بعد اتهامها نظام الأسد بالتخطيط لهجوم كيميائي جديد: أمريكا ومبررات قصف مطار الشعيرات مجدّدا

كما توقعنا مند أعوام، هزيمة قاسية لإستراتيجية أمريكا في سوريا فالخطط والإستراتيجيات التي وضعت وعُمل عليها منذ بداية الأزمة السورية تعرضت للتعثر والفشل، الأزمة التي أريد لها أن تسقط سوريا وتقضي على دول محور المقاومة، تراجعت حدّتها لمصلحة المحور نفسه

فأمريكا تشعر انها على وشك خسارة الحرب في سوريا، بسبب إنهيار داعش و خسارتها لعاصمتها العراقية (الموصل)، والسورية (الرقة)، ولهذا فهي في حالة بحث عن أوراق ووسائل جديدة لحفظ نفوذها وحماية مصالح طفلتها المدللة «إسرائيل».
على خط مواز، كشفت التحرشات الأمريكية بالقوات السورية في منطقة التنف الحدودية الأردنية العراقية السورية، وإسقاط طائرة حربية فوق مدينة الرقة حجم التطورات الميدانية.

وتتهم أمريكا اليوم «النظام السوري» بالاستعداد لشن هجوم كيميائي إنطلاقاً من قاعدة الشعيرات الجوية القريبة من حمص، وهي مسوّغات لمواصلة عدوانها على الجيش السوري خاصة بعد التقدم الكبير الذي حققه في حلب وحمص وحماة، وريف دمشق وفتح الحدود السورية العراقية واستعادة العديد من آبار النفط والغاز التي كانت تحت سيطرة داعش في دير الزور، ولهذا تريد تفجير الموقف مجددا في سوريا لأنها لا تريد لهذه الحرب أن تنتهي وأن يتوقف شلال الدم بأي شكل من الاشكال، لأنّ البيت الأبيض يعرف أنّ نجاح وإنتصار الجيش السوري معناه انهيار الجماعات المسلحة ومجمل أصناف التدخّلات الخارجية، أمّا مسالة كيميائي خان شيخون فليست إلّا دليلاً واضحاً على تفسير السياسة الأمريكية المعدة مسبقاً لتقسيم سوريا وحل القضية الفلسطينية وفق الرؤية الإسرائيلية. وكما هو الحال دائماً،

الميدان العسكري هو الذي يحدد المنطلقات الاساسية لمستقبل سوريا، وآخر خبر سيطرة الجيش السوري على أخطر عدة طرق استراتيجية لداعش، التي تربط ريف حلب وريف حماه وريف الرقة وبالتحديد «إثريا — خناصر»، «سلمية — الرقة»، ويعد هذا الطريق الشريان الرئيس لمدينة حلب وطريق الإمداد البري للجيش السوري بحلب، وفي حال عودة الأمن والأمان لهذا الطريق سيمكن الجيش السوري من سحب أعداد إضافية من الجنود السوريين إلى جبهات أخرى الأمر الذي سيساهم أيضاً في دعم القوات السورية في الجنوب والشرق السوري لذلك تحاول داعش وأخواتها عرقلة التقدم بالعمليات الإنتحارية وإشغاله بمعارك فرعية .

والسؤال الذي يفرض ذاته ، هل يتورط ترامب فعلاً في شن هجوم عسكري على سورية متجاوزاً الشرعية الدولية المتمثلة بمجلس الأمن الدولي؟ خاصة بعد أن تلقى تحذيرات جدية من الرئيس الروسي بعدم ارتكاب مغامرة في سورية لأنها ستكون أصعب من فيتنام على الجيش الأمريكي. لذلك يجب على الرئيس الأمريكي أن يحترس من التورط في شن الحرب على سوريا الذي لا يستطيع تطويق حدودها ومجابهة الدول الإقليمية المرشحة للاشتراك فيها مثل إيران وحزب الله وروسيا، وهي حرب سوف تكون مكلفة لبلاده عسكرياً وسياسياً وأخلاقياً وإمكانية تطورها الى حرب إقليمية بأبعاد عالمية قد تنقلب من حرب محدودة الى حرب مفتوحة سوف يكون لها آثار مدمرة متى إشتعلت لأن هناك أكثر من جهة تريد أن تثبت وجودها في المنطقة سواء على الصعيد العسكري أو السياسي. هكذا تبدو المهمة الأمريكية

في سوريا عسيرة، حيث يصعب عليها تمرير مشروعها، وحتى مع إستخدامها للضربات العسكرية ودعمها للقوى المتطرفة كورقة ضغط، فإنها ليست لصالحها لأن لا أحد يملك كيفية امتداد هذه الحرب وتأثيراتها ونتائجها، وإن المنطقة برمتها ستدفع ضريبة هذا الصراع والذي سيرسم طبيعة العلاقات في الشرق الأوسط في المرحلة القادمة. ويبقى أمام واشنطن وحلفائها فرصة أخيرة قد تلجأ إليها لتحقيق مكسب إيجابي يتمثل في إمكانية تغيير سياستها في المنطقة من خلال إيجاد قنوات إتصال مع النظام السوري والتعاون للقضاء على الجماعات الإرهابية، خاصة بعد فشل الإستراتيجية التي اتبعتها وهي لم تحقق ما كانت أمريكا وغيرها تأمل بتحقيقه، وسقط الرهان على إسقاط دور الجيش السوري خلال هذه الأزمة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115