بعد اتضاح رؤية المجلس الأعلى للقضاء: الطريق مفتوحة لتركيز المحكمة الدستورية

انطلق أعضاء المجلس الأعلى للقضاء الـ39 في ترتيب بيتهم الداخلي بعد أن اجتمعوا مؤخرا بدعوة من رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر وذلك يوم 28 افريل المنقضي،من اجل استكمال تركيبة هذا الهيكل من خلال فتح باب الترشحات لسدّ

خمسة شغورات في الأعضاء المعينين بالصفة بعد سلسلة الإحالات على التقاعد التي شهدتها الساحة القضائية في عدد من الخطط الوظيفية السامية،خطوة تركيز المجلس الأعلى للقضاء فتحت الباب أمام بقية الهيئات الدستورية القضائية المنصوص عليها في الدستور على غرار المحكمة الدستورية.

وللتذكير فإن المجلس الأعلى للقضاء المجتمع في أولى جلساته قد انتخب أعضاءه حاتم بن خليفة رئيسا مؤقتا وفوزية القمري ولمياء المنصوري نائبتين مؤقتين له لتسيير أمور المجلس الأعلى للقضاء في انتظار انتخاب الرئيس الدائم وتوزيع المهام.

صودق عليه منذ سنة وخمسة أشهر
أكثر من سنة مرّت على مصادقة مجلس نواب الشعب على مشروع قانون المحكمة الدستورية التي ستعوض ما يعرف اليوم بالهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين الموكولة لها مهمة النظر في مدى دستورية القوانين المصادق عليها سواء من تلقاء نفسها أو بتقديم طعون من الأطراف المعنية علما وان المصادقة تمت بـ130 صوتا و3 محتفظين ودون تسجيل أي اعتراض،المحكمة الدستورية هيكل لا يزال حبرا على ورق فمنذ المصادقة على القانون المذكور في 20 نوفمبر 2015 والى اليوم لا جديد يذكر على المستوى الواقعي ،الأمر الذي يجعل طرح سؤال لماذا ؟ مسألة ضرورية ولا بد من توضيحها ،بكل بساطة الإجابة هي أن المحكمة الدستورية تركيزها مرتبط ارتباطا وثيقا بالمجلس الأعلى للقضاء لأن هذا الأخير يعيّن أربعة من أعضاء المحكمة المذكورة ولكن الأزمة التي شهدها المجلس منذ أشهر ألقت بظلالها على بقية الهياكل القضائية الدستورية وعلى مسار الوضع الدائم للسلطة القضائية برمته وساهمت في تعطيلها،اليوم وبعد انفراج تلك الأزمة واتضاح الرؤية في مسار تركيز المجلس الأعلى للقضاء فإن الطريق أيضا فتح أمام الانطلاق في الإعداد لانتخابات المحكمة الدستورية وما تتطلبه من مراحل وترتيبات إجرائية وقانونية وغيرها.

بالعودة إلى القانون المنظم للهيكل محور الحديث (أي المحكمة الدستورية) فإن مسار المصادقة عليه يمكن القول بأنه ماراطوني وسريع حيث أنهت لجنة التشريع العام مهامها في 28 اكتوبر 2015 وأحالت الأمر على مجلس نواب الشعب الذي عرضه على الجلسة العامة ونال التصويت بأغلبية 130 صوت في اقل من شهر أي بتاريخ 20 نوفمبر 2015 ليختم من قبل رئيس الجمهورية في 3 ديسمبر 2015 وبذلك أصبح قانونا نافذا بعد أن نشر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية ، قانون ينص على أن المحكمة الدستورية تتكون من اثني عشر عضوا ،ثلاثة أرباعهم من المختصين في القانون من محامين وقضاة وأساتذة جامعيين وغيرهم ويشترط فيهم أن يكونوا حاملين للجنسية التونسية منذ ما لا يقل عن 5 سنوات ويبلغون من العمر 45 سنة على الأقل وخبرة لا تقل عن 20 سنة وهي نقطة أثارت الكثير من الجدل خلال المناقشة.أما عن المهام الموكولة للمحكمة الدستورية طبقا لذات القانون فهي تنظر في مدى دستورية مشاريع القوانين ومراقبة دستورية تعديل الدستور ودستورية المعاهدات.

هياكل أخرى في الانتظار
المحكمة الدستورية هي جزء من المسار الدائم للسلطة القضائية الذي يعتبر من بين المسارات المعطلة منذ الثورة إلى اليوم ولم يستكمل بسب العثرات المتعددة،فهناك هيئات أخرى مرتبطة بتركيز المجلس الأعلى للقضاء من بينها محكمة المحاسبات وهي التسمية الجديدة لدائرة المحاسبات الموجودة اليوم وذلك طبقا لمشروع القانون الجديد المنظم لهذا الهيكل والذي من المنتظر أن يعرض على مجلس نواب الشعب لأنه يتضمن إلى جانب التسمية صلاحيات جديدة للمحكمة المذكورة ،صحيح هذا الهيكل بثوبه المغاير لا يزال مجرد مشروع قانون ينتظر المناقشة والمصادقة وسيمرّ بمراحل ربما تأخذ وقتا خاصة وأن البلاد مقبلة على انتخابات بلدية وليس من الممكن أن تكون محكمة المحاسبات جاهزة في هذه الفترة الوجيزة خاصة وان موعد الانتخابات في ديسمبر المقبل.في هذا السياق أكد احد المطلعين في تصريح سابق لـ«المغرب» الإسراع في تركيز المجلس الأعلى للقضاء يمهد طريق تركيز بقية الهياكل ومن بينها محكمة المحاسبات لأن هذا الأخير ينظر أيضا في مثل هذه الأمور.

وللإشارة فإن تركيز المجلس الأعلى للقضاء تم بعد تعديل القانون الأساسي المنظم له وسط عدم رضا من عدد كبير من أعضاءه إلى جانب جمعية القضاة التونسيين التي كان معارضة لكل مراحل المسار حرصا منها على تركيز هيكل مستقل وبعيدا عن التجاذبات والتدخل من السلطة التنفيذية على حدّ تعبير مكتبها التنفيذي ،بالنسبة للأعضاء وبمجرد دعوتهم من قبل رئيس مجلس نواب الشعب اجتمعوا على طاولة واحدة وضعوا خلافاتهم جانبا واحتكموا إلى القانون وكانت جلسة عائلية كما وصفها القاضي الهادي القديري وهو عضو معين بالصفة صلب المجلس المذكور وهو ما أشاد به عديد الملاحظين خاصة وان الأزمة قد طالت والأمر لم يعد يحتمل وإذا تواصل سيؤثر سلبا على سير مرفق القضاء بصفة عامة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115