استنزاف المائدة المائية بـ 120 % وإيرادات السدود تتراجع ب60 % بين شح الطبيعة وتزايد الطلب: هل يدفع التونسي الضريبة ؟

الزيادة بمعدل 3 دنانير في تعريفة المياه مرشحة للزيادة مع تصاعد الاستهلاك.... وزيادة مماثلة في السنوات القادمة

أثار قرار الشركة التونسية لتوزيع واستغلال المياه القاضي بفرض زيادة قيمتها 3د في تعريفة المياه جدلا واسعا في صفوف التونسيين والمجتمع المدني, فالتونسي الذي عايش صائفة حارقة بعد تسجيل درجات حرارة قياسية زادت من لهيب العطش ليبلغ بذلك الاستهلاك ذروته ,بلغ الاستهلاك أقصاه لتجد بعض المناطق نفسها في عزلة مائية فتزويدها بالماء بات شبه مستحيل, ليصبح الماء عنوان احتجاجات في عدد من المناطق على غرار القيروان وقفصة حيث رصد المنتدى التونسي الاجتماعي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة 251 حركة احتجاجية 80% منها تعلقت بمياه الشرب,وعلى الرغم من أن هذه المناطق قد اعتادت على شبه الانقطاعات اليومية للمياه فإن الانقطاعات هذه الصائفة لم تستثن مدن العاصمة.
«المغرب « حققت في دوافع الزيادة وبحثت في أسباب النقص الحاصل في مياه الشرب كلما حل فصل الصيف وإذا ما كانت عوامل طبيعية بالدرجة الأولى وراء النقص الحاصل أم لارتباطها أساسا بالسياسة والتدبير؟ وما واقع مستقبل الموارد المائية بتونس في سياق عالمي يتسم بالتغييرات المناخية؟ وماهي طبيعة الخطط التي ترسمها السياسة التونسية لمجابهة العقود القادمة لضمان الأمن المائي .

عن أسباب الزيادة...
تحدث الرئيس المدير العام للشركة الوطنية لتوزيع واستغلال المياه مصباح الهلالي ل «المغرب» عن دوافع الزيادة التي أقرتها الشركة والتي من المنتظر أن يتم الفصل فيها قريبا من قبل رئاسة الحكومة.
اعتبر الهلالي أن إجراء الزيادة في تعريفة المياه «أمر لا مفر منه» مما يجعل من تعديل التسعيرة حقيقة مؤكدة ,أما عن الهدف من وراء هذا التعديل فقد أكد الهلالي أن الهدف من هذا الإجراء هو بلوغ حقيقة الأسعار نظرا لفارق التكلفة بين سعرالانتاج والبيع ,مبينا أن إقرار الزيادة جاء متأخرا,حيث كان من المفترض أن يصدر قرار الزيادة منذ بداية السنة .
فسر الهلالي أسباب الزيادة ,بأن الصوناد تتكبد سنويا 65 مليون دينار كفارق تكلفة بين البيع والإنتاج في حال كان معدل الإنتاج السنوي في حدود 650 مليون متر مكعب (على كل متر مكعب 100مليم) وكلما ازداد الاستهلاك اتسعت دائرة العجز للشركة, وأضاف المتحدث أن استمرارية الصوناد كمرفق عمومي يستدعي إجراء مراجعة لتسعيرة المياه أمام تزايد النفقات.
وأضاف المصدر ذاته, أنه من غير المعقول أن تشهد تكاليف جميع مستلزمات الإنتاج ارتفاعا في حين تحافظ تعريفة المياه على السعر ذاته مبينا أن 70 % من التجهيزات والمعدات المستخدمة مستوردة, زد إلى ذلك ارتفاع فاتورة الكهرباء حيث يبلغ معدل الاستهلاك السنوي من الطاقة 70 مليون دينار هذا بغض النظر عن ارتفاع تكاليف اليد العاملة.

تراجع إيرادات السدود بـ60 %
بين الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للاستغلال وتوزيع المياه أن الموارد المائية تتوزع على 60 % سطحية و40 % جوفية وعلى اختلافها فهي تبقى مرتبطة بالإمطار.وعلى وقع تتالي سنوات الجفاف, فإن إيرادات السدود في 2017 تراجعت بنسبة 60 % ونزلت إلى 20 % لأكبر سد في الجمهورية, مفتاح المنظومة المائية في تونس سد سيدي سالم.
وفي السياق ذاته ,أشار الهلالي إلى أن الزيادة ستؤدي بشكل أو بأخر إلى ترشيد الاستهلاك معتبرا أن زيادة تكلفة البيع ستؤدي إلى عقلنة الاستهلاك في الوقت الذي نعيش فيه على تجليات كبرى لتبذير المياه خاصة في القطاع الفلاحي الذي يستأثر بـ 80 % معتبرا أن اعتماد سياسة ترشيد الاستهلاك في مياه الري سينعكس إيجابا على الموارد المخصصة لمياه الشرب.

