منبر لمزيد خلق الثروة الرقمية : تونس على الطريق التكنولوجي الصحيح بقي ان نحسن التحكم في لوحة القيادة

بقلم:
الأستاذ بلال الطازني

تعيش تونس منذ فترة على وقع تداعيات ثورة 14 جانفي التي قلبت موازين الحكم في البلاد وشرعت لمشهد سياسي واقتصادي جديد تراوحت نسبة استقراره بين سلبي وسلبي جدا خاصة على مستوى الوضع الاقتصادي الذي يمر بمرحلة صعبة جدا تشكلت فيها اليات جديدة ومظاهر شرعت لكل شيء ممنوع مقابل تغييب مفهوم خلق الثروة والإنتاج وهنا محور الازمة الحقيقية.

مع غياب الوعي بالمسؤولية وبضرورة تغيير السلبي نحو الإيجابي ومع غياب الانتماء والشعور بالمسؤولية تولدت افكار جديدة وعقليات جديدة تتغذي من اللامعقول ومن اللاّمبالاة بخطورة الوضع وبضرورة العمل الجدي وتكثيف الجهود لخلق الثروة ومضاعفة الانتاج وبدل غلق منافذ العبور وحرق قوارب النجاة كان من باب اولى وأحرى الانغماس في العمل باليمنى والمطالبة باليسرى بأحقية كبرى وبثبات في النتيجة وقوة التفاوض، مع ايجاد منظومات جديدة تساعد على القفزة النوعية التي تنتظرها البلاد وعلى اساسها انطلقت الثورة .

كيف يمكن تدعيم خط الثروة في تونس أي نوع من البرامج الجديدة يجب العمل على تركيزها وكيف يمكن العبور من مرحلة الصفر وما قبله الى نسب مرتفعة في النمو وعقليات راقية منتجة كيف يمكن ذلك؟

يكفي ان نعمل على تدعيم ملف تكنولوجيا الاتصال وتطوير شبكة العمل من خلاله لنفتح باب الثروة الحقيقية التي ينتجها السلاح الرقمي الذي طغى على العالم برمته وأصبح السبيل الوحيد لأي بلد يريد الخروج من الاختناق الاقتصادي والمالي من جهة صيانة العقول من الضياع التكنولوجي الذي سخرت له وسائل التواصل الاجتماعي واستغلته المجموعات المتطرفة اسوا استغلال ومن جهة أخرى على اعتبار انغماس الشباب في العالم الرقمي بدون أي برامج نفعية. يكفي توفير الفرص المعرفية وتبادل الخبرات وتدعيم الوسائل الفعالة ورعاية الشباب الموهوب في المجالات الرقمية لخلق مشهد انتاج جديد دون التركيز فقط على تدريس المجالات الرقمية كمواد عادية تقدم للطلبة في الجامعة برامج تعليمية بل توفير وخلق فرص مشجعة اكثر تطورا من خلال المسابقات الدولية التي تتبناها الجامعات وتعد بدورها مرشحيها للفوز بهذه الجوائز البحث في الاسر الفقيرة والقرى النائية عن الموهوبين في هذا المجال ومنحهم فرصة الانطلاق نحو عوالم الابتكار . تدريس كل ماله علاقة بالاقتصاد الرقمي في المدارس والمعاهد بصورة جدية وتضمينها في برامج تربوية كبيرة وعدم الاكتفاء بالمسابقات التي تروج لها المؤسسات الاقتصادية الخاصة التي تعتمدها بالأساس في برامجها التسويقية كنقطة تحسب لها في تقارير نهاية سنتها الادارية وحساباتها المالية.

كلنا نعي جيدا ان الاقتصاد المعرفي يستند إلى أربع ركائز أساسية وهي الابتكار انطلاقا من البحث والتطوير واعتماد نظام فعال يربط مؤسسات التعليم بالمؤسسات الصناعية بغية التطوير المستمر وهو ما انطلقت فيه تونس منذ سنوات بقي تدعيمه امر ضروري بالإضافة الى البنية التحتية المبنية على تقنيات المعلومات والاتصالات، والتي تسهل تجهيز المعلومات والمعارف ونشرها وتبادلها وتكييفها مع الاحتياجات المحلية. ثم اليات التحكم التي تقوم على أسس اقتصادية قوية تستطيع توفير كل الأطر القانونية والسياسية التي تهدف إلى زيادة الإنتاجية والنمو وهذا الجانب الذي يسير ببطء مقارنة مع التطور الذي يشهده العالم في المجال الرقمي وأخيرا التعليم العنصر الأساسي في الإنتاجية والتنافسية ألاقتصادية والذي يجب اعادة النظر وتطوير البرامج المعتمدة فيه.

المطلوب فقط تتبع خط تكنولوجيا الاتصال والاقتصاد الرقمي في اخر تطوراته واعتماده منهجا جديدا للخروج من الازمة في جزء ولو بسيط منها يكفي ان نلقي نظرة خاطفة على مواقع التواصل الاجتماعي في القسم المتعلق بالبيوعات والإعلانات وسنرى الفرق يكفي ان نفتح مواقع البيع والشراء على الانترنت لنفهم ان التجارة الالكترونية طغت على حياتنا اليومية وأصبحت من المسلمات رغم قوانينها التي لا تشهد في المقابل تطورا او نقلة نوعية تليق بما تشهد من اكتساح . يكفي ان تكتب على احدى محركات البحث اسم أي منتج تريد الحصول عليه وسيأتيك فورا حيث أنت وبدون أدني تنقل ؟ ماذا يعني ذلك ؟ هذا يعني وبكل بساطة ان تونس على الطريق التكنولوجي الصحيح بقي ان نحسن التحكم في لوحة القيادة تسير القوانين والأوامر والبرامج التعليمية في نفس خط هذا التطور لنخلق الثروة الاقتصادية الرقمية والتي اصبحت بلا منازع لغة العالم اليوم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115