اتفاق أمريكي أوروبي مفاجئ لوقف النزاع: ترامب يتراجع عن معاقبة أوروبا

في خطوة فاجأت الجميع في واشنطن و في العواصم الأوروبية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد لقائه رئيس المفوضية الأوروبية جون كلود يونكر، عن التوصل

إلى اتفاق حول هدنة في الصراع الدائر مع الإتحاد الأوروبي في المسائل الاقتصادية العالقة، بعد أن فرض رسوما جمركية إضافية ضد الصلب و الألمونيوم الأوروبي و وعد برسوم إضافية ضد السيارات و قطع الغيار الأوروبية. مما جعل المفوضية الأوروبية تهدد بعقوبات مماثلة ضد الصناعات و الإنتاج الزراعي الأمريكي.
و إن أصبح تغيير المواقف المباغت سمة القرارات الأمريكية، فإن الملاحظين كانوا ينتظرون فشل المساعي الأوروبية و دخول العالم في حرب اقتصادية مجهولة العواقب لما لتغريدات ترامب على شبكة تويتر من بعد عدائي ضد أوروبا التي اعتبرها مؤخرا «عدوا اقتصاديا»، و ضد ألمانيا بالخصوص التي قررت التزود بالغاز من روسيا عبر أنبوب يعبر بحر البلطيق.لكن رئيس المفوضية ،المعروف بصلابة مواقفه في المفاوضات، تمكن من تغيير الموقف الأمريكي الذي أصبح منذ مدة عرضة للانتقادات الدولية و الداخلية.

نقاط التلاقي
إتفق الطرفان على تأجيل الإجراءات الزجرية المرفوعة من الطرفين وتشكيل لجنة مشتركة للتفاوض في شأن العلاقات المستقبلية بين أوروبا و الولايات المتحدة بدون أن يحدد جدولا زمنيا لانعقادها و تقديم خلاصة مقترحاتها. وهو الشيء الذي ترغب فيه أوروبا حتى تتمكن من تكوين موقف مشترك بين 27 دولة. في المقابل قبل جون كلود يونكر برفع الواردات الأوروبية في كميات الغاز و المواد الزراعية الأمريكية حتى لا تشعر واشنطن أن روسيا «تتحكم» في القرار الأوروبي.
من ناحية أخرى أكد دونالد ترامب، في الندوة الصحفية المشتركة،أن «اليوم هو يوم عظيم بالنسبة للاقتصاد الحر و العادل». وتراجع بذلك على مقولة الانزواء على الذات وحماية الإقتصاد الامريكي من... أكبر حلفائه في العالم. و في نفس الوقت حصل على دعم أوروبا في وجه المد الصيني الذي يهدد مباشرة الصناعة و الزراعة الأمريكية. و أضاف قائلا: «نحن اتفقنا على العمل من أجل الوصول إلى نقطة الصفر في الأداء الجمركي و نقطة الصفر في دعم المواد الصناعية ما عدا السيارات». وهو ما يضرب في الصميم الاقتصاد الصيني و يحمي صناعة السيارات الأوروبية.

تراجع ترامب و غضب الفلاحين
نجاح يونكر يرجع إلى تراجع ترامب بدافع الغضب المتكاثر للفلاحين الأمريكيين الذين دعموه في الانتخابات والذين أصبحوا مهددين بالإجراءات الصينية والأمريكية التي حدت من قدراتهم على تسويق بضائعهم. كذلك تحرك الصناعيون الذين أدرجوا في قائمات المواد التي سوف تخضع لرفع في الأداء الجمركي من قبل الصين و كندا و أوروبا. الإجراءات الموازية (تعويض بقيمة 12 مليار دولار) لفائدة الفاعلين الاقتصاديين لا تكفي لتمكينهم من الاستمرارية في أجواء عدائية على المستوى العالمي. وهو ما عبروا عنه من خلال اللوبيات التي تمثلهم و التي وجدت آذانا صاغية في البيت الأبيض.
الإجراءات المضادة من الصين و من أوروبا جعلت البرلمانيين من الحزب الجمهوري يضغطون على ترامب لتوخي الحذر و الرجوع إلى المفاوضات التقليدية عبر هياكل مشتركة يمكنهم أن يتواجدوا فيها و أن يضمنوا تطورا يناسب مصالح الاقتصاد الأمريكي دون قطع العلاقات مع الحلفاء. يضاف إلى التخوف من تراجع الاقتصاد الأمريكي خشية البرلمانيين من خسارة في الانتخابات البرلمانية القادمة إذا ما نفر رجال الإعمال من مساندة الحكومة الحالية بسبب سياسات ترامب. ففي صورة خسر الجمهوريون أغلبيتهم في البرلمان أو في مجلس الشيوخ يصبح ترامب رهينة للديمقراطيين. وهو السيناريو الأسود الذي لا يريد الحزب الوصول إليه. لكن في صورة سويت الخلافات مع الحلفاء التقليديين مع ضمان قسط من مطالب البيت الأبيض يعتبر ذلك انتصارا للمصالح الأمريكية . وهو السيناريو الذي اختاره زعماء الحزب وفي هذه الظروف الجديدة، بدأ ترامب في تطبيقه. لكن الرئيس الأمريكي، الذي غير موقفه أكثر من مرة، و خاصة مع حلفائه، يمكن أن يغير مرة أخرى ما وصل إليه من توافق مع جون كلود يونكر. الذي بالطبع لا يتغير. و الأيام القادمة سوف تبرز إن كان للحزب الجمهوري تأثير حقيقي على قرارات ترامب عندما تمس بالمصالح الأساسية للولايات المتحدة الأمريكية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115