ماذا عن الانقطاعات ؟
في سياق متصل, هناك من يربط الزيادة في تعريفة المياه بمستوى الخدمات المقدمة ,حيث قال المنسق المرصد التونسي للمياه علاء المرزوقي ل «المغرب « أن الاضطرابات والانقطاعات المتواصلة للمياه والتي بلغت إلى حدود شهر أوت 850 انقطاع 2017 بغض النظر عن إحجام بعض الناس عن الإبلاغ لعدم توفر وسائل اتصال في مناطق معينة تعبر عن وجود أزمة حقيقة للمياه ,معتبرا أن الزيادة ليست الالولوية في الوقت الراهن بقدر وضع إستراتجية واضحة لضمان مياه الشرب كي نضمن عدم تكرر سيناريوهات الانقطاع والعطش في المستقبل القريب,مشيرا إلى أن الانقطاعات المتتالية للماء مرتبطة بسوء التصرف في الموارد المائية بدرجة أولى ليكون شح الموارد المائية سببا بدرجة ثانية .
لم ينف مصباح الهلالي انقطاعات المياه مع تحفظ على عدد الانقطاعات الأنف ذكرها,مبينا أن في مثل الظروف المناخية التي مرت بها تونس خلال هذه الصائفة ببلوغ مستوى درجات حرارة قياسية ,حيث عاشت بعض ولايات لمدة 27 يوما على وقع درجات حرارة فاقت 40 درجة وأمام هذا الارتفاع غير المعتاد ,فإن معدل الاستهلاك تضاعف 4 مرات في بعض المناطق ,حيث من البديهي أن ينخفض معدل الضغط وتحصل بعض الانقطاعات والتي تؤدي في أحيان منها إلى وجود أعطاب.

وأضاف أنه بالرغم من هذه الظروف المناخية مع تحسن القطاع السياحي عبر توافد 4.5 مليون سائح وجفاف للسنة الثانية على التوالي فإن الصوناد أبلت أفضل من السنة المنقضية على الرغم من أن ظروف السنة الفارطة كانت أحسن من ظروف السنة الحالية.
واعتبر المصدر ذاته أن الزيادة تعتبر ضرورة لتحسين مستوى خدمات الصوناد معلقا إذا لم يتم الترفيع في التسعيرة فإن مستوى الخدمات سيعرف مزيدا من التدهور, مبينا عجز الشركة عن إجراء انتدابات نظرا للظروف المالية الصعبة للمؤسسة حيث كان عدد الأعوان 7500 في سنة 2000 في الوقت الذي كان عدد المشتركين مليون و500 ألف أخر 2016 بلغ عدد المشتركين 2 ملايين و800 ألف في حين أصبح فيه عدد الأعوان 6500 فكيف للصوناد أن تجاري نسق امتداد الشبكة على 54 ألف كيلومتر مع 4000 منشأة, معتبرا أن 50 عطب يوميا وأقصاه 70 يعتبر أمرا عاديا .

فاتورة الاستهلاك لـ80 % من التونسيين أقل من التكلفة الحقيقية
أكد الهلالي أن فاتورة استهلاك المياه لدى 80 % من التونسيين اقل من التكلفة الحقيقية في حين أن 20 % المتبقين يسددون ثلاثة أضعاف حجم الاستهلاك الحقيقي وذلك نظرا لارتفاع حجم الاستهلاك لديهم حيث انه كلما ارتفع حجم الاستهلاك إلا ورافقه ارتفاع في السعر الحقيقي لثمن البيع .

