منبــر: إنّها ردّة وربّ الكعبة

منذ أن هلّت علينا تباشير الثورة المباركة ونحن نتقلّب يمنة ويسرة على أرض حقّ عليها القول إنّها تمور. فإذا بنا

كأنّ الريح تحتنا في كلّ مبادرة للتحديث، وإذا بصكوك التوبة توزّع من جديد ، وتصنّفنا إلى كافر ومؤمن، وإذا بالمخزون الذي علاه الندى ينشر نشرا كأنّ فيه خلاصنا ورضى من الربّ.. ولسنا وحدنا نحن التونسيين، وإنّما هي حال تعيشها كافّة المجتمعات الإسلامية، بعد أن انتشرت في جسدها حمّى التقوى، والدعوة إلى الصراط المستقيم، ولا استثناء فيما نقول، بل وحتى المجتمعات التي تدّعي أنّها سلمت من مرض الإخوان هي غارقة في نفس الخندق، وكلّما تقدّمت بنا الأيام تأخّر بنا الركب، وقريبا .. قريبا سيفصلنا عن الحداثة برزخ..
اليوم سأتحدّث عن حالنا نحن، عن الحال التي انتهينا إليها مكرهين، لأنّنا نبّهنا الحكومة إلى خطر الدخيل علينا، وحذرناها ممّا قد نواجهه في قادم الأيام سياسيين كنّا أم مجتمعا مدنيّا، وإذا بالخطر يداهمنا، ونحن في غيبوبة: إنّها الردّة.
والارتداد لغة هو التحوّل ، ومنه استعملت الردّة للدلالة على الرجوع عن الشيء، ومنه الردّة عن الإسلام. هو لفظ يستعمل عامّا مثل العبارة : مرتدّين على أعقابهم أي متخلّفين عن بعض الواجبات. وسنتحدّث عن مجتمعنا في زمن ردّة بمفهوم معاصر: أي في زمن التنكّر والعدول. وعلى هذا الأساس فإنّ هذه الردّة آتية على العالم كافّة ، وهي متنوّعة تنوّع الحركات الإسلاموية. وترتكز بصفة خاصّة على احتكار المرجعية العلمية: مثل انتشار الدعاة ، وتصدّر المنابر للحكم على النوايا والتحذير من مفارقة الجماعة، وبأنّ علماءهم هم وحدهم الذين يملكون كلمة حقّ، حتى وإن كانت كلمتهم فقيرة في معناها ورثّة ، وهذه المظاهر في رأينا تعبير عن أزمة يعانيها هؤلاء وشعور بالفشل في إقناع المجتمع بأنّهم سدنة الكلمة الحقّ.
لا أعتقد أنّي آتية بالجديد عندما أقول إنّ أزمة الإسلاميّين بدأت تاريخيا منذ أن أعلن كمال أتاتورك عن حلّ الخلافة وتأسيس الجمهورية، وقويت هذه الأزمة مع نهاية الحرب الثانية عندما نحت العلاقات الدولية منهج الدولة المؤسساتية القاطعة مع المرجعيات الدينية.
وكانت النتيجة أن نشأت تيارات تنادي بوجوب إعلاء كلمة الله والتمسّك بالعروة الوثقى وخاصة بالحذر من سياسة الغرب الاستيطانية. واللافت أن تجسّمت هذه النزعة في: الخطاب الرسمي وفي الإسلام الحركي/ الإيديولوجي/ السياسي معا.
من هنا بدأ الصرّاع، فكان لهذين النزعتين تأثير في الممارسة القانونية « صياغة الدساتير، برامج التعليم، التشريعات، وسائل الاتصال...» وفي البحث عن مناهج لتكريس عقلية تقليدية قوامها مقاربة النصّ الديني بما تحكمه الأعراف.
والسؤال: كيف نلمس الردة في الممارسة السياسية الرسمية؟
والجواب بسيط: عندما يعلن الجهاز الرسمي للدولة عن عقيدته. وفي ذلك تجسيم لتقلّب الدولة العربية الحديثة بين قيم الحداثة والموروث السائد، وأستحضر مثال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: ديسمبر 1948: وهو كوني، و لا أحد ينكر أنّه: «الميثاق الأعظم للإنسانية قاطبة»، اتفق عليه بعد الحرب العالمية الثانية:وهو عبارة عن إعلان رسمي على دخول جميع دول العالم ”الحية“ في سلم دولي يقوم على التعايش.
