مواكبة للقوات العسكرية في حربها على الإرهاب بجبل الشعانبي: عمليات دقيقة تنفذها سرايا وقوات مختصة بمدرعات ومدفعية ميدان تعرف مواقع الاصابة والهدف

تحقيق وصور زمردة دلهومي

«خلف التلال وفي الوديان ستهزمون ستهزمون ..برا جئتم بحرا جئتم جوا جئتم ستسحقون ستسحقون ..اذرعكم ان مدت تقطع اعينكم ان نظرت تقلع والجرذ المهزوم بتونس ان عاد الكرة لن يرجع..رعبا نحن لكم قد جئنا ثم الويل لكم ان عدنا ارضا جئتموها احياء ستنتهون بها اشلاء»

 

هذا وعد الله على الجبال تنفذه قواتنا العسكرية التي تمتد في كل شبر من جبل الشعانبي اعلى قمة في البلاد واشهرها، 1544 مترا فوق سطح البحر، وامتداد لسلسلة جبال الأطلس، انتصب بمغاورها الدواعش وعششت ثقافة الارهاب في مفاصل شجر البلوط والصنوبر الحلبي الذي طالما كانت ظلاله تخيم بعطرها فوق اجساد المتجولين والباحثين عن الهواء الطلق العبق بروائح الاكليل والزعتر والاعشاب الجبلية المنعشة .

سيهزمون وهو وعد الله الذي تقرؤه في اعين العساكر واسلحتهم وعتادهم الثقيل تقرؤونه في رائحة المدفعيات التي تنفث القنابل الثقيلة لتقصف الدواعش في معاقلهم.. ارضا جاؤوها على الاقدام احياء سينتهون فيها الواحد تلو الاخر اشلاء وجماجم وهياكل عظمية تأكلها كلاب الجبل التي حقدت عليهم هي الاخرى كلاب تنتشر لتعاضد قوات العسكر فتحيط بالمكان لا سلاح لها إلا وفاؤها لمن اطعمها خبزا .. فحتى الكلاب كرهتهم ..

عدسة «المغرب» نقلت لكم في هذا «الروبورتاج» خلاصة يوم في جبل الشعانبي مرافقة للقوات العسكرية ومواكبة لنشاطها على الميدان وحربها على الارهاب المتواصل.. عدستنا لم تبخل عليكم بتفاصيلها غير ان الواقع كالعادة يظل اعمق واكبر من ان تحتويه الكلمات او تترجمه الصور .

ساحة الميدان
اعطيت اشارة انطلاق المهمة بارتداء السترات الواقية من الرصاص واعتلاء سيارات «kirpy» المغلقة من جميع الجوانب وشد الاحزمة وأصبح الجميع تحت حماية الجيش وعليه التقيد بالاوامر العسكرية وتنفيذها بلا ادنى تردد حماية للاشخاص وضمانا لسلامة المهمة بالمنطقة العسكرية المغلقة بالشعانبي. قوات تتلقى تدريبات يومية على مستوى عال جدا تمكنهم من اكتساب مهارات وخبرة إضافية ترتفع وتيرتها على الميدان يوما بعد يوم .

لا احد بإمكانه الدخول الى ساحة الميدان ما لم يتم تنظيف المسلك باكمله من الالغام والاجسام االمشبوهة والعبوات الناسفة وهو شغل يومي تنفذه وحدات فيلق الهندسة. عنصر التفتيش الذي ينتشر على يمين الطريق ويسارها تقوده خبرته في قراءة الميدان التي تعتمد بالأساس علامات دالة لتوقع الخطر واتخاذ الاحتياطات اللازمة والاستعداد بالإضافة الى حسن توظيف الالة الكاشفة التي تدرك مكان الخطر. عمليات يقودها الجيش الوطني في قمة الدقة والخطورة تزيدها صعوبة المسالك الغابية والتضاريس الوعرة تعقيدا وكذلك المناخ شبه القاري تنزل به امطار تتراوح بين 200 و400 مم. صيفه حار وجاف وشتاؤه بارد ورطب . ومع ذلك يتم القضاء على عدد كبير من بين الارهابيين المتمركزين في مغاور الجبال, والذين تلقوا تدريبات على حمل السلاح وعلى التنقل في الجبال وحفظ مسالكها ومغاورها العميقة والتي تجعل مهمة القضاء عليهم صعبة لكنها ليست مستحيلة..

