الحركة القضائية لسنة 2018 في أعين جمعية القضاة: بين «استحالة» تنفيذ الأحكام القضائية وإخلالات بمضامين تفعيل نقلة «المصلحة العامّة»

بعد سلسلة من التأجيلات، اعلن المجلس الاعلى للقضاء في ساعة متأخرة

من الليلة الفاصلة بين الثلاثاء والاربعاء عن نتائج الحركة القضائية للقضاء العدلي والتي شملت 805 قضاة من مختلف الرتب بين ترقيات وتسميات ونقل.
يبدو انّ الحركة القضائية لسنة 2018، المعلن عنها أول أمس، لم تختلف عن سابقتها خلال 2017 إذ أثارت استياء مختلف الهياكل القضائية بين محامين وقضاة.
الحركة القضائية الحالية ورغم صدورها بعد الآجال القانونية التي نصّ عليها المشرع، الا انها لم تخل من العديد من الاخلالات والتجاوزات وفق ما اكده رئيس جمعية القضاة التونسيين لـ«المغرب».

استخفاف بحسن سير المرفق القضائي
اكد رئيس جمعية القضاة التونسيين انس الحمادي انّ الجمعية تستنكر وبشدة التاخير بشهر كامل عن الإعلان عن الحركة القضائية، علما وانّ القانون قد حدد آجال صدور الحركة القضائية قبل موفى شهر جويلية من كلّ سنة.
واعتبر الحمادي أنّ هذا التأخير يمثل استهانة من قبل مجلس القضاء العدلي بالظروف العائلية والاجتماعية للقضاة الذين شملتهم الحركة القضائية والذين سينتقلون للعمل بأماكن بعيدة عن مقرات سكانهم.

كما يمثل استخفافا بحسن سير المرفق القضائي و بحسن الاستعداد للسنة القضائية الجديدة في ظروف جيدة. لان هذا التأخير سيترتب عنه تأخير في انطلاق السنة القضائية، باعتبار أن عدم استقرار القضاة من شأنه أن يتسبب في عدم انطلاق السنة القضائية الجديدة بالطريقة المطلوبة على حدّ تعبيره.
واكّد ان تأخير الإعلان عن الحركة، وخلافا لما يروج له، لا علاقة له بعدد المطالب المقدمة من القضاة ولا بالتطبيق السليم لمعايير الحركة القضائية ولا بخدمة المصلحة العامة

واعتبر ان السبب الرئيسي لتأجيل الإعلان عن الحركة القضائية في أكثر من مناسبة كان نتيجة لصراعات داخل مجلس القضاء العدلي على خلفية السعي الى إرضاء المقربين من أعضاء المجلس في النقل والترقيات وإسناد المسؤوليات القضائية .
وأضاف مصدرنا بان كل ذلك يؤكد ما كانت قد أشارت إليه جمعية القضاة التونسين في وقت سابق وهو أن الحركة القضائية لم تكن مؤسسة على معايير الحيادية والكفاءة والنزاهة والاستقلالية وإنما على معايير الولاء والمحسوبية ومدى القرب من أعضاء مجلس القضاء العدلي ومدى ارتباطهم بالعلاقات الشخصية فيما بينهم.

« فشل مجلس القضاء العدلي»
من جهة اخرى اكد الحمادي أن جمعية القضاة ستتولى إجراء تقييم دقيق وشامل للحركة وذلك بعد الحصول على كل المعلومات المتعلقة بها من المحاكم عبر ممثلي الهيئة الإدارية وممثلي المحاكم والمسؤولين على المحاكم والقضاة المتضررين من الحركة.
وأضاف «مبدئيا فان الحركة الصادرة أول أمس الثلاثاء يغيب فيها كل منحى إصلاحي من خلال اعتماد المعايير الدولية في الترقية وإسناد المسؤوليات القضائية الكبرى. ووفق القراءة الأولية للحركة فإنها مماثلة للحركة السابقة حيث أنها اعتمدت على معايير الولاء والمحسوبية، عدا بعض التسميات القليلة والقليلة جدّا».
واستغرب محدّثنا نشر حركة قضائية دون تقرير مفصل لها يبيّن المعايير التي تم اعتمادها في النقل والترقيات وإسناد المسؤوليات القضائية ، كما انه لم يتم نشر ما أفضى إليه النظام الجديد الذي كان قد أعلن عنه مجلس القضاء العدلي وهو نظام «التنقيط» في المفاضلة بين القضاة وكيفية اعتماده وتفعيله في الحركة القضائية.
وشدد على انّ « الحركة القضائية الحالية تمثل عنوان فشل كبير وكبير جدا لمجلس القضاء العدلي الذي يعتمد سياسة الأمر الواقع ،وذلك نظرا لانه يتعمد التأخير في ا صدار الحركة القضائية حتى يجد القضاة انفسهم امام الأمر الواقع وليس لديهم اي مجال الا تنفيذ هذه الحركة والاستجابة الى كل ما جاء فيها دون الذهاب الى الاعتراض عليها او الطعن فيها».

