الجنوب السوري: هل يكون جبهة الحرب القادمة بين حلفاء الأسد وحلفاء أمريكا ؟

تعقد كل من روسيا والولايات المتحدة والأردن اجتماعا في منطقة «خفض التّصعيد» بجنوب سوريا لبحث التطورات الميدانية المتسارعة

التي يشهدها ، وسط أنباء تحدّثت عن قرب إنطلاق عملية عسكريّة يقودها النظام السوري لطرد التنظيمات المسلّحة المعارضة من محافظتي درعا والقنيطرة بالجنوب السوري، وهو ما قابله تحذير أمريكي لقوات الأسد وحليفتها إيران من تداعيات الاقتراب من الحدود الجنوبية خشية على امن واستقرار حليفة الولايات المتحدة الامريكية المدللة ‘’اسرائيل’’ .

وكانت روسيا قد قالت إن «الجيش السوري وحده هو من يجب أن يكون على الحدود الجنوبية لسوريا مع الأردن وإسرائيل». وذلك بعدما حذرت واشنطن من «إجراءات حازمة» ردا على ما اسمته انتهاكات الهدنة في المنطقة. واشتد غضب الولايات المتحدة الامريكية بعد القاء القوات الحكومية السورية منشورات فوق محافظة درعا الجنوبية تحذر من عملية عسكرية وشيكة وتدعو المسلحين إلى الاستسلام وإلقاء السلاح.

وتحمل «معركة الجنوب» التي يتوقع مراقبون اندلاعها قريبا اهمية بالغة لأغلب الأطراف المعنية بالمشهد السوري ، اذ يؤكد متابعون ان سيطرة النظام السوري على محافظة درعا الواقعة في الجنوب يعني تأمين العاصمة دمشق بشكل كلي ، نظرا لموقع هذه المحافظة الاستراتيجي على تخوم العاصمة .

ويتوقع مراقبون أن المشهد المقبل في الجنوب السوري سيكون ملتهبا خصوصا مع تزامن التطورات الميدانية مع الحرب السياسية والاقتصادية المندلعة بين الولايات المتحدة الامريكية وحلفاؤها من جهة وإيران وأذرعها من جهة أخرى .ويؤكد باحثون أن الاراضي السورية ستكون مجددا أرضا للحرب بين أمريكا واسرائيل» من جهة وباقي الاطراف الداعمة لحكومة بشار الأسد من جهة اخرى. إلى جانب هذه الأطراف المتصارعة يمثل الجنوب السوري أهمية بالغة للأردن الواقعة على الحدود الجنوبية ، ويؤكّد الأردن أن«أية عملية عسكرية في الجنوب تمثل خطرا على امنه وستفرز موجة لجوء جديدة الى المملكة».

خيارات الحرب
وخلّفت التطوّرات الكبيرة التي يعيش على وقعها الشرق الاوسط في الآونة الاخيرة قراءات مختلفة حول تأثيرات ذلك على صراع النفوذ الذي يطبع المنطقة منذ سنوات وأيضا الحرب الخفية احيانا والمعلنة احيانا اخرى بين اسرائيل» وايران وحلف المقاومة من جهة اخرى .
ويشار الى أنّ «إسرائيل» طفلة امريكا المدللة لطالما تدخلت في المشهد السوري سواء بشنها أكثر من 100 ضربة جوية داخل سوريا زاعمة أنّها كانت موجّهة ضد أسلحة إيرانية مخصصة لجماعة حزب الله، وأيضا تدخّلاتها المستمرّة بطرق غير مباشرة مدعومة بذلك بقرارات الدبلوماسية الأمريكية التي زاد انحيازها الى كيان الاحتلال منذ تولي دونالد ترامب الحكم. ويثير الوجود العسكري الإيراني في سوريا واليمن والمنطقة بصفة عامة لا فقط مخاوف امريكا و«اسرائيل» بل ايضا مخاوف دول الخليج التي تتّهم طهران بتمويل الارهاب والتدخل في شؤونها القومية.

أبعاد معركة الجنوب
من جهته قال المحلل السياسي السوري سومر سلطان في تصريح لـ«المغرب» أن معركة الجنوب السوري تحمل بعدين بالنسبة للقيادة السورية؛ أولهما بعدٌ يمكن أن نصفه بالإنساني، ينبع من وعد الرئيس بشار الأسد بتحرير كل قطعة ارض محتلة. وهو كذلك واجب دستوري، لا يمكن لأي حكومة أن تهمله. وثاني البعدين هو البعد السياسي؛ إذ تأتي معركة الجنوب لتعيد الجيش العربي السوري إلى نقاط التماس مع جيش الاحتلال الصهيوني، وسقوط الكثير من التجارب التي أقدم عليها الاحتلال لخلق تنظيمات شبيهة بتنظيم جيش لحد العميل، في الجنوب اللبناني. واضاف ‹› نتحدث هنا عن «جبهة النصرة» و»جيش اليرموك» و»قوات العبده» وغيرها الكثير، شكلت في وقت ما منطقة عازلة لصالح الاحتلال الصهيوني بين الجيش العربي السوري وقوات الاحتلال››.

وتابع المحلل السياسي السوري إن لهذه المعركة أهمية متصلة بالبعد السياسي الذي نتحدث عنه، فالمعركة هنا أصبحت مباشرة مع «إسرائيل»، ولم تعد عن بعد بالنسبة لتل أبيب وفق تعبيره.

واشار الى ان «التوقيت الدقيق الذي استخدمته دمشق لرشق مواقع الاحتلال في الجولان السوري بالصواريخ، في ليلة الصواريخ المشهودة، والتي نفهم من خطاب السيد حسن نصر الله أن الاحتلال عمل على التهدئة من بعدها. وبفضل هذا التوقيت المدروس بعناية يومها من قبل دمشق وحلفائها، يقوم الجيش السوري بعمليته في الجنوب اليوم متسلحاً مسبقاً بأرجحية حصل عليها من ليلة الصواريخ. وهذا درس في تكامل السياسة والدبلوماسية والعمل العسكري» على حد قوله. وتابع ان بعض التطورات هناك تشير الى وجود توجه إلى تطبيق مصالحات محلية شبيهة بالمصالحات التي تمت في مناطق أخرى، مثل الغوطة، إذ أن الشعب المتذمر من ممارسات الميليشيات المسلحة الموالية للاحتلال يضغط عليها كي تنسحب وتسلم مواقعها للجيش. وهذا أمر جيد من ناحية تقليل الخسائر البشرية، ومن ناحية تقصير المدة المنتظرة للمعركة. كما يفيد في البرهنة لـ«إسرائيل» على فشل رهانها على العملاء من أي نوع كانوا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115