ليبيا: «شورى مجاهدي درنة» يحلّ نفسه ويُنشئ ما يسمى بمجلس «حماية درنة»

أعلن المتحدث باسم مجلس شورى مجاهدي درنة الموالي لتنظيم القاعدة الإرهابي محمد المنصوري حلّ شورى مجاهدي درنة

وإنشاء تنظيم جديد تحت اسم مجلس وتجمّع حماية درنة، خطوة أقدمت عليها المجموعات الارهابية المسيطرة على مدينة درنة في محاولة لقطع الطريق أمام قوات الجيش باقتحام المدينة وطرد الجماعات الارهابية التي ترفض دخول الجيش وتفعيل مديرية الامن.

للتذكير فان القيادة العامة للجيش قامت بدفع تعزيزات عسكرية حول محيط درنة. كما أكد القائد العام حفتر بأن ساعة الصفر لاسترجاع المدينة قد حانت .مع هذا التصريح لحفتر كثفت الاطراف المتعاطية مع تيار الاسلام السياسي من اتصالاتها المحلية والدولية من اجل منع حفتر من تنفيذ قراره،المشاورات في الغرض كانت بين رئيس مجلس الدولة خالد المشري مع المبعوث الاممي غسان سلامة حيث تعهد سلامة ببذل قصارى الجهد للحيلولة دون حدوث حرب مدمرة في درنة وتكرار سيناريو بنغازي بان الحرب بين قوات الكرامة والجماعات المتطرفة.

في غضون تلك الاتصالات المعلنة كانت تجري اتصالات اخرى سرية ولم تستبعد بعض المصادر ان يكون رئيس مجلس النواب طرفا فيها.،باعتبار رفض رئيس مجلس النواب حامل صفة القائد الاعلى للجيش لتصميم حفتر اقتحام درنة. من جهة ثانية يدرك غسان سلامة وعقيلة صالح وحتى رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق بان حرب درنة لو اندلعت فسوف تكون لها تداعيات عسكرية وسياسية خطيرة على الازمة في ليبيا، فحفتر قام بتحشيد ما بين 6 و8 آلاف عسكري حول درنة ، والأخطر من ذلك الجماعات الارهابية انسحبت تقريبا من المحاور وتموقعت داخل المدينة بين المدنيين بما يعني ان قوات الجيش مهما اتخذت من احتياطات فان المدنيين سيكونون ضحايا.

المبعوث الأممي والسراج وأيضا عقيلة صالح يعلمون بان حرب درنة سوف تنسف التسوية السياسية وتؤدي الى الحرب ما بين اقليم طرابلس وبرقة ،ليكون المشهد العسكري اشبه بحرب شبه اهلية بين طرابلس وبرقة واقتتال قديم جديد في عاصمة الجنوب سبها.

دهاء تنظيم «القاعدة» الارهابي
ويجمع المهتمون بالجماعات الاسلامية سيما الراديكالية منها ان ما كان يسمى بمجلس شورى مجاهدي درنة المحسوب على تنظيم القاعدة الارهابي وفي سبيل الحفاظ على موقعه اختار اعتماد تكتيك بتغيير اسمه الى تسمية مجلس حماية درنة ، ليبقى مفهوم التسمية الجديدة ومقصدها هو محاولة فقط لكسب عطف القبائل والرأي العام المحلي والدولي . لكن الثابت ان الجماعات المسيطرة على درنة لا تعترف بالجيش ،هذا الرفض للجيش ترجمته عمليات قبض وتصفية اعداد كبيرة من شباب درنة بتهمة التعاون مع قوات الكرامة.

اذ تحتفظ ذاكرة اهالي المدينة بمجازر وحشية في حق عائلات بأكملها لذات التهمة ،وأردف المهتمون بأنشطة واستراتيجيات الجماعة الاسلامية المتطرفة بان الغاء عملية الكرامة في درنة انتصار باهر لتلك الجماعات وإخفاق للجيش. ليس حفتر وحده الخاسر في هكذا حال بل ان دولا مجاورة لليبيا تفوق خسارتها خسارة القائد العام للجيش . فهذه الجارة مصر المتضرر الأكبر من وراء تواصل سيطرة تنظيم القاعدة على درنة التزمت الصمت طيلة الايام الاخيرة وأبقت على جاهزية قواتها على طول حدودها الغربية مع ليبيا، الصمت المصري من اهم دوافعه عدم ازعاج الاطراف النافذة في طرابلس الداعمة لشورى درنة، هذه الاطراف مسيطرة على مجلس الدولة اضافة لشخصيات اخرى داخل المجلس الرئاسي. كما تدرك القاهرة ان ازعاج تلك الاطراف سوف يجعلهم يقاطعون اية مبادرة مصرية لحل الازمة ورفض دور الوساطة المصرية، وتبدو القاهرة غير مستعدة لخسارة دور الوسيط في اية حلول وتسويات لذلك كان الصمت خيار استراتجيا.

تأجيل الحرب
كل المؤشرات والتحركات توحي بالتخلي نهائيا وقبل الانتخابات العامة عن خيار الحرب في درنة، سيما مع إدراك الجميع بان الطرف الذي سوف يحاربه الجيش ليس سوى تنظيم القاعدة الإرهابي المتواجد في كل المدن الليبية وتغلغل في مفاصل الدولة عبر مسميات مجالس الشورى والجماعات الليبية المقاتلة وجماعات الاخوان المسلمين و في مجلس الدولة . كما يسيطر التنظيم على المؤسسات السيادية. وبناء على ما تقدم ولإبقاء فرصة التسوية السياسية قائمة ولو مؤقتا نجحت الاطراف المحلية والدولية في إبعاد شبح الحرب في هذا الظرف. المحصلة الصدام قادم وان تأجل بين الاسلام السياسي الراديكالي والجيش الذي يمثل القوى الوطنية التقدمية في غياب احزاب حقيقية مشروعها الدولة المدنية. السؤال المطروح اذن طالما ان الصراع المسلح والحرب قادمة بين الطرفين ما الجدوى من وراء بعض الحوارات الحاصلة من حين الى اخر وآخرها في داكار بين انصار القذافي والجماعة الليبية المقاتلة لإيجاد تفاهمات لبلوغ الحل ، سبق لنجل الزعيم الراحل معمر القذافي سيف الاسلام ان جرب الحوار مع الإسلاميين، بلحاج والصلابي وغيرهم وقام هؤلاء بمراجعات لأفكارهم، وأعلنوا انخراطهم في مشروع ليبيا الغد . وعند اندلاع شرارة ثورة 17 فبراير لم يساندها احد من جماعة الاخوان والليبية المقاتلة، لكن عندما تبين لهم ان الغرب جاد هذه المرة في اسقاط النظام انقلب الاسلاميون على مراجعاتهم واندفعوا للظفر بالحكم والثروة.انطلاقا من الذي سبق قلل شق من الملاحظين لمسار حوار داكار من أهميته مؤكد ين بان التفاهم والتوافق بين تلك الجماعات وتيار الدولة المدنية صعب التحقيق ولا بديل عن الحسم العسكري وهذا ما تتجه إليه الأحداث في ليبيا .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115