بعد انتهاء زيارة خبراء صندوق النقد الدولي الى تونس: مالذي يخفيه بيان الصندوق ولماذا طالب الحكومة بإنشاء هيئة فعالة لمكافحة الفساد ؟؟

عقبات وتحديات كبيرة ما زالت تواجه تونس أهمها الفساد وعوائق هيكلية في الإقتصاد التونسي الذي يتحسن ببطء عوائق ما تزال تلقي بثقلها على الصادرات رغم توقع انتعاش نسبة النمو خلال السنة الحالية ليسجل نحو 2.3 % بفعل تطور انتاج الفسفاط وارتفاع وتيرة الاقبال السياحي والعائدات الفلاحية.. إنشاء هيئة فعالة لمكافحة الفساد لمساعدة الحكومة في حربها

ضد الفساد والممارسات التجارية غير المشروعة، ارتفاع التضخم الأساسي ارتفاع نسبة عجز الميزانية هذه ابرز النقاط التي وردت في بيان صندوق النقد الدولي الذي اصدره امس عقب زيارة الى تونس امتدت من 26 جويلية الى 3 أوت 2017 لمناقشة التوقعات والآفاق الاقتصادية في البلاد ومسار الاصلاحات المتفق عليها ..

مالذي يخفيه بيان صندوق النقد ولماذا دعا الى بذل جهود إضافية ضد الفساد وطالب الحكومة بإنشاء هيئة فعالة لمكافحة الفساد؟؟ اولم تقم كل تلك الهيئات التي تم انشاؤها بدور «فعال» لمكافحة الفساد المستشرى في مفاصل البلاد ؟؟ لماذا طالب بتعديلات اضافية وماالمقصود بها ؟؟
بعد ست سنوات من ثورة الربيع العربي كان الجميع يعتقد ان تونس ستصبح الفردوس المفقود او بلد الانتعاش والاستقرار السياسي والاقتصادي كانت كل المؤشرات الاولية تفيد بان تونس فتحت ابواب الانتعاش الاقتصادي والحرية السياسية والتعددية الحزبية لتفتح باب الانتقال الديمقراطي نحو افق ارحب ويبدو ان فتح الابواب اتخذ الاتجاه العكسي وبدل ان تكون تونس نموذج النجاح السياسي والاقتصادي على المستوى العربي حتى نكون واقعيين اصبحت تونس بلدا متعثرا سياسيا منهارا اقتصاديا ويعاني من صعوبات هيكلية أفرزتها العديد من العوامل التي تظافرت لتزيد في تعميق الازمة وتزيد في قتامة الصورة المقبلة فازداد تراجع الاقتصاد وارتفعت وتيرة الدين العام والدين الخارجي لتصل إلى 65 ٪ و 73 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي، على التوالي، مقابل بطء وتيرة خلق فرص العمل والفرص الاقتصادية المحدودة وثقل الاستهلاك الذي عمقته سياسة الزيادات في الاجور وانعكاساتها التضخمية ومساهمتها في تزايد عجز الميزانية و العجز الخارجي اللذان مازالت سبل حلّهما غير متوفرة أو غير واضحة الى اليوم؟

مصلحة البلاد
لم يعد الجمهور يثق كثيرا في الوجوه السياسية على اختلاف اطيافها وألوانها فقد اثبتت التجربة من اول حكومة بعد الثورة ان مصلحة البلاد لم تكن من بين الاولويات فلعب الافراد على العقول الساذجة والقلوب الحالمة ببلاد أكثر استقرارا وعدالة اجتماعية وسوقوا لصور ناصعة البياض ومستقبل اقتصادي مزدهر ضمه شريط اتصالي جميل جدا جندت له كل الامكانيات المادية والفكرية ليصطدم بعدها الجمهور بخيبة امل كبيرة وصور ضبابية غير واضحة المعالم فيجد نفسه يتأرجح بين القبول بالحقيقة المطلقة كما هي ومسايرة الواقع الصعب وبين مستقبل غير واضح المعالم زاد في ضبابيته عدم الثقة في الطبقة السياسية، وهو ما نلمسه في عزوف اغلب المواطنين عن الانتخابات القادمة والحديث عنها بمرارة المنهزم.
توصل فريق خبراء صندوق النقد الدولي عقب زيارتهم الى تونس الى حقيقة أو نتيجة مفادها ان افاق الاقتصاد التونسي تتحسن ببطء وأن نسبة النمو في طريقها إلى بلوغ 2،3 بالمائة خلال 2017 مطالبا الحكومة التونسية بإعداد قانون مالية عادل و ناجع خلال سنة 2018 تفاديا لمزيد توسع عجز الميزانية،ماذا يعني ذلك هل ستعمد الحكومة الى افكار جديدة وقوانين جديدة لفرض جبايات اخرى غير تلك التي قبلها الجميع في قوانين المالية الماضية والتي رغم بعض الجدل كان فيها تعديل كما كان في غيرها تمسكا بضرورة التنفيذ هل ستعمد الحكومة الى إجراء بعض التغييرات على صندوق الدعم وهل تستعد الحكومة الى مرحلة ضغط شديد بين ما يفرضه الواقع وما ينتظره الشعب ؟؟ اسئلة عديدة تنتظر اجابات تاهت في زحام الخطر الداهم؟

