خلط الأوراق من جديد في ليبيا: الهجوم على الموانئ النفطية .. الأطراف الرابحة والخاسرة من التصعيد

طفا على السطح مجددا الخلاف الفرنسي – الايطالي حول الازمة الليبية عقب

ما سجله ملتقى باريس من نجاح كبير سواء من خلال جمع الفرقاء الليبيين الأساسين على طاولة واحدة أو من ناحية حجم الدول المشاركة ودعم الأمم المتحدة و مجلس الأمن لمخرجات ذلك الملتقى ، خلاف وتباين سياسة الدولتين كان ومازال يحول ويعرقل التسوية السياسية للازمة في ليبيا.
حيث اتهمت أطراف من برقة ايطاليا بالوقوف وراء التصعيد الراهن بمنطقة الهلال النفطي من خلال الهجوم الذي نفذته مليشيات إبراهيم الجضران أمر حرس المنشآت النفطية المقال بالتحالف مع ما يعرف بسرايا الدفاع عن بنغازي ومسلحي المعارضة التشادية وعناصر محسوبة على تنظيم القاعدة بالمنطقة الوسطى .

هجوم هو الخامس من نوعه الذي يستهدف الموانئ النفطية،تسبب إلى حد اللحظة في سيطرة الجضران على ميناء رأس لانوف والسدرة وفق مصادر من القيادة العامة بالجيش ، فقد أقدمت المجموعات المهاجمة على حرق خزانين للنفط المعد للتصدير سعة كل خزان مائتي ألف برميل . أما من حيث الخسائر البشرية فقد أفاد مصدر من مستشفى محمد المقريف اجدابيا عن استقبال 34 جثة ضمنها 20 تابعة للمجموعات المسلحة و14 تابعة للجيش .

فيما كشف مصدر طبي ثابت من مستشفى البيضاء استقبال عدد من جرحى الجيش دون تحديد العدد . من جهة أخرى كثف سلاح جو الكرامة من غاراته القتالية في المنطقة الواقعة بين بن جواد وسرت اين تتمركز مليشيات الجضران وحلفائها ، وأكد المتحدث باسم رئاسة أركان سلاح الجو تحقيق إصابات مباشرة في صفوف تلك الجماعات ،وقد تضاربت الأنباء حول القبض على الإرهابي سفيان بن قمو احد قيادات تنظيم القاعدة .

خلط الأوراق
وعلى صلة بأحداث الموانئ النفطية وجه بعض النشطاء السياسيين من اقليم برقة اصابع الاتهام الى ايطاليا ودول اقليمية اخرى داعمة لتيار الاسلام السياسي بالوقوف وراء الهجوم على الهلال النفطي، وذلك من اجل إفشال المبادرة الفرنسية الاخيرة وخلط اوراق الازمة الليبية من جديد و فتح جبهة قتالية للجيش بهدف إضعاف موقفه في درنة وإعطاء فرصة لمجلس شورى مجاهدي درنة لتدارك الموقف وإعادة تنظيم صفوفه وبالتالي منع سقوط المدينة في أيدي الجيش.

نشطاء برقة ارجعوا هذه المستجدات الخطيرة لثغرات معيبة في مخرجات ملتقى باريس وأساسا غياب نقطة مهمة، وهي إقرار وقف اطلاق النار ملزم لكل الأطراف المسلحة . واستهجن هؤلاء النشطاء مواصلة المجتمع الدولي المراهنة على رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج اذ أن المجتمع الدولي يعلم بان الاخير عاجز عن كبح جماح المجموعات المسلحة بما فيها الموالية له . وهي التي أحرجته امام المجتمع الدولي في اكثر من مناسبة .
ثغرات استغلها بعض الاطراف الخارجية المعارضة لفرنسا من خلال الايعاز لحلفائها في الداخل الليبي للتحرك على الارض لإفساد المبادرة الفرنسية.

ردود أفعال
في سياق ردود الافعال على التطوّرات الحاصلة في الهلال النفطي استنكر فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي الهجوم على الموانئ النفطية . نافيا اصدار اية تعليمات لأي طرف بالهجوم على الهلال النفطي . فيما استنكرت الخارجية الامريكية والفرنسية وبعثة الامم المتحدة والجامعة العربية الهجوم ، وطالبت اطراف القتال بالتهدئة وجددت البيانات الصادرة عن تلك الاطراف والمنظمات الدولية و الاقليمية التأكيد على ضرورة ان تخضع الموانئ النفطية لإشراف المؤسسة الوطنية للنفط . في ذات الاطار طالبت بعض الجهات الدولية بتفعيل القرارات الصادرة عن مجلس الامن الدولي ذات العلاقة بحماية النفط ومعاقبة المعرقلين للتسوية السياسية.

ويُجمع المراقبون بان الطرف الخاسر من الاحداث الجارية اولهم الشعب الليبي الذي يدفع ثمن تواصل الصراع المسلح ،وثاني الاطراف الخاسرة هي قيادة الجيش . فمنطقيا يستحيل على حفتر خوض هذه الحروب في نفس التوقيت ، كما أن سيطرة مجموعات معادية للجزء الغربي من الهلال النفطي كشفت للعيان هنات وضعف للمؤسسة العسكرية . فكيف للقيادة العامة ان تتراخى في تأمين الهلال النفطي وهي التي اقرت بتحشيد المجموعات المسلحة المعادية لقواتها شرق سرت . والسؤال الاخطر لماذا جازفت قيادة الجيش باتخاذ قرار مهاجمة درنة وهي تدرك تمام الادراك ان جبهة اخرى قد تفتح في اي لحظة ؟

من الاطراف الخاسرة نجد تلك الاطراف التي مازالت تصر على الرهان على الحل السلمي للأزمة، اذ اكدت الاحداث الاخيرة بان الحسم يجب ان يكون عسكريا، وعندها الطرف الخاسر سوف يرضخ للتسوية اما ابقاء المجموعات المسلحة على ماهي عليه فهو عين العبث ، كما بينت الاحداث الاخيرة انه لا حل في ليبيا دون توافق صريح بين دول الاقليم سيما الدول الفاعلة في ليبيا وهي ايطاليا فرنسا وبريطانيا.

من ضمن الاطراف الرابحة من احداث الهلال النفطي نجد ايطاليا فالحكومة الايطالية اطاحت عصفورين بحجر واحد كما يقال ، فهي اولا تريد القول لفرنسا انها موجودة على الارض ولديها حلفاء تعول عليهم محليا و مهما كانت جدية المبادرات الفرنسية فحلفاء ايطاليا بإمكانهم افشالها . الحكومة الايطالية ان صحت اتهامات تورطها تهدف لإبلاغ رسالة الى الولايات المتحدة والمجتمع الدولي ان اي حل لازمة ليبيا لابد ان يمر عبر روما . ومن الاطراف الرابحة جماعة الاخوان وتيار الاسلام السياسي عموما بأذرعه المسلحة وتنظيماته بما فيها المتطرّفة، حيث نجحت هذه الاطراف في عرقلة تقدم الجيش في درنة.

المحصلة ان القيادة العامة للجيش في موقف لا تحسد عليه على الاطلاق ولن يكون بإمكانها مزيد التقدم في درنة ولا أيضا سرعة تحرير الجزء الغربي من الهلال النفطي ، باعتبار تحالف الجضران مع جماعات مسلحة جديدة. بما يعني سعي المشير حفتر للخروج بأخف الاضرار.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115