زيارة الملك سلمان لروسيا: هل تكون السعودية أول العائدين إلى سوريا؟

على مدى الأسابيع الماضية أعلنت السعودية عن سلسة من التحركات بدت مفاجئة للجميع على أكثر من مستوى بشأن سوريا، بدأت أولا بإعلان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بأنه لا يمكن التوصل لحل الأزمة السورية بعيداً عن الرئيس الأسد، كما أكدت السعودية دعمها لعملية المفاوضات في أستانة ومساعدتها في إقامة مناطق خفض التصعيد في سورية

وكذلك حل القضايا الإنسانية، ورغم تعدد التفسيرات حول أسباب هذه التحركات، وما اذا كان ذلك سيكون مقدمة لمراجعة ملفات معقدة مثل ملف العلاقات مع سوريا، خاصة مع زيارة ملك المملكة السعودية إلى روسيا، بالتالي التساؤل الذي يطرح نفسه هنا هو: هل تكون السعودية أول العائدين الى سوريا؟
يبدأ الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود زيارة رسمية وتاريخية اليوم الخميس الى روسيا تتسم بأهمية بالغة، إذ هناك الكثير من الملفات السياسية والاقتصادية المشتركة التي تتطلب الحوار والتنسيق بين السعودية وروسيا، فهما أهم وأكبر دولتين في إنتاج النفط، وهناك رغبة لدى السعودية في توسع علاقاتها الإستثمارية والاقتصادية مع روسيا كونها تدرك أنه عبر هذا التوسع ستكون دولة يحسب لها حساب إستراتيجي على صعيد المنطقة.

ولعل الملف الأهم والأشد حساسية وسخونة هو الملف السوري، وزيارة الملك سلمان الى روسيا تأتي في اطار حسم الامور في سوريا، وهذا الحسم سيكون لصالح الدولة السورية ، وقد بذلت روسيا جهداً كبيراً لمساعدة سورية في حربها ضد الإرهاب ولإعادة السلام لهذا البلد وبلدان الجوار ، وكانت روسيا والمملكة السعودية في خندقين مختلفين في سوريا خاصة مع نمو التأثير الروسي على الوضع في سوريا، ولكنهما سعيتا إلى إنهاء هذه الحالة،ومن أجل ذلك انتظرت موسكو زيارة ملك المملكة السعودي الى موسكو، ورأى المراقبون السياسيون أهمية كبيرة لهذه الزيارة معتبرين أنها تحمل رسالة واضحة بنهاية الحرب في سورية.

لا يخفى على أحد الدور السعودي في الأزمة السورية من خلال دعم وتمويل المعارضة المسلحة بكل الإمكانيات من مال وسلاح وكذلك توفير الأرضية للإعتراف بها كقوة فاعلة في الشأن السوري، واعتقدت خاطئة أن دعم الجماعات المسلحة يمكن أن يجلب لها المكاسب وتستطيع من خلالها ضرب عصفورين بحجر واحد، كالتخلص من النظام السوري على أمل تحقيق إختراق في الخريطة الإستراتيجية في المنطقة، إلا أن حسابات المملكة كانت خاطئة وانقلبت الموازين، وبدأت تتذوق الإرهاب على أيدي داعش وأخواتها، هناك تحليلات كثيرة تحدثت أن تغير السياسة السعودية التي تأتي في زمن الحروب الإقليمية المتفرقة ضد تنظيمات إرهابية، تعبر عن شعور الرياض بخطر ‘’داعش’’ على ضوء إعادة العديد من الدول مراجعة سياساتها حيال تطورات الملف السوري، لكن هناك يقظة متأخرة لدى الرياض بعدما تمكن تنظيم ‘’داعش’’ من التوغل في دول المنطقة، فلم تعد القاعدة أو داعش خطراً يقتصر على سوريا، بل إن الأصوات بدأت تعلو من السعودية بصورة متزايدة للتحذير من وصول الحريق السوري إلى داخل الأراضي السعودية، ويرى بعض المراقبين ان النار التي أشعلتها دول الخليج وتركيا والغرب في سوريا، أخذت تمتد ألسنتها اليهم، فالسعودية اليوم بدأت تدفع ثمن موقفها المساند للمجموعات المسلحة التي تسعى الى توسيع عملياتها الإنتقامية في السعودية، التي قد تتحول الى ساحة حرب جديدة خصوصا مع وجود أعداد كبيرة من الجهاديين والمتعاطفين مع التنظيم في السعودية.اليوم وبعد اتساع رقعة الإرهاب، أجبر الكثيرون ممن دعموه لوجيستياً ومالياً على الأراضى السورية على أن يتراجعوا للوراء .

مجملاً.....إن كل هذه المعطيات تشير الى أن الأيام المقبلة قد تحمل مفاجآت كثيرة، ستكون شاهدة على تغييرات جذرية في ملف العلاقات السعودية السورية، لأن السعودية لا تملك خياراً سوى الدخول في معركة لضرب الإرهاب وعليها أن تتعاون مع الحكومة السورية لضرب هذه المجموعات التكفيرية التي عملت سورية على ضربها منذ البداية، وتخطئ الرياض إذا لم تتعاون مع القيادة السورية في القضاء على الإرهاب، لأنّ سورية هي البوابة الرئيسية لتصفية الإرهاب في المنطقة والعالم.

وأختم بالقول، هناك نوايا جدية للتهدئة فيما يخص المسائل والقضايا الشائكة والمعقدة بين البلدين، إلا أنها لا تحمل حلولاً نهائية لها، كما أن الفترة القادمة ستوضح مدى فاعلية هذه التحركات، وتأثيرها على إحتمالات التقارب أو التصعيد ومع هذا الإنفراج المرتقب، ستشهد المنطقة إنفراجات واسعة وتدريجية في بعض الملفات الاقليمية والدولية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115