خبراء اقتصاد يؤكدون : تدهور المقدرة الشرائية للمستهلك وانسداد أفق الاستثمار... روح قانون المالية لــ2018

بعد المصادقة على مشروع قانون المالية لسنة 2018 , تبقى المعضلة التي كانت ولا تزال هاجس الحكومة التدني المتواصل للموارد المالية

سيما الجبائية منها نتيجة ضعف تحقيق العدالة الجبائية من جهة وضعف إمكانات الدولة المالية الكفيلة بتجاوز الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد بسبب ضيق مجالات الاستثمار وضعف الإنتاج من جهة ثانية .

في انتظار إشهار النسخة النهائية لقانون المالية لسنة 2018 وبعد ما تم إحداث جملة من التغييرات عبر إسقاط جملة من الفصول وإضافة البعض وتعديل البعض الآخر, فإن عددا من خبراء الاقتصاد يذهبون إلى أن قانون المالية للعام المقبل مازال يحافظ على طابعه الجبائي المرتفع الذي يؤثر في المستهلك والمستثمر على حد سواء.
الخبير الاقتصادي عزالدين سعيدان قال لـ«المغرب» في قراءته لقانون المالية لسنة 2018 أن الأمر الايجابي هو المصادقة على مشروع قانون المالية على اعتبار أن عدم المصادقة على مشروع المالية كان سيؤدي إلى سقوط الحكومة واللجوء إلى آلية الأمر الرئاسي لتغطية نفقات الدولة .

وأضاف سعيدان أنه بغض النظر عن هذه الايجابية ,فإن هناك العديد من الجوانب السلبية في قانون المالية ويأتي عدم استجابة قانون المالية لتحديات واقع المالية العمومية في ظل غياب استراتجية إنقاذ الاقتصاد الوطني على رأس القائمة, وفسر سعيدان ذلك بتواصل ارتفاع نسق نفقات الدولة مع تواصل دوامة الفرضيات غير الواقعية التي بني عليها قانون المالية والمتعلقة بسعر الصرف وسعر برميل النفط أو حتى نسبة النمو المتوقعة بـ3 %, وهو ما يعني حسب محدثنا المرور آليا على غرار السنوات السبع الفارطة إلى قانون مالية تكميلي لـ2018. وأشار سعيدان في هذا الصدد إلى أهمية مصداقية قانون المالية الذي يعتبر من بين أهم القوانين باعتباره يعكس سياسة الحكومة وتوجهاتها,واعتبر سعيدان أن مصداقية قانون المالية قد اهترأت, واللجوء إلى قانون مالية تكميلي حسب الخبير دليل على أن طريقة الإعداد لقوانين المالية والتصورات لبناء قانون مالية باتت غير مستقرة وضعيفة .

كما أكد المتحدث ذاته أن المكان الأساسي لخلق الثروة ومواطن الشغل وخلق النمو وبالتالي تحقيق التنمية هو المؤسسة الاقتصادية, فيما قانون المالية للعام المقبل سيثقل كاهل المؤسسة الاقتصادية بمزيد الاداءات, ولفت المتحدث الانتباه إلى عدم استقرار التشريعات الجبائية على سبيل المثال بعد ما تم التخفيض منذ سنوات قليلة في الاداءات من 35 إلى 25 % يتم إعادة

الترفيع من 25 إلى 35 %, الأمر الذي يترجم حسب المتحدث التردد بين التخفيف أوالإثقال في العبء الجبائي مما يضر بمصالح المؤسسة والاقتصاد ويجعل الاستثمار عملية صعبة نتيجة عدم استقرار التشريعات ,مشيرا إلى أن جميع التحاليل تبين أن الحل الوحيد لإنقاذ الاقتصاد الوطني بيد عجلة الاستثمار.

وقال سعيدان أن الزيادات في الاداءات والترفيع في القيمة المضافة ستغذي التضخم المالي بما سيزيد في تدهور المقدرة الشرائية للمواطن و سيؤدي هذا التدهور إلى تخفيض القدرة على الادخار, وهو ما سيعقد عمليات تمويل الاقتصاد التونسي حسب المتحدث , مبينا أن اللجوء إلى التمويل الخارجي صعب جدا وإمكانياتنا الذاتية في نزول متواصل, مذكرا إن نسبة الادخار كانت في 2010 في حدود 22 % و قد نزلت هذا العام إلى 11 % مع إمكانية النزول إلى ما دون 10 % بعد الإجراءات المتخذة وفقا لسعيدان.

في قراءة الخبير المحاسب وليد بن صالح لـ «المغرب» بين أن قانون المالية رغم بعض التحويرات فإنه مازال يحافظ على طابع الضغط الجبائي المرتفع دون أن يلحق أي تغييرات بالفئات التي تمارس التهرب الجبائي, معتبرا أن قانون المالية للعام المقبل يجهد الفئات التي تؤدي واجبها الضريبي بإنتظام .

وأضاف بن صالح أن قانون المالية لسنة 2018, ستكون له تأثيرات كبيرة على المقدرة الشرائية للمستهلك ,حيث أن الزيادات في العديد من المنتجات لا سيما المحروقات والكهرباء والغاز ستؤثر في كل مدخلات الإنتاج وسترفع الأسعار ونسبة التضخّم إلى مستوى عال, مع العلم أن نسبة التضخم التي سجلت خلال الشهر المنقضي بـ 6.3 % هي ارفع نسبة منذ شهر جويلية 2013 حين بلغت آنذاك 6.4 %, وأوضح المصدر ذاته أنّ زيادة بـ 1 % في الأداء على القيمة المضافة يمكن أن تؤدي إلى زيادة بـ 1 % في نسبة التضخّم، فضلا عن الزيادات المرتقبة في معاليم الديوانة وغيرها من الاداءات حتى تلك التي تلقى على المؤسسات في بداية الأمر سيتحملها المستهلك في نهاية المطاف .وأضاف المصدر أنّ ارتفاع نسبة التضخّم ستنعكس سلبا على الاستهلاك والاستثمار، وهو ما يمثل ضربا لعاملين رئيسيين للنمو.

من جهته رأى وزير المالية رضا شلغوم في تصريح لموزاييك أن مشروع القانون حافظ على جملة من التوجهات نحو عدد من القطاعات الاقتصادية والفئات الاجتماعية وسيسهم في الانطلاق في تطبيق الإصلاحات الكبرى التي من شانها الحفاظ على التوازنات المالية للبلاد.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115