على الحدود اللبنانية – الفلسطينية المحتلة: مارون الراس .. جبهة حرب باردة مع «اسرائيل»

 من مارون الراس – جنوب لبنان مبعوثة «المغرب»روعة قاسم

على بعد كيلومترين من الحدود اللبنانية الفلسطينية المحتلة تقع منطقة مارون الراس ..تلك القرية التي ارتبط اسمها بالنصر التاريخي على «اسرائيل» ..هنا وقفنا على ارض سقتها دماء شهداء المقاومة ... وزرعنا اشجار الزيتون اليانعة ... هنا للنصر حكاية اخرى ولرائحة الوطن عبق مختلف لا يدرك كنهه الا من احتلت ارضه وممتلكاته ومنزله ..ومن تعرض للتشريد والقتل والتنكيل على يد الاحتلال الصهيوني ...

في 25 ماي من عام 2000 عاشت مارون الراس عرس التحرير..فتنشق اهلها رائحة الانتصار ..وفي حرب تموز / جويلية عام 2006 شن الاسرائيليون حربا اخرى لإعادة السيطرة على هذه المنطقة الحدودية وغيرها من المدن المحررة في جنوب لبنان ... نظرا لما لهذه المنطقة من اهمية استراتيجية وعسكرية بسبب اطلالتها على تلال فلسطين المحتلة ..كما انها تبعد عن العاصمة بيروت مسافة 125 كليومترا وتعتبر النقطة الاعلى في جبل عامل ... ولكن الجنوب اسقط كل اطماع الاحتلال وأحلامه الزائفة فدمر اسطورة «الميركافا الاسرائيلية» في حرب استمرت 34 يوما في مناطق مختلفة من لبنان، خاصة في المناطق الجنوبية والشرقية وفي العاصمة بيروت. لقد حاول الاسرائيليون اقتحام مارون الراس خلال حرب 2006 من الجهة الغربية عبر مدينة بنت جبيل ولكن وقوعها على مرتفع كسر محاولات العدو..وتكبد خلالها جيش الاحتلال «خاصة ما يسمى بفرقة النخبة» خسائر فادحة...

تقول المحامية والناشطة الحقوقية اللبنانية فاتن حمزة وهي اصيلة قرية جبشيت الجنوبية لـ«المغرب» ان مارون الراس تظل في وجدان الشعب اللبناني عنوان انتصار وتحد للعدو وتتابع بالقول :«فيها واجه جيش الحرب الاسرائيلي للمرة الاولى هجمات حزب الله من الصواريخ المضادة للدبابات عندها طلبت القيادة الاسرائيلية من جنودها الانسحاب لان شدة المعركة الحقت بها خسائر كبيرة واظهرت حدة المعركة بان العربات او الدبابات الاسرائيلية لم تعد قادرة على صواريخ الحزب فكانت الهزيمة النكراء لجيش الاحتلال . ..وتضيف بالقول :« هنا حدثت المواجهة البرية الاولى داخل الاراضي اللبنانية وعلى بعد امتار من مركز القيادة الاسرائيلية داخل فلسطين المحتلة فكانت لهزيمة «اسرائيل» وقع الصاعقة على مستويات ومعنويات الجنود وخلفت ارباكا في صفوفهم واستمرت المعركة اربعة ايام متتالية دون توقف فكان قرار القيادة الاسرائيلية بالانسحاب من ارض المعركة» .

بوابة العودة
يرفرف علم فلسطين على السياج الحدودي في رسالة تحد واضحة للاسرائيليين ...وتم بناء حديقة سميت «حديقة ايران» على السياج الحدودي تحتوي على ملاعب للأطفال وخيم للعائلات واصبحت مزارا للزوار من كافة المناطق اللبنانية وكذلك للسياح من بعض الدول العربية ، لتخليد ذكرى النصر واقيمت فيها ايضا نصب تذكارية لكل شهداء المعركة التاريخية سواء من مقاتلي « المقاومة اللبنانية » او المدنيين ..