خلل على مستوى تفعيل مضامين نقلة «المصلحة العامة»
كما أشار الحمادي الى جملة من الاخلالات التي شابت الحركة واهمّها المتعلق بتفعيل مضامين مقتضيات المصلحة العامة، «حيث تبين ان هناك عددا من القضاة الذين سبق وان قضوا سنوات بالمحاكم البعيدة عن مقرات سكانهم لفائدة المصلحة العامة ، تمت إعادة نقلتهم من جديد لذات السبب والحال ان هناك العديد من الأطراف الأخرى لم تشملهم مقتضيات العمل لفائدة المصلحة العامة». ذلك بالإضافة الى ترقية وتسمية عدد من القضاة الذين قد سبق وان تمت ترقيتهم خلال السنة القضائية الفارطة.
أمّا في ما يتعلق بالأحكام القضائية الصادرة عنة المحكمة الإدارية في ما يتعلق بالطعون في الحركة القضائية الفارطة فقد أكّد الحمادي انه «لم يتم التنصيص على أي نقلة وإرجاع أي قاضي الى سالف عمله بمقره السابق بناء على تنفيذ حكم قضائي. الأمر الذي يؤكد أن مجلس القضاء العدلي لم يتول تطبيق الأحكام القضائية الصادرة عن المحكمة الإدارية ولم يتول التنصيص على ذلك ضمن الحركة القضائية».

«هناك قرارات قضائية استحال تنفيذها»
شملت الحركة القضائية لسنة 2018 - 2019 للقضاء العدلي 805 قضاة ، من بينهم 200 ملحق قضائي. وقد شملت الترقيات من الرتبة الاولى الى الرتبة الثانية 47 قاضيا ومن الرتبة الثانية الى الرتبة الثالثة 128 قاضيا.
ووفق ما اكده الناطق الرسمي باسم المجلس الاعلى للقضاء عماد الخصخوصي في تصريح لـ«المغرب» فانّ المجلس قام بتنفيذ ما يمكن تنفيذه من القرارات القضائية الصادرة عن المحكمة الادارية والمتعلقة بالطعون في قرارات المجلس خلال الحركة القضائية السابقة لسنة 2017 - 2018.اما ما تبقى من القرارات فقد استحال تنفيذها نظرا لتعلقها بمصالح أطراف أخرى.
ومن بين القرارات التي استحال تنفيذها، هو قرار المحكمة الإدارية القاضي بإلغاء القرار الصادر عن المجلس الأعلى للقضاء القاضي بنقلة وكيل الجمهورية السابق بالمحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد عبد الستار الخليفي من خطته الى خطة رئيس دائرة استئنافية بمحكمة الاستئناف بصفاقس، كما تمّ إلغاء الأمر المتعلق بالحركة القضائية في ملف الحال. علما وان ّ قرار نقلة الخليفي قد اثار موجة من الانتقادات والغضب، حيث اعتبرت الهياكل القضائية آنذاك انّ نقلته كانت الغاية منها هو استبعاده بعد توليه فتح عدد هام من ملفات الفساد والمتورط فيها امنيين ومحامين واطباء وغيرهم.
وشدد الخصخوصي على ان الحركة القضائية كانت اقرب ما يكون الى المعايير الدولية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115