لكن: هل امتثلت الدول العربية إلى هذا الميثاق وإلى بقية المواثيق التي تؤسس لحضارة إنسانية تقوم على المساواة والحرية والعدل ؟
طبعا لا ، بل سعت الدول العربية إلى أن تتميّز عن بقية دول العالم، وأعلنت في سنة 1990 عن «الإعلان الإسلامي لحقوق الإنسان»: بالقاهرة وبإمضاء وزراء الخارجية العرب، بما فيها تونس. وهو إعلان يشتمل على 25 مادّة. والسؤال: ماهي الحاجة إلي هذا الإعلان؟ هل لأنّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قاصر عن الإيفاء بشروط الإنسان المسلم؟ هل صحيح أنّ الإعلان العالمي ” كما قالوا لنا“ لا يستجيب للخصوصيات الثقافية للمجتمعات قاطبة؟ إنّ هذا الإعلان ليس سوى ردّ على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وصيغت بنوده لتحاور تلك التي وردت في الإعلان العالمي. أوردها مسلمو الدول العربية لتصحيح «ما ورد زائغا عن العقيدة». وهي مواقف نعتبرها صورة صادقة لحال الردّة: فحقوق الإنسان في الإسلام إلهية المصدر بينما هي في الإعلان الوضعي بشرية المصدر. الله تعالى يعلم ما في الصدور والبشر لا يعلمون. ويترتب عن هذا الإقرار «أن الحقوق في الإسلام غير قابلة للتعديل ولا التبديل ولا الإلغاء مهما مرت الأعوام وطال الزمان».
«المشروع الإسلامي ليس له مصلحة خاصة بينما يسعى الإعلان الوضعي إلى خدمة الشعوب الغربية والضغط على الشعوب المستضعفة من أجل التدخل في شؤونها الداخلية».
«التأكيد على التصادم مع الثقافات الأخرى» أمثلة:
• المادة (16) حرية الزواج بدون التقيد بديانة الزوج
• المادة (18) حق تغيير الدين
• المناداة بالمساواة بين المرأة والرجل والمطالبة بحقوق المرأة
وتعاظم الخوف من الآخر الغازي في كيان الدولة الرسمي، وبدأنا نشهد تأسيس مجالس إسلامية، على غرار المجلس الإسلامي الأعلى بتونس: مجلس أحدث في 9 جانفي 1989. ومن مشمولاته حسب رئاسة الحكومة:
• إبداء الرأي في اتجاه تنفيذ أحكام الفصل الأول من الدستور الذي ينص على أن تونس جمهورية دينها الإسلام.
• إبداء الرأي فيما يتعلق بالنواحي الاجتماعية والفقهية، خصوصا منها ما يهم الأحوال الشخصية وأحكام الأسرة حفاظا عليها من التفسخ والانغلاق وتمكينا لها من القيام بدورها في تربية الأبناء ورعايتهم وحسن إعدادهم على أكمل الوجوه.
• ترشيد الخطاب الديني 
• إبداء الرأي في كل ما يتعلق ببرامج التعليم في الجامعة الزيتونية وبرامج مادة التربية الدينية في سائر المعاهد.
• التصرف في موارد صندوق الزكاة بعد جمعها وتوزيعها بحسب الضوابط الشرعية عن طريق هيئة وطنية للتسيير يرأسها رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، إلى جانب الهيئات الجهوية للتسيير التي يمثل فيها المجلس الإسلامي الأعلى في خطة نائب رئيس.
ظلّ جثمان هذا المجلس مخيّما على رؤوسنا حتى بعد الثورة، ولم يكن لأيّة حكومة منذ الترويكا إلى اليوم الجرأة على حذفه أو إحيائه، لأنّ الإرادة السياسية تريده وفي الآن نفسه تخشى ردّة فعل من المجتمع المدني إن سعت إلى إحيائه. وسيظلّ هذا المجلس المركّب من أعضاء صفتهم إخوانية وسلفية قابعا على صدورنا.
أليست هي ردّة مجسّمة في رجوع الحكومة على عقبيها وفي تقلّبها بين بنود الدستور والقوانين السابقة له. وخاصّة هي ردّة نعيشها في الخطاب الرسمي: تعبير عن فوضى في المرجعيات.
فكان الالتزام بأنّ كلّ مشروع اجتماعي يقدّم يجب أن يقوم على الإقرار بالاختلاف + التميّز. فالإسلام الرسمي هو من يحفظ هذا التميّز. والتميّز وليد الإيمان بأنّ المسلمين هم أفضل الشعوب ، ومسؤولين على الكون بمبادئ ائتمنهم الله عليها: بالقرآن وإن لم تجدوا فبالسنّة وإن لم تجدوا فبالحديث المؤسس للفقه، والذي يرعاه علماء هذه الأمّة.
