هل تشكل عودة السياح البلجيكيين ربيع السياحة التونسية ؟

كانت عودة النشاط السياحي انطلاقا من بلجيكا مؤشرا مهما على استعادة الوجهة التونسية جانبا من عافيتها التي تدهورت بشكل كبير منذ مارس 2015 في أعقاب الاعتداء الإجرامي على متحف باردو وجريمة نزل مرحبا امبريال في جوان من نفس السنة . عودة النقل الجوي

غير المنتظم لمنظم الأسفار «توي» و«توماس كوك» حمل معه بشائر حقيقية لكن إلى أي حد يمكن اعتبار هذه العودة مهمة وجادة، وهو السؤال الذي يجب على الإدارة ومن ورائها المهنة أن تطرحه .
الحقيقة أن قدوم نحو 350 سائحا من بلجيكا مهم جدا وتواصل النشاط الجوي غير المنتظم بين مطار النفيضة ومطارات بلجيكا خلال المرحلة القادمة وإلى غاية مطلع الخريف القادم جيد لكن هل بإمكان السياح البلجيكيين أن يصنعوا ربيع السياحة التونسية؟ بالتأكيد لا ، لأن

مهما تحدثنا عن هذه السوق فهي ، رغم أهميتها تعد سوقا محدودة جدا ، بالقياس إلى السوق الفرنسية والسوق الألمانية اللتين يمثلان من حيث العدد أهم بكثير من أسواق مثل إسبانيا وأسواق عموم أوروبا الشرقية التي كانت في دائرة المنظومة الاشتراكية الروسية .
فالسوق الفرنسية على سبيل المثال كانت إلى سنوات قليلة مضت يمثل وحدها عدد وافديها بل يفوق ما تستقبله تونس من بلجيكا وإسبانيا وبريطانيا وإيطاليا مجتمعة أي أكثر من مليون ونصف مليون سائح في الوقت الذي كانت فيه مؤشرات هذه الأسواق في سنوات ما قبل 2011 تتراوح بين مائتي ألف بالنسبة للبريطانيين وأكثر بقليل من الايطاليين ونحو مائة ألف من البلجيك .

أما السوق الألمانية التي سجلت أكثر من مليون و94 ألف سائح سنة 2009 فقد تهاوت خاصة بعد حادثة جربة الإرهابية إلى النصف ثلاث سنوات فيما بعد وظلت هذه السوق تعرف التراجع تلو التراجع إلى درجة بات من الضروري البحث حقيقة في أسباب تقلص عدد الوافدين من هذه السوق التي كانت بحق مزدهرة على الوجهة التونسية منذ ستينات القرن الماضي وعليها تم بناء كل المنظومة السياحية خاصة النزل من فئة ثلاث نجوم حيث تجد العائلة الألمانية غايتها التي جاءت من أجلها وهي الشمس والبحر والتنشيط وهو ما افتقرت إليه الوجهة منذ بداية القرن الجديد .

اليوم تتجه الأنظار إلى السوق الروسية التي كانت في الموسم الماضي خير معوض للسوق الأوروبية المترهلة لكن هل بالإمكانها تعويض خاصة السوق الألمانية والفرنسية باعتبارهما أهم الأسواق وأكثر ها قدرة على الإنفاق داخل وخارج النزل فضلا عن عملة لا تشكل إضافة مهمة للخزينة العامة للبلاد وبالتالي تحقيق نسبة مهمة في تغطية العجز الذي تعاني منه الدولة بالعملة الصعبة.

هنا الوضع يتطلب تحركا سريعا مهنة وإدارة لاستجلاب السياح الألمان خاصة باعتبارهم من ذوي القدرة العالية على الإنفاق وقضاء أماد أطول في تونس . لابد من وضع خطة عملية تحضيرا للموسم القادم عبر التأكيد أولا على الأمن في البلاد وانحسار مد الإرهاب مع إبراز خصائص الوجهة وتجديد المنتوج للعائلة الألمانية بتوفير الجودة وكل وسائل الاتصال الحديثة في النزل وخارجه عبر ابتكار أنشطة وبرامج تشد السائح الألماني والأوروبي عموما خاصة بالسهرات الاحتفالية الليلية على الشاطئ وفي الساحات العامة وغيرها .

توقف خلية الإحصائيات
المتتبع لموقع وزارة السياحة لاحظ منذ مطلع السنة توقف رابط الاحصائيات المسجلة لدى ديوان السياحة مع انتهاء العام الماضي والغريب أن أربعة اشهر مضت عن الموسم ولم نجد بالموقع أدنى إحصائية وكان القائمين على الموقع باتوا يخشون أن يصيب القطاع عينا فتتراجع المؤشرات والأرقام . بربكم يا أصحاب القرار في موقع السياحة لوزارة السياحة أعيدوا الحياة للأرقام لأن في ذلك درءا لكل الشبهات.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115