المرأة في الفضاء الرقمي: تنميط في حاجة إلى تغيير وتغاض يستفز التفكير

«لا توجد أية دراسة في هذا الغرض» «هذه السنة نهتم بالمرأة الريفية» « الرقم الوحيد الذي استحضره هو أن 5 %

فقط من الوظائف العليا تشرف عليها امرأة» «يمكن للصحفيين أن يطرحوا هذا التساؤل» هي إجابات تحصلنا عليها عندما طرحنا موضوع صورة المرأة في الفضاء الرقمي اليوم في تونس وطرقنا أبواب كل من وزارة المرأة والأسرة والطفولة إلى مجلس نواب الشعب الممثل في لجنة شؤون المرأة و الأسرة و الطفولة و الشباب و المسنين إلى مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة فالجمعيات النسائية فلم نعثر عن أي بحث حول الموضوع.

«دعنا أولا نجد واقعا مرضيا حتى نتحدث عن وجودنا افتراضيا» تحدثت سارة ذات ال21 سنة والموضوع لا يهمّها ولا أي واحدة ممن تشتغلن في القطاع الزراعي. ومازالت في قرية قريبة من العاصمة تضم نحو 800 ساكن من بينهم ما يقارب 200 امرأة لا تعلم أنهن أصبحن مادة للنقاش حول حقوقهن وأنه أيضا تم تبادل صورهن بالحقل الذي تعملن فيه وأثرن شفقة الكل وعبر الجميع عن ضرورة تغيير أوضاعهن وانتهت الحكاية عند المطالبة فقط. هنّ حسب ما بدا وفي قريتهن المتناهية الصغر خارج ما اصطلح على تسميته بالقرية الصغيرة للعالم، داخل حسابات الناتج الداخلي الخام خارج دائرة الاهتمام هن نساء منتجات للثروة في بلد يحاول القيام بعد كبوة سنوات.
والانحياز إلى النساء الريفيات لا يكون أبدا على حساب المرأة في المدينة فالمرأة هي المرأة في كل الأوساط، فهذا الفراغ الذي تم التحقق منه أثناء البحث عن دراسة وان كانت يتيمة حول صورة المرأة في الفضاء الرقمي وطرح تساؤلات ماهي مجالات اهتمام المرأة عند استعمالها لهذا الفضاء؟ هل تغيرت الصورة النمطية عنها؟ هل مازالت ضحية مجتمع ذكوري؟ يؤكد وجود قصور في الاهتمام بهذا المحور.

بموضوعنا هذا فيما يجري الإعداد للائحة جديدة من الحقوق والحريات مازالت نسبة عالية خارج التغطية المعلوماتية التي قد تحيا وتموت ولا تعلم شيئا عن هذه اللائحة.

20.2 % من النساء لا يستعملن أبدا الفضاء الرقمي
نتائج سبر أراء قام به المعهد العربي لأصحاب المؤسسات حول الفضاء الرقمي والجنسين والعينة كانت نحو 3000 شخص بمختلف مستوياتهم التعليمية ومن فئات عمرية واجتماعية ومهنية مختلفة، بيّن أن نحو 20.2 % من النساء لا يستعملن أبدا الفضاء الرقمي.
تتقارب النسب الخاصة بمؤشر تقييم الفضاء الرقمي أما عن استعمالاتهن فانه وان كانت عديد الدراسات التي أكدت سابقا ان المرأة تستعمل الانترنت للتسوق واللعب والترفيه فان التحقيق الذي قامت به مؤسسة المعهد العربي لأصحاب المؤسسات تؤكد تفوق النساء في استعمالات الرقميات في البحوث والعمل ويتقدم الذكور في الشراءات والدفع وفي هذا الخصوص تجدر الإشارة إلى أنّ دور الرجل كعائل لأسرته يبرز أكثر في الدفع بتقدمه في هذا المقياس.

الفضاء الرقمي أيضا مجتمع يضم كل الفئات فقد كان مساحة فضاء مفضل لاستقطاب الفتيات أيضا من اجل الالتحاق بتيارات متشددة أو الهجرة غير الشرعية ففي تاريخ 19 جانفي 2018 اعترفت امرأة أنها تقوم باستقطاب الراغبين بالمشاركة في عمليات لاجتياز الحدود البحرية خلسة واعترفت الفتاة بأنّها تقوم باستقطاب الفتيات لتبني الفكر التكفيري والإلتحاق بالعناصر الإرهابية المتحصنة بالجبال.

فرغم عدم توفر رقم محدد حول وجود تونسيات في جبهات القتال إلا ان الحديث عن المقاتلات في مناطق النزاع يتضمن في اغلب الأوقات رقما يهم حاملات الجنسية التونسية. هذا الموضوع حسب فتحية السعيدي الباحثة في علم النفس الاجتماعي يستحق دراسة منفصلة.
الفضاء الذي يضم كل الأنواع من الثائرات بأقلامهن أو بأجسادهن هو الأرض الافتراضية محل النزاع بين تيارات متعددة. ولأنه لا يستمر إلا من نما في تربته فان الظواهر الدخيلة سرعان ما تستهلك نفسها وقد انطفأ بريقها الذي لمع في الفترات التي كانت فيها تونس مادة إعلامية مغرية للصحفيين من مختلف البلدان.

