بعد صدور تقرير المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب ماي 2018: «أطفال يعنّفون وسوء معاملة وارتفاع في حالات التعذيب» فهل هي العودة؟

من أبرز الشعارات التي رفعت خلال ثورة 14 جانفي 2011 القطع

مع الماضي ومع زمن الظلم والاستبداد وذلك من خلال مكافحة الفساد والوقاية من التعذيب. موضوع كان مصنّفا ضمن الخطوط الحمراء طيلة عقود،لهذا الغرض تم تركيز الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب بعد أكثر من 5 سنوات على الثورة وهي تستعد لنشر تقريرها السنوي خلال الشهر الحالي ،في المقابل تعمل المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب على متابعة هذا الملف عن كثب حيث تقوم بنشر تقارير شهرية ترصد فيها مدى التقدّم في التصدي لهذه الظاهرة ، وفي هذا الإطار أصدرت تقريرها لشهر ماي المنقضي الذي لم يأت بمؤشرات جيّدة لأنه تم تسجيل ارتفاع في حالات التعذيب وسوء المعاملة وهو ما يفتح الباب على طرح عديد التساؤلات.
التعذيب قبل الثورة ظاهرة توغّلت في مجتمعنا ولكن مسكوت عنها لأن من يتجرأ ويخوض في هذا الموضوع يكون مصيره مجهولا، اليوم وبعد إسقاط النظام السابق فتح الملف وكشفت حقائق مفزعة حول حالات التعذيب وسوء المعاملة التي أدى العديد منها الى وفاة الضحية حيث يتعهد القضاء اليوم بعدد كبير من القضايا في هذا السياق.

ماذا في التقرير لشهر ماي2018؟
أعلنت المنظمة التونسية للوقاية من التعذيب مؤخرا عن تقريرها الشهري (ماي 2018) وذلك خلال ندوة صحفية عقدت للغرض فكانت المفاجأة حيث تم تسجيل ارتفاع في حالات التعذيب وهو ما اعتبرته المنظمة ينبئ بعودة ممارسة العنف والتعذيب بوتيرة أكبر وذلك بالمقارنة مع الأشهر المنقضية» وفق ما جاء في تقريرها.من جهة أخرى ذكر التقرير أن السجون مازالت تسجل حالات سوء معاملة بسبب نوعية القضية بالاضافة الى تدخلات عنيفة ضد أفراد لم يبدوا أية مقاومة لدى إيقافهم أو استدعائهم لإجراء أبحاث أولية وتمت ممارسة العنف ضدّهم على مرأى من أطفالهم وأفراد أسرهم»وهو ما وصفته المنظمة بغير المقبول وأنه لا يمكن اتخاذ إجراءات تأديبية ضدّ سجناء إلا إذا خالفوا القوانين».

«حرق بالسجائر»
الاطفال وفق ما جاء في تقرير المنظمة لم يكونوا بمنأى عن ممارسات العنف والتعذيب حيث تم تسجيل حالات أطفال لم ينجوا من عنف الأمن،على غرار رصد عملية حرق بالسجائر استهدف فيها طفل لإجباره على الاعتراف بجرائم في غياب وليه ومحاميه وعندما اعترضت والدته على تلك الممارسات لفقت لها قضية عدلية في الاعتداء على موظف عمومي» دائما وفق تقرير المنظمة. قضية الحال تدخّلت فيها أيضا الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب التي قامت بزيارة الطفل وعرضه على الفحص الطبي.
هذا واستنكرت المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب قيام عدد من الجهات الأمنية بتصوير المشتبه بهم ونشر صورهم على مواقع التواصل الاجتماعي وهم بحالة احتفاظ والتشهير بهم وهي ممارسات اعتبرتها مخالفة لأبسط حقوق الإنسان.

توصيات ولكن
في ختام تقريرها قدمت المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب سلسلة من التوصيات للجهات المسؤولة على خلفية ما رصدته خلال شهر ماي المنقضي اذ تتمحور في مجملها حول عديد النقاط وخاصة منها حول التحقيق الإداري والقضائي في الحالات الواردة بالتقرير والكف عن إساءة معاملة فئات من الموقوفين أو السجناء بناء على نوعية القضايا المنسوبة إليهم وإسداء تعليمات واضحة من طرف النيابة العمومية للضابطة العدلية بخصوص احترام إجراءات سماع الأطفال طبق الدستور والمواثيق الدولية والقانون التونسي كما دعت المنظمة إلى ضرورة تطبيق النيابة العمومية والقضاء للقوانين السارية في علاقة بعدم اعتماد الأبحاث المسجلة تحت التعذيب متى ثبت التعذيب أو قامت شبهة قوية على حصول ضغوط وحرمان من الحقوق للوصول إلى تلك التصريحات طبقا لمضمون التقرير. مؤشر ارتفاع حالات التعذيب وسوء المعاملة للسجناء وخاصة الأطفال منهم لا ينبئ بخير ويعزّز التخوفات حول العودة إلى مربع الاستبداد ،فهل هي العودة إلى التعذيب من «الباب الكبير»؟ من المسؤول عن هذا الوضع؟ ومتى يحسم هذا الملف؟ 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115