الباحث في العلاقات الدولية فادي الحسيني لـ «المغرب»: «إسرائيل» تسعى لتمرير موافقة أمريكية وروسية للحصول على منطقة آمنة لها داخل سوريا

قال الباحث في العلاقات الدولية فادي الحسيني ان «داعش» الارهابي تلقى ضربة موجعة في العراق وأضحى إنهياره بالكامل مسألة وقت ليس إلا . واعتبر ان التنظيم اقترب

من نهايته لانه حقق الهدف المطلوب منه في المنطقة بدق أسفين بين الإثنيات والعرقيات المختلفة، ليس في سوريا والعراق فحسب، بل في جميع البلدان العربية . واضاف في حديثه لـ « المغرب» ان الحديث عن تسوية سلمية في سوريا أصبح اليوم أكثر واقعية لأن القوى الكبرى اتفقت فيما بينها على مناطق النفوذ وتقسيم المصالح على الأرض السورية. مشيرا الى ان ما يحدث في الفترة المقبلة هو إعداد لترتيبات ميدانية تخدم رؤية هذه القوى لسوريا الجديدة.

• كيف هو المشهد في سوريا بعد محادثات جنيف الاخيرة ؟
محادثات تلو محادثات... لقد أثبتت تجاربنا السابقة أن هذه المحادثات لا تذهب لأبعد من ترتيبات مرحلية تخدم في النهاية رؤية الدول الكبرى والإقليمية التي تتدخل في الشأن السوري. في حقيقة الأمر أن المحادثات الواقعية هي تلك التي تحدث بين القوى الكبرى لتوزيع مناطق النفوذ فيما بينها، وتجنب أي إحتكاك مباشر قد يؤدي لصدام أوسع. أما الحديث عن الجوانب الإنسانية أو ما يتعلق بوقف إطلاق نار هنا أو هناك، فما هي سوى أدوات تهدف أغراض الإعلام والترويج لدور غير موجود لكل من تدخل في الشأن السوري، أو لخدمة تحركات ميدانية تصب في مصلحة رؤية إستراتيجية أوسع. ومن هنا، فقد أضحى التقسيم الفعلي لسوريا على الأرض- وبكل أسف وألم- أوضح اليوم من أي وقت مضى، في الشمال نزاع أمريكي- تركي عماده قوات سوريا الديمقراطية من جهة والجيش السوري الحر من جهة ثانية. في الوسط والغرب منطقة نفوذ روسية حيث يتواجد النظام السوري، والقوات المتحالفة معه كالميليشيات العراقية والإيرانية إضافة لحزب الله. في الجهة الشرقية الشمالية، الولايات المتحدة الأمريكية متواجدة عبر قوات سوريا الديمقراطية، وفي الجنوب ترتيبات تقوم على قدم وساق من أجل تأمين المنطقة عند الحدود الأردنية وكذا عن الحدود مع الجولان السوري المحتل، حيث تسعى «إسرائيل» لتمرير موافقة أمريكية وروسية للحصول على منطقة آمنة لها (أي لإسرائيل) تمتد داخل سوريا مساحة 30 ميلاً، بدعوى منع إيران وحزب الله من العمل في هذه المنطقة. وعليه، فلم يُعد بقاء أو ذهاب الأسد أولوية أو أمر يهم تلك الدول- وهنا أشير لتقرير صحيفة Daily Beast والتي ذكرت أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تعارض بقاء الأسد كمرحلة مؤقتة في سوريا، طالما أن موسكو تعاونت مع واشنطن في محاربة داعش.

• ماذا بخصوص الحرب ضد «داعش» الارهابي في سوريا الى اين وصلت؟
سبق ان ذكرنا ان داعش إقترب من نهايته، وأقول هذا وبكل ثقة لأن الهدف الذي نشأ هذا التنظيم الإرهابي من أجله تحقق بالكامل، وبالتالي لم يعد له وجود في المعادلة الجديدة. داعش حقق المطلوب بتشويه صورة الإسلام والعرب أولاً، وثانياً بدق أسفين بين الإثنيات والعرقيات المختلفة، ليس في سوريا والعراق فحسب، بل في جميع البلدان العربية وأبعد من ذلك، حيث عمقت عملياته الإرهابية فروقات في مجتمعاتنا كانت على وشك التحلل والزوال. في سوريا، العمليات ضد «داعش» تقوم على قدم وساق، ورأس الحربة الأمريكية في هذه الحرب هم الأكراد، أما رأس الحربة الروسية في هذه المعركة هو النظام السوري، والقوات الإيرانية إضافة لعناصر حزب الله المتواجدين في سوريا. تلّقى التنظيم ضربة تلو ضربة، وأضحى إنهياره بالكامل مسألة وقت ليس إلا، وخاصة في ظل الإنهيار الذي ألّم بالتنظيم في العراق.

• هل لا يزال الحديث ممكن عن تسوية سلمية في سوريا؟
أرى بأن الحديث عن تسوية سلمية أصبح اليوم أكثر واقعية من أي وقت مضى من السبع سنوات الماضية. يبدو أن القوى الكبرى اتفقت فيما بينها على مناطق النفوذ وتقسيم المصالح على الأرض السورية، وبالتالي فإن ما يحدث في الفترة المقبلة هو إعداد لترتيبات ميدانية تخدم رؤية هذه القوى لسوريا الجديدة.

• ماذا عن الانباء بخصوص اقامة دولة كردية في شمال سوريا ؟
الدولة الكردية تضر كثيراً بمصلحة أربع دول كبرى في المنطقة، وهي سوريا، والعراق، وإيران وتركيا. فالأكراد ينتشرون في هذه البلاد، ويصل تعداد الأكراد في تركيا إلى ما يقارب 14 مليون نسمة، ولهذا فإن تركيا أولى وأكثر الدول رفضاً لأي مشروع يهدف لإقامة دولة كردية في شمال سوريا، حيث أن كيانا كهذا سيشجع الأكراد في الدول الأخرى على النزعات الإنفصالية. ولهذا، فإنه ليس من المستغرب أن تضرب الولايات المتحدة الأمريكية شراكتها الإستراتيجية مع تركيا عرض الحائط من أجل توثيق علاقتها ودعم- بشكل غير محدود- لأكراد سوريا، حيث هم العنصر المخلخل لأي إستقرار في هذه المنطقة.

• الى اين يسير الوضع في المنطقة؟
في كل سنة نقول هذه هي السنة الأسوأ، وهذه هي الأوضاع الأتعس على سكان المنطقة، ولكن يبدو أننا ما زلنا ننتظر مخططات أسوأ لسكان هذه المنطقة، وتقسيمات أبعد من حدود تخيلنا جميعاً. ولكن كلمة الفصل تكون دوماً للشعوب، لأنهم الأقدر والأقوى في منطقتهم، فإن إستفاقوا من غفوتهم، وأدركوا حجم التحديات والمؤامرات التي تُحاك ضدهم، حينها سيتحدون وسيستطيعون إجهاض مكر من أراد أن يُسيطر على سكان وخيرات هذه البلاد.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115