كاتب الدولة المكلف بالبحث العلمي، خليل العميري لـ«المغرب»: الدولة توظف قرابة 0،66 % من الناتج الداخلي الخام لتمويل البحث وهو رقم دون المأمول

• البحث العلمي لا يساهم اليوم في التنمية بالقدر المطلوب بسبب عدم وضوح الرؤية والتشتت
حددت منظمة اليونسكو يوم 10 نوفمبر من كل سنة كيوم عالمي للاحتفال

بأهمية العلوم في إقامة مجتمعات مستدامة،كاتب الدولة المكلف بالبحث العلمي خليل العميري شدد على ان الثروة الحقيقية للبلدان لا تقاس اليوم بالمساحات الجغرافية أو بالموارد الطبيعية وانما بقدرة مواطنيها ومؤسساتها على الابداع في شتى المجالات وبالخصوص في مجال العلوم والتكنولوجيا، معتبرا ان هناك عدة نقائص من اجل النهوض بمنظومة العلم والبحث أهمها ضعف الاعتمادات المرصودة وتشتت هياكل البحث والفجوة بين الانشطة كما طرح اشكاليات اخرى لها علاقة بالاطروحات وبالعراقيل ....

• ماذا عن اليوم العالمي للاحتفال بأهمية العلوم وخاصة أسبوع العلوم «Fête de la science»؟
في إطار إحياء هذا اليوم ينتظم أسبوع تنشيطي من 10 إلى 15 نوفمبر 2017 تحت اشراف وزارتي التربية والتعليم العالي والبحث العلمي وبمشاركة عدد من منظمات المجتمع المدني ويشتمل على عدد من التظاهرات العلمية على غرار محاضرات وأيام أبواب مفتوحة لعدد من مؤسسات البحث بالإضافة الى أنشطة بمدينة العلوم بتونس وقصر العلوم بالمنستير.

• وماذا عن منظومة البحث العلمي في تونس ؟
تضم منظومة البحث العلمي ما يناهز العشرين ألف باحث في الداخل بالإضافة إلى آلاف الباحثين في الخارج وقرابة 640 هيكل بحث يوجد أغلبها في المؤسسات الجامعية اما البقية ففي المراكز الوطنية للبحث ومؤسسات الصحة العمومية. وتحتل بلادنا المرتبة 60 دوليا من حيث الإنتاج العلمي، اذ بلغ عدد المقالات العلمية 7316 سنة 2016، والمرتبة الأولى إفريقيا في معدل الإنتاج بحساب عدد السكان أو الناتج الداخلي الخام. ففي بلادنا يوجد 13 جامعة تنتج ثلاث جامعات منها – تونس المنار والمنستير وصفاقس - 70 % من المقالات العلمية المفهرسة.كما يوجد ببلادنا 21 مركزا وطنيا أساس نشاطه البحث وتنتج المـــراكز 19 % من مجموع المقالات العلمية على المستوى الوطني. وتعد بلادنا تسعة أقطاب تكنولوجية أو تنافسية يوجد في جلّها مركز بحث علمي.

• هل تعتقد ان البحث العلمي يساهم اليوم كما يجب في النهوض بمختلف القطاعات وفي التنمية ؟
كلا ، لا يساهم البحث العلمي اليوم في تونس في التنمية بالقدر المطلوب، ويرجع ذلك الى عدم وضوح الرؤية بخصوص رسالة منظومة البحث وأهدافها. فلطا لما توجهت المنظومة، أساسا «برامج الدكتوراه وأنشطة المخابر»، الى تكوين أساتذة جامعيين لتلبية حاجيات مؤسسات التعليم العالي، إلا أننا اليوم مع تناقص عدد الطلبة نظرا للتطورات المجتمعية التي تشهدها بلادنا، نجد أنفسنا أمام ضرورة تحويل وجهة منظومة البحث من التكوين إلى التثمين - أي توظيف مخرجات البحث في خدمة التنمية بمختلف أبعادها. ولتحقيق النقلة النوعية المطلوبة، استكملنا مخططا استراتيجيا خماسيا وقع الاعلان عنه في موفى الصائفة.

• ولتحسين هذه «الرؤية» لمنظومة البحث و التجديد ما هي الخطوات او البرامج التى ستعتمد؟
تتلخص الرؤية الجديدة في جعل تونس مركز امتياز قاري في مجال البحث والتجديد بهدف دفع التنمية وتحسين جودة الحياة، وذلك بتوظيف منظومة البحث في رسالة خماسية الابعاد تضمن لنا جامعات متميزة عالميا، شركات مبتكرة، خدمات عامة متطورة، جهات مجددة ومزدهرة، ومجتمع حرّ ديمقراطي ومنيع.

• هل من عراقيل تعيق تحقيق هذه الرؤية؟
هناك عدة نقائص أهمها ضعف الاعتمادات المرصودة وتشتت هياكل البحث والفجوة بين الانشطة من جهة والفرص والحاجيات من جهة أخرى، كما تعاني المنظومة من التعقيدات الادارية المتعلقة بالتصرف في مشاريع البحث وخصوصا الدولية، علاوة على الاطر القانونية غير المحفزة للموارد البشرية وتراجع جودة برامج التكوين. ويبقى التحدي الاكبر هو ضعف الروابط بين هياكل البحث والمحيط الاقتصادي والاجتماعي والمشاركة الضعيفة للقطاع الخاص في أنشطة البحث.