القضاء على الفساد
لئن وجدت حكومة الشاهد دعما شعبيا كبيرا واتسعت قاعدة مسانديها في القضاء على الفساد الذي تغلغل في مفاصل البلاد وأعاق نموها ولئن ابدت حكومة الشاهد رغبة كبيرة وحراكا وديناميكية كبرى في العمل على تسريع نسق النمو من خلال فض النزاعات مع المحتجين وإيجاد حلول ناجعة لفض الاعتصامات التي شهدتها البلاد في الفترة الماضية ولئن كانت اغلبية الحلول التي قدمتها محكومة برغبة في اعادة الهدوء والسيطرة على الوضع الذي كان يوحي بالتصعيد و صعوبة الوضع الاقتصادي وعدم توفر الامكانيات المالية التي من شانها ان تخلق التوازن بين المطالب والحلول، فان النقد الدولي أشارإلى ضرورة إنشاء هيئة «فعالة « لمكافحة الفساد ومساعدة الحكومة في حربها ضد الفساد والممارسات التجارية غير المشروعة، وهو ما يجعلنا نقف لحظة امام مصطلح «فعالة» مالذي يقصد به وهل ان الهيئات التي انبعثت منذ الثورة وحتى في حكومة الشاهد لم تكن فعالة او جدية بالشكل الذي يجعلها تقضي على الفساد ام ان عمق الفساد المستشري في البلاد اعمق من ذلك بكثير ؟؟ يبدو ان الصندوق وقف على حقائق مثيرة جعلته يشير الى وجود فساد في البلاد يعيق نموها ورغبتها في الخروج من الازمة المالية والاقتصادية.

التحركات والاحتجاجات
لئن عبر صندوق النقد الدولي عن رضاه إزاء الجهود التي تبذلها الحكومة على اعتبار انها سرعت في تعاملها مع الاحتجاجات والمطالب الاجتماعية وثمنت قرارها الذي اتخذته في جويلية الماضي والقاضي بالترفيع في اسعار الوقود مع اعتبار أنه يقلص من الدعم الطاقي غير الفعال منوهة بمشاركة تونس في منتدى افريقيا المنعقد على هامش اجتماع مجموعة العشرين في المانيا مما يساعدها على جلب استثمارات افريقية مستقبلية فان خبراء الصندوق أشارو الى ضرورة ادخال تعديلات على كتلة الاجور هذه السنة و سنة 2018 واعتبروها من اعلى النسب في العالم وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول شكل التعديلات وصيغتها وما يمكن ان ينتج عنها من تداعيات على المستوى الاجتماعي خاصة بتخفيض نسبتها من 14 بالمائة الى 12 بالمائة من الدخل القومي الخام بحلول 2020.

أشار بيان صندوق النقد الدولي الى أن الدينار يواجه ضغوطات كبيرة من شأنها ان تؤثر على قيمته لعل أهمها ارتفاع التضخم الأساسي إلى 5.5 %، وزيادة العجز المالي بالميزانية، علاوة على ارتفاع الدين العام والدين الخارجي وعلى الدولة التونسية التفكير في حلول بين زيادة مرونة سعر الصرف وإبقاء التضخم عند مستوى أقل من 4 % وهو ما سيكون مسالة صعبة في المرحلة القادمة التي تواجهها تحديات اقتصادية ومالية كبيرة مع ارتفاع حجم الديون وتراجع سعر الصرف وتراجع حجم الاستثمارات ونواياها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115