وعلى هذه المسلّمة تنشأ العلاقات الدولية.
سؤال : ماهي صورة الإسلام التي نستنتجها نحن من يعيش داخل هذه المنظومة؟ وهل إنّ الآخر الغربي الذمّي في منطلقات سدنة الإسلام الرسمي، يعي بهذه الصورة القلقة وحالة التأزّم التي يعانيها المسلم المؤمن بالحاكمية؟
عن أيّ تسامح إسلامي نتحدّث إن كان قائما على الشريعة التي تشرعن للعنف على المسلم وعلى غير المسلم؟ إن كانت الشريعة هي المحرّك الأصلي في إقصاء المسلم من تيار الحداثة وتفرده على الربوة.
هذا وجه من أوجه الردّة. وهناك نوع من الردّة في الخطاب الإيديولوجي أثمرته سياسة الدولة الحائرة وولّدت حالة سكيزوفرينية. فصرنا نعيش اليوم ”فتحا جديدا“ يسهم في ضبابية الإيمان وحيرة المسلم العادي. سيما و أنّ الأرضية طيعة: عامل الجهل والفقر والبطالة والتهميش.
فكان أن توفّر للإسلام الحركي هذا الفضاء ويسّر له استقطاب الناس. وفتح دورا للدعوة والتدريب، والغريب أنّ الدولة تنظر ولا تحرّك ساكنا ، بالرغم من تنبيهنا إلى خطورته، فحلّ ركب علمائهم في أرضنا، ونفث نفسه بين أبنائنا، ليغرس فيهم حبّ زعيمهم القرضاوي. إنّ خطر هذا التنظيم في خطابه: إذ كيف تسلم المعادلة في اعتبار القرضاوي فقيه الأمة وحبرها المعتدل، هذا من جهة وتأليفه في هذه الأيام لكتب مثل «فقه الجهاد». كيف يمكن تطبيق الفتاوى التي تضمّنها الكتاب في عصر يدفع فيه العرب الجزية لأمريكا؟
ألم يعتبر القرضاوي مرحلة الدعوة جهادا وسخّر لها جميع التقنيات لربحها ؟ «إن عصرنا هذا قد أتاح لنا أن نخاطب عقل الإنسان وقلبه في أنحاء العالم، بوسائل شتَّى: بالإذاعات الموجَّهة، والقنوات الفضائية، وشبكة الإنترنت، والرسائل المكتوبة بشتَّى اللغات، وهذه تحتاج منا إلى جيوش جرَّارة من الدعاة والمعلمين والإعلاميين المدرَّبين، القادرين على مخاطبة الناس بلغاتهم، وبلسان عصرهم، وأساليب زمنهم، عن طريق الصوت والصورة، والكلمة والحركة، والكتاب والنشرة، والمجلة والصحيفة، والحوار والتحقيق الصحفي، والعمل الدرامي، والصُور المتحركة، وكلِّ ما يشدُّ الناس إلى الإسلام، وهذا الجهاد السلمي الضروري لم نقُم فيه بواحد من الألف مما هو مطلوب منا». 
أليس ما يدعو إليه شفرة لا يفكّ رموزها سوى الجهاديين على حدّ تعبيره وما هم في الحقيقة سوى أولئك الإرهابيين المتطرّفين؟
إنّها أقسى درجات الفوضى التي تعاني منها المجتمعات العربية: احتلال فضاءات العبادة والانتصاب لتلقين الناس «المبادئ الصحيحة» للشريعة، وما يقدمونه سوى مبادئ الإخوان والسلفيين. وتوظيف الأحداث السياسية التي مرّت بها سوريا والعراق لزرع البذرة الأولى للخلافة.
لذلك نحن نعاني ردّة في جميع المجتمعات العربية. والردة درجات:
• ردّة يعاني منها المسلم المعاصر في داخله: فوضى المرجعيات والتناحر على أهلية الاجتهاد.
• تكريس الإعلام لتسويق الخطاب الرسمي والإيديولوجي وإرساء مقاربات متنوعة الجامع بينها التناقض
• الفوضى فيما أثمرت عنه هذه الصورة الجديدة: ظهور فرق إيديولوجية وكلّها تعتبر نفسها الناجية: وما نشأة الدواعش سوى نتيجة حتمية لما شهدته المجتمعات الإسلامية من طفرات وشطحات في وهمها أنّها تحدث مقاربات جديدة لإرجاع كلمة الله في الكون: الدواعش ليسوا سوى أولئك الشباب المتوسّط التكوين والمفتقد للزاد المعرفي العقلاني لقّن أنّ الجهاد هو الأصلح والانضواء تحت أحكام الشريعة هو الأسلم.
