الحكومة الفرنسية تواجه خطر «ماي 68» جديد: إضرابات بالجملة في السكك الحديدية والجامعات والمستشفيات

مع اقتراب شهر ماي اندلعت في فرنسا سلسلة من الاحتجاجات الاجتماعية على خلفية الإصلاحات

المبرمجة من قبل الحكومة في ميادين السكك الحديدية و الدخول إلى الجامعة. و في خطوة تاريخية غير مسبوقة، وأمام رغبة الحكومة في التخلي عن الإطار المنظم لعملة القطاع قصد فتحه أمام المنافسة الأوروبية، قررت نقابات السكك الحديدية، الدخول في إضراب عن العمل من نوع جديد يدوم 3 أشهر و يشمل يومين مختلفين من الإضراب كل الأسبوع. أما الطلبة فدخلوا في إعتصامات أوقفت الدروس و الامتحانات في عديد المؤسسات الجامعية في البلاد. وتلاهم الموظفون في قطاع الصحة ودور المسنين. و دخلت تنظيمات سياسية معركة اندلاع «ماي 68» جديد تراهن فيها على توظيف الاحتجاجات لهز أركان الاستقرار الحكومي.
وبالرغم من دخول الحكومة، عبر الوزراء المعنيين، في مفاوضات اجتماعية مع النقابات فإن الأجواء لم تتغير وواصلت مختلف النقابات الإضراب عن العمل مطالبة بالتخلي عن مشروع إصلاح السكك الحديدية، مخلفة حالات من الاحتقان في أوساط مستعملي القطار في مختلف جهات فرنسا. وانقسم الشارع الفرنسي بين مساند للتحركات الاجتماعية و منتقد لها. لكن عمليات سبر الآراء التي تقوم بها وسائل الإعلام أشارت جميعها إلى مساندة أغلبية في الرأي العام للإصلاحات الحكومية مع تفهمها لموقف العملة والموظفين. من جهة أخرى ، وأمام استفحال احتكار الحركة الطلابية من قبل أقليات من الفوضويين الرافضة لآي حوار مع السلطات، والتي اتضح أنها مستخدمة من قبل بعض الأطراف السياسية مثل حركة «فرنسا الأبية» لزعيمها جون لوك ميلونشون، قررت الحكومة اجلاء كل الجامعات باستخدام القوات العامة.

سيادة القانون
وتم بالفعل إجلاء جامعة «طولباك»، رمز التحرك الطلابي، وجامعة «نانتار» في العاصمة باريس و جامعات في نانسي وماتز و مونبيلي. و تم تأجيل الامتحانات إلى شهر ماي القادم في جل الجامعات التي شهدت اضطرابات في حين قرر رئيس جامعة السوربون جورج خياط غلق جامعة «طولبياك» إلى حدود شهر سبتمبر لما خلفه التحرك الطلابي من أضرار على المنشآت قدرتها الجامعة ب 800 ألف يورو. و قدرت إدارة الجامعة أنه لا يمكن استئناف الدروس بدون إصلاح المنشآت لضمان ظروف عادية للتدريس.

من جهة أخرى صادق البرلمان الفرنسي ، في قراءة أولية، على مشروع قانون إصلاح السكك الحديدية الفرنسية الذي ينص على التخلي عن الإطار المنظم للعمل الحالي لكل الشغالين الجدد الذين سوف يلتحقون بالمؤسسة و تغيير القانون الأساسي لها حتى تصبح شركة عمومية. كما يقرر القانون فتح شبكة السكك الحديدية الفرنسية أمام المنافسة الأوروبية مع الحفاظ على ملكية الدولة لها. التحرك البرلماني، الذي تسانده المعارضة اليمينية، فهم على أنه استرجاع الدولة لقوتها أمام التحركات الاجتماعية. وكرر الوزير الأول إدوار فيليب ضرورة مواصلة التفاوض في طريقة تطبيق القانون دون التخلي عن الإصلاح كما تطالب به النقابات. وتم استدعاء النقابات لجلسة تفاوض في قصر «ماتينيون» مقر الحكومة ليوم 7 ماي المقبل. وقررت النقابات من جهتها مواصلة الإضراب بالرغم من الانشقاقات التي بانت في الأيام الأخيرة والتي ترمي إلى انتقاد أسلوب الإضراب الجديد.

رهان الصمود إلى آخر نفس
ومع تمسك الحكومة بالإصلاحات المبرمجة و بعدم التخلي عن النسق السريع المتبع، لم يبق أمام النقابات سوى الصمود إلى آخر نفس. وهو ما يلوح به جزء من المنظمات النقابية المعروفة بطريقته الصلبة في التحرك. الموقف الحكومي الحازم مع الطلبة يهدف إلى كسر تلاقي الاحتجاجات في حركة موحدة تستغل سياسيا لزعزعة الاستقرار الحكومي. تراهن الحكومة على نجاحها المؤقت في إجلاء الجامعات و دخولها في مفاوضات مع نقابات الصحة للتخلص من خطر اندلاع «ماي 68» جديد يدخل البلاد في اضطرابات تمس من تعافي الاقتصاد الفرنسي الذي أخذ يسترجع صحته مع اعتلاء إيمانويل ماكرون سدة الحكم.
لكن الخطر الأكبر، بالنسبة للحكومة الفرنسية، يكمن في صمود نقابات السكك الحديدية التي نجحت في جمع عبر الانترنت مبالغ مالية مساندة لتحركها قدرت بقرابة 900 ألف يورو سوف تخصص، إضافة للمبالغ المعتمدة في ميزانية النقابات، لتعويض المضربين الذين سوف يواصلون تحركهم مدة 30 يوما مع موفى شهر جوان المقبل. لكن الرأي العام المساند للإصلاحات الحكومية يرغب كذلك في توصل الحكومة سريعا في مفاوضاتها مع النقابات إلى حل وسط يضمن للعاملين الحاليين حقوقهم وامتيازاتهم إلى أن يصلوا سن التقاعد، مع الدخول مباشرة في الإصلاحات اللازمة لتطوير عمل الشركة و تأهيلها الضروري لمجابهة المنافسة في نظام أوروبي معولم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115