في تفاصيل الزيادة ...
بناءا على ما سبق ذكره, فإن الزيادة المنتظرة ستحافظ على النظام ذاته,حيث أكد الهلالي أن الزيادة المنتظرة ستعتمد التدرج في التعريفة بالتزامن مع ارتفاع الاستهلاك,قائلا أن 3 دنانيرهو سعر تقريبي ومعدل الزيادة في حين أن عامل الاستهلاك هو الذي سيحدد مقدار الزيادة الحقيقي في فاتورة المياه والذي قد يكون أقل من 3 دنانير بالنسبة لبعض المشتركين .
وأردف المصدر ذاته بأن هذه الزيادة لن تكون الأخيرة, فعجز المؤسسة في تفاقم متواصل وبالتالي سيتم إقرار زيادة مماثلة في كل سنة يتم إقرارها بناءا على وضع المؤسسة ودراسة مواردها إلا أن الزيادة ستحافظ على السعر ذاته في السنوات القليلة القادمة إلى حين تعديل الكفة بين المداخيل والمصاريف وليس لغاية الربح.
تبلغ نسبة تغطية شبكات الصوناد في المناطق الحضرية 100 %, وفي الأرياف المتجمعين 51.6 % في حين تغطي شبكات المجامع المائية بنسبة 41.3 % في الأرياف .
وفي هذا الصدد قال الهلالي أن هناك 825 مجمع مائي تزودهم الصوناد مبينا ارتفاع حجم ديونهم تجاه الشركة راوح 2.5 مليون دينار ووضح الهلالي في هذا الباب وجوبية التمييز أن الانقطاعات الحاصلة ليست جميعها تتحمل مسؤوليتها الشركة لان هناك من المجامع المائية التي لا تسدد فواتير الكهرباء او المياه فيتم قطع الإمدادات عنها, مشيرا إلى أن المجامع تتمتع بتعريفة منخفضة غير أن الزيادة المزمع تنفيذها لن تطبق على المجامع المائية لطابعها الاجتماعي والتضامني وان تم ذلك فسيكون بقدر رمزي .

واقع الموارد المائية في تونس
اشتدت أزمة المياه لهذه الصائفة مع بلوغ مستويات درجات حرارة قياسية لم تكن إلا لتزيد من وطأة إشكالية المياه وليصبح الوضع المائي من ضمن الأولويات المطروحة للنقاش على امتداد أشهر من هذه السنة وعلى الرغم من أن أزمة المياه ليست أزمة مستجدة باعتبار أن تونس من بين الدول المصنفة الفقيرة مائيا حيث أن نصيب التونسي سنويا من المياه 450 متر مكعب في الوقت الذي يبلغ المعدل العالمي 1000 متر مكعب مع العلم أن نصيب الفرد التونسي من المياه مرجح إلى النزول إلى 350 م مكعب مع موفى 2030.

إن تصنيف تونس ضمن البلدان الفقيرة المائية قد يكون التحدي الأول الذي تواجهه تونس ,الأمر الذي يستدعي حزمة من الإجراءات الاستباقية من أجل ضمان ديمومة الحياة .

خارطة مائية مستنزفة
في حديث مع « المغرب» بين مدير إدارة المياه غير التقليدية والتغذية الاصطناعية بوزارة الفلاحة كمال العيادي أن خارطة الموارد المائية في تونس في اتجاه الاستنزاف ,وحسب التقييم المتعامل به فإن الموارد الجملية بالبلاد التونسية تقدرب 4.8 مليون متر مكعب (مم3) وتنقسم إلـى 2.7 مم3 بالنسبة للمياه السطحيةو2.1 مليون متر مكعب مياه الجوفية.
وأضاف المتحدث أن نسبة استغلال المياه الجوفية السطحية فاقت 120 % حيث أن الموارد المتاحة للخزانات السطحية تبلغ 767 مليون م3 في حين أن الاستغلال 903 مليون متر مكعب والأمر ذاته بالنسبة للموارد المتاحة للخزانات العميقة , حيث أن طاقة الاستغلال في حدود 1429 مليون مم سنويا إلا إن نسبة الاستغلال في سنة 2015 بلغت 1705 مليون متر مكعب أي بتجاوز لطاقة الاستغلال ب 130 %. وقال أن الاستغلال يتم عبر 21000 بئر عميقة منها 11000 غير مرخص لها.ونبه المتحدث من عواقب استنزاف استغلال المائدة المائية خاصة أمام ارتفاع الآبار العشوائية
يبلغ معدّل الأمطار السنوية التي تنزل على البلاد التونسية 230 مم وقد يرتفع معدل الأمطار في مناطق الشمال بين 400 وتصل إلى 1000 مم في حين الوسط يتراوح بين 200و400 مم و200 مم في الجنوب والتي تصل إلى 50 مم في الصحراء.

خطر التصحر ممكن في الجنوب بتملح المائدة
كما قال العيادي أن المائدة المائية في الجنوب غير متجددة (المائدة المشتركة بين الجزائر وليبيا وتونس) وهي في حالة شبه اندثار ارتوائي فضلا عن أن المياه حارة هناك مع نسبة ملوحة مرتفعة ب3 غ ,زد إلى ذلك أن استغلال المائدة بلغ أشده حيث وصل في قبلي إلى 171 % في مع وجود 7000 بئر عشوائي, الأمر الذي يضاعف من خطورة التصحر في الجنوب خاصة بتملح المائدة.
ويرى المتحدث انه إذا لم يتم اعتماد الاقتصاد في استهلاك المياه سواء مياه الري أوالشرب مع وضع حد للحفر العشوائي فإن مآل المائدة المائية يبقى مهددا.

