إيطاليا تتهم الرئيس الفرنسي ماكرون بتشجيع الاقتتال في طرابلس

كررت شخصيات حكومية إيطالية اتهامها للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالضلوع في عودة التوتر

و الإقتتال في طرابلس من أجل تصفية حكومة فايز السراج المدعومة من قبل إيطاليا و أوروبا و المنتظم الدولي. و جاءت الإتهامات على لسان وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني الذي لم يكف عن انتقاد فرنسا منذ أن تشكلت الحكومة في شأن إدارة ملف الهجرة. لكن هذه المرة اتهم مباشرة ماكرون بتشجيعه الفصائل المدعومة من قبل المشير حفتر على خوض معركة طرابلس.

سرعان ما تحولت الاشتباكات التي اندلعت منذ 25 أوت جنوب طرابلس بين اللواء السابع مشاة ترهونة و القوات النظامية التابعة لحكومة فائز السراج إلى أزمة بين روما و باريس بعد أن حمل ماتيو سالفيني سبب الاشتباكات إلى حرص الرئيس ماكرون تنفيذ مخططه المتعلق بليبيا دون التعاون مع باقي الدول المعنية. و كانت فرنسا قد دخلت هذه السنة المنافسة على حل الأزمة الليبية باستقبال الشخصيات الأربعة الممثلة للمؤسسات الليبية المتنازعة في قمة باريس نهاية شهر ماي الماضي و التي أعلنت عن اتفاق المتنازعين على تنظيم انتخابات تشريعية و رئاسية قبل نهاية السنة.

واعتبرت روما آنذاك أن الخطوة الفرنسية تمس من مصالحها في ليبيا لكنها شاركت في القمة وحافظت على قدرتها في التدخل في الملف بارسال قوة عسكرية بحرية لشواطئ ليبيا في إطار الخطة الأوروبية لمقاومة الهجرة غير النظامية. وقدمت دعما ماليا (800 مليون يورو) وعسكريا لحكومة السراج في إطار التعاون المشترك . وحرصت روما على تدريب القوات الخاصة الليبية لضمان أمن السراج وحكومته و ذلك في إطار لعب دور رئاسي يمكنها من الحفاظ على مصالحها النفطية عبر شركة «إيني» الإيطالية.

إجتماع أزمة طارئ
وأعلنت وكالة الأنباء الإيطالية «آكي» أن الحكومة الإيطالية عقدت بعد ظهر الثلاثاء 4 سبتمبر اجتماع أزمة طارئ حول ليبيا لتدارس الوضع في طرابلس، دون أن تعطي معلومات حول جدول أعمال الاجتماع. وكان ماتيو سالفيني قد أبدى استعداده لتقديم أقصى دعم للسلطات المعترف بها في ليبيا  قائلًا لوكالة «آكي»: «أنا أعبر عن أقصى درجات الدعم للسلطات الليبية المعترف بها وأعرب عن امتناني لخفر السواحل الليبي، الذي يواصل القيام بعمله بشكل إيجابي، ونأمل أن يعود في أقرب وقت ممكن، لأن من المهم جدا التمتع بمنطقة هادئة». و اعتبر ماتيو سالفيني، موجها كلامه لماكرون دون ذكر اسمه، أن «إيطاليا لا بد أن تلعب دورا في استتباب الأمن في ليبيا. تدخلات الآخرين الذين لهم مصالح أخرى لا يمكن أن تتغلب على الشأن العام المتمثل في السلام».

ودعم رئيس البرلمان الإيطالي روبارتو فيكو خطاب سالفيني ضد فرنسا معتبرا أنها وراء ما يحصل في ليبيا منذ أن تدخلت للقضاء على نظام معمر القذافي وصولا إلى الاشتباكات اليوم. وعبرت الحكومة الإيطالية على لسان وزيرة الدفاع إليزابتا ترنتا عن عدم نيتها التدخل عسكريا في المعركة الجارية في طرابلس واعتبرت أن ذلك «مسؤولية الليبيين في حماية أنفسهم وفي التوصل إلى اتفاق». ويعتقد الملاحظون أن تحرك الحكومة الإيطالية جاء نتيجة الخطاب الذي ألقاه الرئيس الفرنسي أمام السفراء الفرنسيين يوم 27 أوت، أي يومين بعد اندلاع المعارك في طرابلس، والذي قال فيه: «أؤمن بحتمية استرداد سيادة ليبيا و وحدتها. ذلك جزء أساسي من استقرار المنطقة ومن مقاومة الإرهابيين و المهربين. لذلك سوف تكون الأشهر القادمة حاسمة. يتطلب ذلك استنفارنا لمساندة العمل المتميز للممثل الخاص لدى الأمين العام للأمم المتحدة غسان سلامه من أجل منع محاولات الانقسام، لأن هذا البلد أصبح مرتعا لكل التأثيرات و لكل المصالح الخارجية. دورنا، من أجل أمننا و أمن المنطقة، يكمن في تحقيق اتفاق باريس بين الفصائل الأربعة الذي تقرر في ماي الماضي.»

تدخلات لوقف إطلاق النار
في إطار هذا التنافس المعلن والخفي، طالبت الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا المتنازعين بوقف إطلاق النار. وتواصلت الاتصالات بفائز السراج لدفع عجلة المصالحة وتمكين الفصائل المختلفة من الجلوس حول طاولة المفاوضات. من ذلك ما توصل إليه غسان سلامة باستدعاء ممثلين على الحكومة الرسمية وعلى الفيلق السابع لدراسة ترتيبات وقف إطلاق النار و البدء في حوار سياسي من أجل استتباب الأمن وحماية المدنيين في طرابلس. وأوردت وسائل أعلام ليبية أن الاجتماع سوف يعقد بحضور ممثلين عن كتائب طرابلس ومسراته والزنتان التي التحقت بالنزاع. إلى حد كتابة هذه الأسطر، وبالرغم من الضجة الإعلامية في إيطاليا حول الدور الفرنسي، لم تحرك هذه الأخيرة ساكنا لا من جانب الجهات الرسمية الحكومية و لا على مستوى وسائل الإعلام الفرنسية. و يعتقد الملاحظون في طرابلس أن الأجواء الحالية لا تخدم تحقيق الانتخابات في موعدها المقرر ليوم 10 ديسمبر و لا الاستفتاء على الدستور المبرمج ليوم 16 سبتمبر.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115