وترتفع كذلك اعلام حزب الله من شرفات المنازل وصور الذي سقطوا من اجل تحرير الجنوب ..في اشارة الى ان الحزب وبالرغم من التحديات السياسية التي واجهها في بلد الارز بسبب الاصطفافات السياسية والتصدع الحاد بين فريقي 14 و 8 آذار على خلفية استشهاد رفيق الحريري ..الا انه لا يزال يحتفظ ببيئة شعبيه حاضنة واسعة تفسر ربما قوة الخطاب السياسي الذي يتوجه خلاله حزب الله الى جماهيريه وكذلك الى عموم اللبنانيين والعرب...وذلك في خضم السجال الحاد الدائر حول «مشروعية» دخوله في حرب سوريا من عدمها ..وكذلك ما يتم تداوله عن دعم الحزب للحوثيين في اليمن ...

لحظة استثنائية يقف فيها الزائر وجها لوجه مع سهول فلسطين وجبالها في مناطق الجليل، الكرمل ومرج ابن عامر وسهل الحولي التي انتشرت فيها المستوطنات الاسرائيلية مثل مستعمرة «افيميم» وغيرها.. ..هنا يمكن تنشق النسيم القادم من القدس ولكنه نسيم مغبر برماد الاحتلال ..بنكبة 48 ..بنكسة 67 ...وبوجع شعب شتت من اجل تحقيق مؤامرة الاستيطان الصهيوني في قلب العالم العربي بسبب وعد بلفور المشؤوم الذي عاش الفلسطينيون والعرب قبل ايام الذكرى المئوية لاطلاقه .

يسود المنطقة الحدودية صمت غريب وهدوء حذر لا يقطعه سوى اصوات عربات شرطة الاحتلال وهي تقوم بجولات تفقدية على الحدود مع لبنان لتراقب ما يجري على الجهة المقابلة بمناظير عسكرية يكشفها انعكاس ضوء الشمس على بلورها...
كثيرا ما يتردد على ألسن الفلسطينيين المقيمين في مخيمات الشتات المنتشرة في لبنان بان مارون الراس هي بوابة العودة الى ديارهم ومنازلهم التي تركوها وما زالوا حتى اليوم يحملون مفاتيحها ويتوارثونها جيلا بعد جيل ..كرمز للتمسك بحلم العودة وعدم التخلي عن القضية الام ...وهذا ما يفسر توجه الشباب الفلسطيني بوفود كبيرة ودائمة لزيارة مارون الراس محملين بشوق العودة الى فلسطين او رؤية وطن الاجداد ..

هل هناك حرب اخرى؟
تشكل منطقة مارون الراس جبهة حرب باردة مع الاحتلال فهناك حوادث متقطعة تحصل من وقت الى آخر بسبب محاولات بعض الشباب المندفع اقتحام السياج الحدودي ورمي الحجارة على قوات الاحتلال .. واليوم يقف لبنان على صفيح ساخن ..فقد اججت استقالة الحريري المفاجئة قبل اسبوع المخاوف من تدهور الاوضاع الامنية في هذا البلد الذي لطالما عانى اهله الحروب والويلات ..و لطالما شكل ساحة لحروب الآخرين وذلك في مراحل عديدة من تاريخه القريب والحديث .. والسؤال الذي يؤرق مضاجع اللبنانيين اليوم هل هناك حرب جديدة قادمة عنوانها الصراع الايراني – السعودي ؟ وهل يستطيع هذا البلد تحمل كل تبعات وفاتورة هكذا حرب وعلى مختلف الاصعدة السياسية والامنية والاقتصادية؟.. وهل تقدم «اسرائيل» على حرب جديدة على مواقع حزب الله في لبنان مستغلة انشغال الحزب بجبهة سوريا ؟..

هواجس عديدة تحاول عديد القيادات اللبنانية من فريق 8 آذار -والذي يضم حزب الله والتيار العوني -تهدئتها بالقول بان الرياض ليست قادرة على شن حرب على لبنان وما تزال غارقة في حرب اليمن الذي لم يحقق فيها السعوديون حتى الان أي تقدم او انتصار، وبأن ما يحدث هو حرب نفسية او استعراض عضلات يقوم به ولي العهد السعودي الشاب محمد بن سلمان ..

في المقابل تشدد تصريحات قادة فريق 14 آذار -الذي يضم تيار المستقبل – على ضرورة تطويق الازمة الجديدة وعدم فتح صراع مع الرياض التي لطالما مثلت داعما اساسيا لتوجهات هذا التيار «السني». وتشدد البيانات الصادرة عن بعض قيادات التيار على ضرورة عودة الحريري للحفاظ على هدوء الوضع في لبنان.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115