الفضاءات الرقمية تعكس الصورة النمطية النسائية
قالت فتحية السعيدي الباحثة في علم النفس الاجتماعي أن صورة المرأة في الفضاء الرقمي والفضاء الإعلامي مازالت لا تعبر بشكل واضح عن المرأة في أبعادها المتعددة بمعنى أن صورة دور المرأة في المجال الاقتصادي والسياسي مازالت لم تأخذ بعدها الحقيقي.
وأضافت المتحدثة أن الفضاءات الرقمية والإعلامية ووسائل الاتصال الاجتماعي مازالت تعكس الصورة النمطية النسائية التي لا تخرج عن السائد الاجتماعي فمازال هناك تقسيم للأدوار وتضطلع فيه المرأة بالدور الإنجابي والإنتاجي والمجتمعي مشيرة إلى أن هناك اختلالا في هذه الأدوار باعتبار أن الرجل لا يشارك في الدور الإنجابي.
ومازال الرجل يعتبر الفضاء الرقمي فضاء رجاليا ويتم إبعاد المرأة تدريجيا أو نسب وجود المرأة في هذه الفضاءات مازالت ضعيفة.

وبينت السعيدي أنه بالمصادقة على القانون 58 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة من شان ماجاء فيه ان يحد من هذه الظواهر على غرار الفصل 11 الذي سيكون الية لمعالجة الصورة النمطية للمراة والفصل 11 من القانون الاساسي 58 ينص على أن «تتولى وسائل الإعلام العمومية والخاصة التوعية بمخاطر العنف ضد المرأة وأساليب مناهضته والوقاية منه وتحرص على تكوين العاملين في المجال الإعلامي على التعاطي مع العنف المسلط على النساء في ظل احترام أخلاقيات المهنة وحقوق الإنسان والمساواة. ويمنع الإشهار وبث المواد الإعلامية التي تحتوي على صور نمطية أو مشاهد أو أقوال أو أفعال مسيئة لصورة المرأة أو المكرّسة للعنف المسلط عليها أو المقلّلة من خطورته، وذلك بكل الوسائل والوسائط الإعلامية. وعلى هيئة الاتصال السمعي البصري اتخاذ التدابير والعقوبات المستوجبة حسب القانون للتصدي للتجاوزات المنصوص عليها بالفقرة السابقة من هذا الفصل. وتلفت المتحدثة إلى أن المرأة قوة موجودة في المجتمع لا يمكن لأحد إنكارها. داعية إلى ضرورة إيجاد الآليات والوسائل والقيام بحملات تحسيسية من أجل إزالة كل الصور النمطية.
ونظرا لما تمثله الرقميات من أهمية في جميع مجالات الحياة ففي تقرير معهد التوقعات الاقتصادية للعالم المتوسطي سنة 2012 تونس خصصت 2711 مليون دولار في تكنولوجيا المعلومات ومثل القطاع آنذاك نحو 7.6 % من الناتج المحلي الإجمالي وكانت المساهمة سنة 2002 بنحو 2.5 %.
وسيتجاوز رقم مواطن الشغل التي يوفرها قطاع تكنولوجيا المعلومات 25 ألفا سنة 2018. بعد أن كان سنة 2014 في حدود 7500 موطن شغل.

تحدي الأمية
نظرا لما يمثله التعليم من آلية لأجل ضمان حسن استعمال الفضاء الرقمي والتكنولوجيا الحديثة وبطرق آمنة فان ما قدمه المشروع السنوي للقدرة على الأداء لوزارة الشؤون الاجتماعية حول نسب الأميّة في تونس التي بلغت في العام 2017 نحو 17.3 % على أن تتقلص إلى 16.6 % في العام 2018. ويفوق عدد الفتيات الأميات المليون أميّة.
تعد الأمية عائقا أمام استكمال نشر الثقافة الرقمية لجميع الفئات وبطرق متساوية. والرقم ضخم وان لم يعالج اعلاميا بالشكل الذي يستحقه. علما وأن عدد السكان في تونس بلغ إلى حدود جويلية 2016 نحو 11.4 مليون ساكن من بينهم 5.683 مليون إناث.
من جهتها أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «يونسكو»، أنها ستسعى لتسليط الضوء على النساء في الفضاء الرقمي بشكل أكبر من خلال فعالية ستنظمها بمناسبة اليوم الدولي للمرأة الموافق 8 مارس، مؤكدة أن 17 % فقط من السير الذاتية المنشورة في موسوعة «ويكيبيديا» هي عن النساء. وأكدت يونسكو أن الناس من حول العالم مدعوون للمساهمة في إنشاء وتحرير وترجمة صفحات ويكيبيديا جديدة تتناول نبذات عن نساء كان لهن دور رئيسي سواء في الماضي أو في الحاضر في المساهمة في مجالات التعليم والعلوم والثقافة والاتصال.
يعد عدم العثور عن دراسة حول الصورة في الفضاء الرقمي للمرأة مستفزا الى حد التفكير في كيفية الدفع نحو مزيد من تسليط الضوء على الصورة النمطية وكيفية تغييرها بعد ان اصبحت المرأة قوة منتجة للثروة اكثر من الرجل ففي دراسة للمعهد العربي لاصحاب المؤسسات تبين ان المرأة العزباء اكثر انتاجا من الرجل بـ85 % واقل اجرا بـ14 %.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115