور حول اتساع رقعة الحرب إلا انه وإلى اليوم مازالت الحرب الروسية الأوكرانية

في مكانها لكن صداها هنا في تونس كان أشد فالحياة أصبحت أعسر مما كان متوقعا.
الطوابير والاشتباكات والتذمر برا ورائحة الموت بحرا بعد أن اختار البعض الهروب من أوضاع صعبة خلقت غيمة سوداء تخيم على كل التونسيين، فثمن الحرب يبدو باهضا وتكلفتها عالية فقد ارتفعت الأسعار بشكل جنوني لينعكس الأمر على مسار التضخم المتصاعد منذ أشهر ويبلغ في شهر سبتمبر الفارط 9.1 % تحت تأثير ارتفاع أسعار الغذاء والنقل والسكن واللباس والتعليم ولا تبدو التوقعات مشرقة فالرقم سيصبح رقمان والتكاليف سترتفع.
الضغوط التضخمية تذهب إلى ما ابعد من الطاقة والغذاء المتأثران مباشرة بالحرب فالمصنعين يمررون تكاليف الإنتاج إلى المستهلك. الظرف الصعب مما قد يفرض خيارا أصعب فتدهور القوة الشرائية للأجور سيدفع إلى مزيد إبطاء خلق مواطن شغل والتوجه أكثر الى تعزيز الأجور لتدارك فقدان القوة الشرائية للمرتبات.

ولم يعد التبرير او الاستهتار بأزمة قطاع ما ممكن فطوابير السيارات هذه الأيام تعكس صعوبة تزود تونس بالنفط وعدم القدرة على مجاراة الطلب العالمي المرتفع والأسعار المتزايدة. فقد كانت كل الدلائل بناء على تصريحات مسؤولين في قطاع المحروقات تشير إلى أن التزود يتم يوما بيوم وان هناك صعوبات في الحصول على شحنات. وكان التحذير من أشهر من انه قد تفقد بعض مشتقات المحروقات من محطات التزود بها وهو ما يحصل هذه الأيام.
الأسوأ لم يأت بعد هذا هو ماتعلنه عديد المؤسسات فالعام 2023 سيكون موعد دفع التكاليف الحقيقية لها فمن المتوقع أن تؤدي الحرب إلى تعطيل إمدادات المواد الغذائية الأساسية والطاقية وهو ما سيزيد من الضغوط التضخمية. فلئن تشير تقديرات إنتاج الحبوب العالمية إلى أن الإنتاج يكفي لإطعام كل الكوكب إلا أن الأسعار المرتفعة ستحول دون الوصول إليه من البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.

وتأثر الميزان التجاري في تونس بارتفاع الأسعار العالمية ليضل إلى عجز مخيف في حدود 17 مليار دينار قبل ثلاثة أشهر من نهاية السنة.
وما يزيد من ثقل أوزار الأزمة الإشكاليات الداخلية التي تشهدها تونس من أزمة المالية العمومية وصعوبة الوصول إلى الاقتراض.

ويقول صندوق النقد الدولي أن التوقعات تتسم بالضبابية وعدم اليقين بينما كانت التوقعات أكثر قتامة من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الذي يؤكد أن العالم يدفع ثمن الحرب باهضا في العام 2023.
الأسوأ بالنسبة إلى تونس أنها تواجه مخاطر اضطرابات اجتماعية في ظل غياب أي وسيلة تواصل للحكومة مع التونسيين مثلما تفعل حكومات العالم. فالمفاجآت التي تلقاها التونسي في أشهر الحرب هذه عديدة دون توضيح يذكر وأخرها أزمة المحروقات هذه الأيام والتي مازالت تنتظر توضيحا شافيا يبدو انه لن يأت باعتبار ان كل التصريحات كانت ان الأزمة ستفرج بعد ساعات وهذه الساعات تبدو اطول مما يُعتقد.

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115