كلما تتقدم خطوة على الطريق المعبدة في اتجاه قمة الجبل ومحطة الارسال الاذاعي والتلفزي تشاهد من بين نوافذ الــ «kirpy» الصغيرة المحصنة فصائل وقوات منتشرة بكثافة في كل شبر من المرتفعات الوعرة عناصر وسرايا متدربة تواجه وتترصد وتهاجم اشباحا أسلحتهم فردية مثل الكلاشينكوف والشطاير وقناصة رشاش 50 ورشاش 60 وأحزمة ناسفة ورمانات يدوية وألغام تقليدية مضادة للأشخاص والعربات ومناظير ليلية ونهارية ومع ذلك يهزمون في الجبال وينفذ وعد الله فيهم وكلما تقدم جنودنا إلا وازدادت قوتهم وإيمانهم بأن عدوهم قاب قوسين وادنى من الهلاك فقد ضيقوا الخناق عليهم وأصبحو يداهمونهم في جحورهم ومخابئهم في اطار خطة المبادرة والهجوم، يغلقون عليهم كل منافذ عبور المؤونة والأدوية وكل ما يحتاجونه كلما اصيب احدهم ما يترجم العثور على المقابر الجماعية والجثث التي يكشف عنها الجيش في بعض عمليات التمشيط .

زيارة انطلقت بعرض لأهم نشاط ومهام الوحدات العسكرية المنتصبة بجبل الشعانبي وما تقوم به من التدريبات اليومية والعمليات المتواصلة والنشاط المتخصص ثم متابعة اشغال الإدارة العامة للهندسة العسكرية وعناصرها التي كانت بصدد تعبيد طريق تم فتحه على امتداد 8 كم من مدخل الجبل الى محطة الارسال التلفزي والإذاعي بقمة الجبل لتساعد على سرعة تدخل الوحدات العسكرية ويصبح تلغيمها مستحيلا ..عرض حي لمجموعة عسكرية تحطم عناصر إرهابية بالذخيرة الحية ..كشف للألغام وفتح للطرقات الوعرة تؤمنها وحدات مختصة من الهندسة العسكرية... تختتم بزيارة العناصر المتمركزة بمحطة الإرسال التي كانت على اهبة واستعداد مستمر يومها ينطلق بتحية العلم ومرة كل اسبوع تؤدي القسم والنشيد الرسمي

محاصرة الدواعش
يتساءل كثيرون لماذا تتواصل محاصرة الدواعش في الجبل لسنوات ولماذا لم يتم القضاء عليهم مثلما كان الشأن في عملية بن قردان نفس القوات التي تنتصب على مستوى جبل الشعانبي قاتلت في عملية بن قردان الاخيرة اين نسفت ما يسمى «بداعش» الارهابي في اول محاولة لفرض سيطرتها على المنطقة ؟ الوضع يختلف والخطوط الجغرافية تختلف ايضا فالميدان في بن قردان صحراوي لم يجد الدواعش اين يختبئون وكيف يتنقلون بين عامة الشعب على اعتبار اليقظة التي اتسم بها المتساكنون والتعاون مع العناصر الامنية والعسكرية وهو ما سهل احباط محاولتهم بنجاح اما الجبل فتضاريس اخرى وميدان اكثر تعقيدا تتميز عن الصحراء وخاصة جبل الشعانبي فليس من السهل تفتيش ما لا يقل عن مساحة 140 كلم مربع غابية ومسالكها وعرة وتضاريسها متنوعة وكذلك الشان لكل من جبل السمامة 172 كم مربع على طول 22 كم وعرض 8 كلم وجبل السلوم 15كم على 7كم وجبل المغيلة الذي يمتد على 25 كم طولا وعرض 6,5 كم وهي كلها تضاريس متشعبة ومتشابهة تساعد الارهابيين على التوغل والاختفاء ومع ذلك بدؤوا ينزلون لانتهاء مؤونتهم وصعوبة تواصل مخططاتهم .

آمر «العنصر» يقود....
جيوش متكونة اساسا من سرايا مدرعات وهندسة عسكرية ومدفعية الميدان قوات مختصة بالإضافة إلى الإسناد الطبي، قوات تتلقى تدريبات يومية على مستوى عال جدا تمكنهم من اكتساب مهارات وخبرة إضافية ترتفع وتيرتها على الميدان يوما بعد يوم قصف مدفعي وجوي متواصل قنابل لا يقل وزنها عن 250 كغ تثبت الرمي .. الحركة والنار.. الهدف ..

سرايا يكبر حجمها وامكانياتها يوما بعد يوم في اطار العمل المباشر لمقاومة الارهاب تم بعثها منذ 31 جويلية 2013 تتكون من تشكيلات وفصائل مشاة محمولة تعزز مركز القيادة او القوة العسكرية المتمركزة من مختلف الوحدات والثكنات التابعة للواء المنتصب بالقيروان وتعود اليه بالنظر ثمانية ولايات، تعزيزات تأتي من كل حدب وصوب زيادة على تلك المتمركزة بولاية القصرين، قوات من فيلق القوات الخاصة ببنزرت وتشكيلات هندسة عسكرية سريات مدفعية وجوية تؤمن طائرات الاستطلاع والمراقبة وهي كلها تعزز اركان جيش البر في اطار مقاومة الارهاب بالإضافة الى عنصر اسناد صحي يتولى تقديم الاسعافات الاولية للمصابين من جراء العمليات التي يتم تنفيذها .