تونس تحت وطأة التغييرات المناخية
حسب دراسة أعدتها وزارة البيئة والتنمية المستديمة سنة 2012، حول التأقلم مع التغيرات المناخية بتونس، فإن التقديـرات تشـير إلـى أنـه فـي أفـق سـنوات 2030 و2050 ستشـهد دول البحـر الأبيض المتوسـط ارتفـاع فـي معـدل درجـات الحـرارة . كمـا ستشـهد إنخفاضـا فـي التسـاقطات وخاصـة تذبذبـا فـي المنـاخ وهـو مـا يتعيـن مزيـد التعمـق فـي دراسـة ظاهـرة التغيـرات المناخيـة وانعكاسـاتها علـى البيئـة والتنميـة .
وستشهد تونس تقلصا في معدلات الأمطار السنوية سنة 2020 بـ 5 % في الشمال و8 % في الوطن القبلي والشمال الشرقي و10 % في أقصى الجنوب. وفي سنة 2050 سيبلغ التقلص 10 % بالشمال الغربي و30 % بأقصى الجنوب.
جلي أن واقع الموارد المائية في تونس ليس بالمطمئن وبحسب تعبير رئيس مدير عام الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه مصباح الهلالي فإن «الوضعية المائية لتونس ليست مريحة ولكنها ليست بالأزمة» مردفا إذا تم» تأمين حسن التصرف في الموارد المتاحة».

هل من خطة تتجاوز مسألة الزيادة ؟
أكد مصباح الهلالي أنه تم وضع إستراتجية لحسن التصرف في استغلال المياه منذ سنوات وبين أن الإستراتجية انبنت على أربعة محاور كبرى, حيث هناك من البرامج التي يجري تنفيذها في إطار المخطط الخماسي 2016/ 2020 وهناك من المشاريع التي ستتواصل إلى حدود 2030.
ترمي الإستراتجية إلى تعبئة موارد المائية بنسبة 95 % مع نهاية المخطط أي تعبئة المياه المتاحة بنسبة 90 % مع استكمال بعض السدود في جهة طبرقة وبنزرت مع موفى 2020.
المحافظة على الموارد المائية الجوفية من التلوث والاستغلال المفرط حيث أن هناك من الموائد المائية وصلت طاقة استنزافها إلى 170 %, خاصة أمام تنامي ظاهرة الحفر العشوائي بعد الثورة.
تعبئة الموارد المائية غير التقليدية وإعادة استعمال المياه المستعملة المعالجة وتحلية المياه مشيرا إلى أن محطات المعالجة قد توفر مخزون اكبر سدين في الجمهورية,مستعرضا برامج الصوناد في إحداث محطات تحلية جربة وقابس وصفاقس وقرقنة وفي سوسة .

المرور من سياسة التحكم في العرض إلى التحكم في الطلب أي مزيد من الحوكمة في الطلب أي الترشيد في الاستهلاك لا سيما في محاولة التقليص من استعمال المياه في المجال الفلاحي وفي هذا الإطار وضعت حملات توعية لترشيد الاستهلاك منذ شهر مارس المنقضي .
وذكر الهلالي أن هذه الخطة تبلغ تكلفتها 2.5 مليار دينار وقد ساهمت عدد المؤسسات الدولية في توفير هذا المبلغ الذي لم يكتمل بعد ,وبحسب الهلالي فان تمويل هذه المشاريع بشكل قروض معظمها بنسبة فائدة لا تتجاوز 1 %.
كما أضاف المتحدث أن الاستثمار بهذا الحجم يثقل كاهل المؤسسة وبناء عليه لا بد من إجراء الزيادة طالما أن هناك استثمارات تقدم ومشاريع تنجز.

يؤكد معهد الموارد العالمية، أن تونس ضمن قائمة أكثر دول العالم المعرضة للفقر المائي والجفاف التام خلال ال25 سنة القادمة ويبدوأن تجليات الأزمة المائية في تونس بدأت تبرز أكثر على الساحة رغم حالة شبه التغافل في التعاطي مع الملف المائي في تونس ,حيث أن الحديث عن الثروة المائية والتهديدات المحدقة بها أصبح مناسباتي,حيث تبرز إشكالية المياه في مناسبتين , ارتبطت الأولى بغلاء أسعار المنتجات الفلاحية والثانية مع اضطرابات في توزيع المياه وانقطاعها ماعدا ذلك تبقى معالجة أزمة المياه في تونس دون المطلوب .

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115