• اذن هناك تحديات بالجملة، ما هي اهم الاصلاحات المقترحة في المخطط لمواجهتها؟
يمكن تلخيصها في ثلاثة ابعاد: اولا توجيه الانشطة نحو الفرص والحاجيات، ثانيا تحرير طاقات الباحثين وتحفيزهم، ثالثا النهوض بمنظومة تثمين نتائج البحث ونقل التكنولوجيا من خلال النهوض بالبحوث المشتركة مع المحيط الاقتصادي والاجتماعي، فضلا عن ستة محاور تمخضت عن استشارة وطنية على غرار الحوكمة واللامركزية، الانتقال الرقمي والصناعي، الامن الطاقي والمائي والغذائي، المشروع المجتمعي التربية والثقافة والشباب، صحة المواطن، والاقتصاد الدائري وحماية البيئة.

• وماذا عن التمويل خاصة وان الباحثين يتذمرون من الظروف الصعبة ومن تراجع التمويل؟
توظف الدولة ما يناهز 0.66 % من الناتج الداخلي الخام لتمويل البحث، ونامل ان يصبح في غضون الخمس سنوات المقبلة 1 بالمائة

• هل هذا كاف للنهوض بمنظومة البحث والتجديد ؟
يبقى هذا الرقم دون المأمول، وتفسره الظروف المالية الدقيقة التي تمر بها البلاد. لا ننسى كذلك أن نسق الصرف ضعيف وهذا ما يفسّر وجود اعتمادات متخلدة لدى هياكل البحث من ميزانيات السنوات الفارطة، هذا الى جانب عدم الاستقلالية للجامعات ولهذا نعمل على النهوض بنسق الانجاز، وقد اقترحنا الترفيع في ميزانية مشاريع البحث لسنة 2018 بنسبة 50 % مقارنة بالسنة الحالية ولكن باعتبار تضخم عدد الهياكل،والتي تضاعفت في العشرية الاخيرة، لن يغير الترفيع من الواقع كثيرا وعلى فرق البحث التوجه نحو فرص التمويل الاضافية سواء من القطاع الخاص أو في اطار التعاون الدولي على غرار البرنامج الاوروبي افق 2020 والذي لا نستفيد منه بالقدر الكافي.

• وما هي الاسباب؟
البرنامج يضع موارد هامة على ذمة الدول الاعضاء ولكن على اساس تنافسي فعلى سبيل المثال وقع رصد 30 مليار يورو بعنوان الفترة 2018 - 2020 في مجالات التكنولوجيات الحديثة والاقتصاد الاخضر والامن والهجرة. لمرافقة فرق البحث التونسية في صياغة مشاريع بحث مجددة وقادرة على المنافسة وقد قمنا بارساء شبكة تضم 25 كفاءة شابة لمرافقة الهياكل والباحثين في اعداد المشاريع. ففي الفترة الاخيرة، سجلنا ارتفاعا في عدد المشاريع المموّلة في اطار برنامج افق 2020 وصل الى 20 مشروعا تناهز قيمتها الجملية 10 م د بما يتجاوز مساهمة بلادنا في البرنامج، ولكن هذه التمويلات أقل بكثير من الاعتمادات المتوفرة.

• هناك من يتحدث عن التراجع في القيمة العلمية على غرار أطروحات الدكتوراه؟
من الصعب انكار هذا التراجع ويعود ذلك الى تضخم عدد الطلبة المسجلين في الدكتوراه والذي ارتفع بـ 50 % مقاربة بسنة 2010، وتراجع مستوى التكوين في الاجازة والماجستير، علاوة على نسب التأطير وسياسة تحفيز المؤطرين التي تربط التحفيز المادي بعدد الاطروحات المناقشة وهو ما يطرح ضرورة النهوض بجودة التكوين في مرحلة الدكتوراه ولا يمكن أن يكون البحث العلمي رافدا من راوفد التنمية اذا لم تكن البحوث ذات قيمة علمية متميّزة.
ونعمل حاليا بالتشاور مع ممثلي الجامعات على اقتراح معايير جديدة تتعلق بالترفيع في الشروط العلمية المطلوبة للتسجيل في الدكتوراه، مما سيمكننا من تحسين نسب التأطير والترفيع من قيمة المنح المسندة للطلبة،كما نعمل على مراجعة سياسة التحفيز وضبط شروط علمية دنيا قبل السماح بمناقشة الاطروحات.

• ما هي أهم المقترحات للنهوض بمنظومة تثمين نتائج البحث؟
نعمل على توثيق الروابط بين هياكل البحث والمحيط الاقتصادي والاجتماعي من خلال تكثيف حركية الباحثين بين هياكل البحث والمحيط الاقتصادي والاجتماعي والنهوض بالبحوث المشتركة مع المحيط،وانشاء «مجمعات بحث» تكون فضاءات امتياز تربط هياكل البحث بقطاع الانتاج، بالإضافة الى النهوض بجاذبية الأقطاب التكنولوجية وحوكمتها واستكمال مكوناتها، والتعريف بمخرجات منظومة البحث عبر اطلاق بوابة وطنية للبحث العلمي واستكمال خارطة النتائج القابلة للتثمين وتحيينها بصفة مستمرة.
كما نهدف كذلك الى النهوض بأنشطة البحث والتجديد داخل مؤسسات الانتاج والقطاع الخاص. علاوة على هذا، انطلقنا مؤخرا في تنظيم دورات تكوينية في مجال تحرير مطالب براءات الاختراع، وذلك بهدف تعزيز ثقافة حماية الملكية الفكرية وتطوير قدرات الباحثين في مجال براءات الإختراع. ونهدف على المستوى المتوسط الى ارساء أكاديمية في المهن المتعلقة بنقل التكنولوجيا وتثمين الملكية الفكرية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115