• كيف تحرجنا صور ذبح النصارى أو من خالفهم؟ ولم تحرجنا ما خلّدته كتب الفتوحات؟
ألم يلقّن الدواعش ما رواه البخاري و مسلم، وأمروا بأنّ ما حفظوا هو عين العقيدة والإيمان، شأنهم شأن بقية المسلمين، ألم يتفانوا في تلقيننا أنّ السبي حقّ المحارب ؟
• ألا تعبّر هذه الأخبار التي تعجّ بها كتب الرجال والطبقات عن الاستبداد الذي عانته أجيال وأجيال من المسلمين؟ بل هي من أشدّ مظاهر الاستبداد لما لها من قدرة على إقصاء الحقيقة التاريخية ووأدها.
• هل من سبيل إلى إقناع هؤلاء، نساء كانوا او رجالا، أنّ التعامل مع المرأة يجب أن يقوم على اعتبارها إنسانا؟ وكتب الفقه تعجّ بالحديث عن المرأة الأمة والحرة والشريفة، وتجيز عرض الأمة المتوفى عنها زوجها في فترة عدّتها للبيع في سوق النخاسة وأن تتجمّل. المرأة في كتب الفقه صنفان إمّا كائن يتحرّك في صمت وبأمر، وتلك الحرّة أو ذلك الشيء الذي تتناقله ايدي الذكور وتلك الأمة.
• ألم يقطع خالد بن الوليد رأس مالك بن نويرة وأوقد به القدر لطهي عشائه، بل والأدهى أنّه بات بامرأة ابن نويرة ليلة قتل زوجها، ويقول الطبري في هذا السياق « كان مالك بن نويرة أكثر الناس شعرا، وإن أهل العسكر أثّفوا برؤوسهم القدور، فما منهم رأس إلاّ وصلت النار إلى بشرته ما خلا مالكا، فإنّ القدر نضجت وما نضج رأسه من كثرة شعره»، تاريخ الطبري،ج2،ص273.
• ومن بعده ألم يقطع رأس عثمان بنفس المشقص الذي يستعمله الدواعش في قطع رؤوس ضحاياهم؟
الردّة يا سادتي يعيشها المتفقه في الدين والمالك لوسائل التواصل الحديثة.
والنتيجة فتاوى كلّ يوم مثل الفقاقيع وكلّها تسعى إلى إرجاع المجتمعات الإسلامية إلى خيمة الجماعة. والنتيجة بيانات تعارض كلّ محاولة ترنو إلى تحديث المجتمع بما يتماشى مع حركته الديناميكية.
الردّة في نشأة جمعيات نعتت نفسها «بالخيرية» ، أو بالعالمة، ولكنّ غاياتها تكوين جيش المسلمين منهم المحارب باليد ومنهم المحارب باللسان، وجميعها يسعى إلى إدخال الجماعة إلى خيمة الطاعة.
الردّة تتحكّم في دساتيرنا لما أدرجوا فيها من بنود متناقضة تتأرجح بين العقلانية والتشبّث «بأحكام الشرع».
الردّة تسيّر وجداننا الجمعيّ الذي ظلّ رهين ما تلقّاه من موروث اعتبر مقدّسا يكاد ينافس الخالق في القداسة.
الأولى أن نكون إيجابيين في مواقفنا، حتى ونحن ننقد، لأنّ في النقد سعيا إلى الارتقاء إلى ما هو أفضل، لا أن نصرخ ونلطم مثل المقعد الذي لا يروم نهوضا. وكم هم كثر هذه الأيام الأنبياء الذين يحاكون مسيلمة. ولذلك هي ردّة تعمل جاهدة حتى تكرّس الجهل وحتى ينتشر الموت والخراب.
تراثنا يصرخ ويستنجد بنا حتى نقرأه قراءة متفحّصة، قراءة ممنهجة، وما لم تحدث هذه الثورة المعرفية فإنّ وضع الدول العربية قاطبة والعالم سيجني ثمرات القراءات المظلمة التي تسعى إلى تدجين العقل.
هذا جزء أوّل في الردّ على من اعتبرهم ابن خلدون « بحاطب الليل»، أمّا الجزء الثاني فسيكون قراءة هادئة وباحثة عن حلول ترتقي بتقرير لجنة الحريات إلى تطلّعات المجتمع الحيّ.
مهمّتنا ثقيلة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115