استثمارات بأكثر من 500 مليون دينار لتطوير نشاط السكك الحديدية في أفق 2020 : نحو تكفل الدولة بجانب من ديون الشركة وبعث شراكة صناعية في القطاع

مصاعب النقل الحديدي في تونس ليست وليدة السنوات القليلة الماضية بل هي مزمنة بفعل موقع الشركة التونسية للسكك الحديدية في خريطة النقل في تونس خاصة وأن هذا النمط من النقل يعود إنشاؤه إلى سبعينات القرن التاسع عشر حيث افتتح أول خط حديد في تونس المعروف اليوم باسم خط تونس حلق الوادي المرسى « TGM »، قبل أن يوسع من الشبكة على طول ألفي كلم .

ولا شك أن المستعمر عمل على ربط مواطن إنتاج الثروة المعدنية في البلاد بواسطة السكة بهدف تيسير وصول المستخرجات المعدنية إلى مواني البلاد لنقلها إلى خارج الحدود لحاجته الصناعية المتعاظمة لديه ، وكان لزاما عليه أن يجعل من خط السكك الحديدية التي ربط بها مختلف نواحي البلاد ضرورة للمساهمة في الدورة الاقتصادية وضمان حركة المتساكنين خاصة العملة .

ولم يحظ النقل الحديدي خلال سنوات الاستقلال الطويلة بالعناية المرجوة نظرا لانشغال البلاد بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد رغم أنه كان من الأهمية بمكان ربما لكلفته العالية والتي خيرت حكومة الاستقلال توجيهها بشكل كبير نحو التعليم والصحة والإسكان باعتبارها من أولويات تحسين حياة السكان وهذا ما جعل القطاع اليوم متخلفا نظرا لتقادم كل مكوناته من بنية أساسية ,وسائل نقل وخدمات وغيرها فضلا عن تراكم خسائر جسيمة نتيجة عوامل عدة منها الموضوعي خاصة التعريفات المنخفضة والتي لا تؤمن الحد الأدنى من العائد للشركة ،ومنها ما دون ذلك.

واليوم وأمام الحاجة لتطوير القطاع وضرورة تهيئته تبدو العملية صعبة جدا خاصة وأن حجم الخسائر يتفاقم من ذلك أن الشركة تكبدت العام الماضي فقط 5.71 مليون من الخسائر. أما المعدات فأن أعظمها ما عاد قادرا على السير رغم التدخلات المتواصلة من قبل الجهات الفنية للشركة ذلك أن أغلب القطارات تعود إلى ثلاثين سنة خلت مما يتطلب تجديد جانب هام منها في لأقرب الأوقات ، هذا طبعا دون الحديث عن تهرؤ الشبكة الحديدية التي ما تزال كيلومترات طويلة منها تعود إلى زمن بنائها الأول فضلا عن إهمال خطوط أخرى نتيجة توقف النشاط عليها لعدم مردوديتها المالية.

واليوم في ظل الحاجة إلى النشاط الحديدي وتطويره للحد خاصة من التفاوت الجهوي وربط مواطن الإنتاج بمواطن الاستخراج عملت الدولة على وضع خطة مرحلية لتطوير السكك الحديدية على المدى المنظور منها تحديث البنية التحتية للسكة حتى تتلاءم مع المعدات الجديدة العصرية واستثمار أكثر من 500 مليون دينار إلى غاية 2020 في شراء معدات سيارة جديدة وحديثة سواء لنقل المسافرين على الخطوط البعيدة أو نقل الحبوب والفسفاط على أن تتولى الحكومة الجانب الأكبر من ديون الشركة خاصة نحو الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وشركة عجيل لتوزيع البترول والمقدرة بنحو 160 مليون دينار .

الشركة التونسية للسكك الحديدية اكتسبت طوال تاريخها الطويلة خبرة كبيرة وهي اليوم تعمل في ضوء المستجدات الجديدة في البلاد على بلورة سياسة رشيدة لاستغلال خبرتها في صيرورة المستقبل بوضع سياسةجديدة تقوم على الاستفادة من امكانياتها وخبرتها في انتاج وصناعة المعدات السيارة . وقد انطلقت في مباحثات هامة مع عدد من المنتجين والصناعيين في السكك الحديدية في العالم لبعث نواة صناعة العربات السيارة مع كل من الصين في جهة بوعرادة وتركيا في بنزرت وربما ماليزيا في العاصمة.ورغم أن هذا التوجه ما يزال في أطار التفاوض مع عدد من المؤسسات المصنعة التي ترغب في أيجاد شراكات لها بقصد الانفتاح أكثر على الأسواق في أفريقيا وجنوب المتوسط فأن استقطاب تونس هذه الصناعة الثقيلة في مطلع عشرينية القرن الجديد ستكون مفتاحا مهما لتوفير مواطن شغل كثيرة للشباب العاطل خاصة الدارس منهم . ومثلما كانت السكك الحديدية زمن الاستعمار منجما لاستيعاب اليد العاملة خاصة غير الماهرة فإن هذه الصناعة قد تكون أيضا منجما للكفاءات التونسية العاطلة .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115