حصيلة العمليات ومراحلها
مهامهم الاستطلاع والكمائن والقيام بدوريات وعمليات تفتيش وتمشيط بالاضافة الى تحطيم المخابئ الارهابية ومخيماتهم وعمليات المهاجمة والمراقبة كانت حصيلة عملياتهم التي نفذوها منذ شهر جوان 2015 تم انجاز 4458 رماية مدفعية ووضع 179 كمينا و236 دورية بالاضافة الى 48 عملية مداهمة و36 عملية كبرى فضلا عن 92 تفتيشا تم انجازها بواسطة معدات دارجة من بينها المزنجرة م113 أ 2 والشاحنة انيموق 4000 U وسيارات هامر والشاحنات المتوسطة وشاحنات كبيرة وخفيفة بالاضافة الى سيارات من نوع جيب لاند كروزر يسهل تجولها في مغاور المنطقة الغابية المرتفعة كثيفة الاشجار وذات التضاريس الصعبة والمتنوعة تتوغل في عمق الجبال المتاخمة لجبل الشعانبي قمم لا يقل ارتفاعها عن 1200 م واودية كبرى في المنطقة اشهرها وادي الدرب ووادي الحطب الذي يقسم مدينة القصرين شمالا في اتجاه جبل سمامة بيرينو، وتوشة والمغيلة وجنوبا في اتجاه جبلي السلوم والشعانبي.

من29 افريل 2013 الى 31 جويلية تعرضت القوات العسكرية الى مصاعب جسيمة وتكبدت خسائر موجعة بسبب الكمائن والالغام المضادة للاشخاص والألغام المضادة للدبابات وهي المرحلة التي تفشى فيها الارهاب في البلاد وللأسف الشديد استشهد 12 عسكريا واصيب 14 وتزامن ذلك مع مرحلة الاستكشاف والاستطلاع وبداية انطلاق الحرب على الارهاب.

المرحلة الثانية تم فيها تركيز القوات العسكرية بجبل الشعانبي وهي مرحلة استعادة الجبل من 1 اوت 2013 الى 31 اوت 2014 تم خلالها القضاء على عناصر ارهابية وتدمير مخيمات تابعة لها واستشهاد 18 عسكريا وإصابة 31 اخرين

المرحلة الثالثة من 1 سبتمبر 2014 الى اليوم وهي مرحلة المبادرة والهجوم تم فيها القضاء على 18 ارهابيا وإلقاء القبض على اخرين بالإضافة الى تدمير كلي لمخيمات والعثور على اسلحة وكميات كبيرة من الذخيرة تم خلالها استشهاد 8 عسكريين وإصابة 16. المراحل الثلاث اختلف فيها العمل في عمليات تصاعدية حيث اصبحت القوات العسكرية تبادر بالهجوم وتضرب العناصر الارهابية في مخابئها مباشرة كلما توفرت المعلومات عن وجودها وحصيلة القضاء عليها ترتفع بفضل العمل الاستخباراتي والتدريب المستمر وبعث العديد من المراكز لتاهيل القوات لمقاومة الارهاب سواء مشاة او وحدات هندسية او قوات خاصة

مدفعيات مدوية
ليس من السهل الكشف عن الألغام المضادة للأشخاص خاصة تلك التي تعتمد على الضغط كوسيلة اشتغال لا يظهرمنها الا صنتمتر واحد فوق الأرض على أساس حدوث الانفجار حال لمسها او الضغط عليها في وسط ارضية سواء كانت غابية او حجرية فهي قد اصابت العديد من العناصر العسكرية رغم نزع أكثر من 350 لغما من طرف وحدات الهندسة العسكرية وعشرات الألغام المضادة للسيارات وليس من السها ايضا تحمل ضغط طلقات المدافع المتواترة التي تقصف المواقع فيزلزل دوي قنابلها الارض تحت الاقدام ومع ذلك فإن جيوشنا تتقنها وتوجهها الى الهدف مباشرة بوْصلتها كلمات يطلقها امر السرية وعد تنازلي ينتهي بالصفر تقابله طلقات مدوية لقنابل تتجاوز ثقلها ال250 كلغ تصيب هدفها بعد قرابة 70 ثانية تسمع بعدها صدى دوي يهز الارض ومن عليها ..عمليات كما ذكرنا يومية تنفذها العناصر لضرب اهداف محددة تمت دراستها مسبقا و التخطيط اليها في كنف السرية والدقة والنظام ..

مهام في الجبل من شرقه الى غربه ومن اعلى قمته الى اسفل نقطة فيه في منتهى الدقة تؤمنها عناصر مترجلة بالجبل وأخرى تتمركز فوق القمم تعرف موقع الاصابة والهدف.
الارهابييون ارادوها حربا على الأشباح فأصبحت حربا على رقابهم اينما حلوا واجهتهم أسلحة ناسفة ومدفعيات قاتلة لا تعود خائبة ابدا واينما وجهت دمرت.

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115