الترسانة العسكرية لـ«مملكة الراهب»: هل تخوّل لكوريا الشمالية الدخول في حرب ضد أعتى جيوش العالـم ؟

تعيش شبه الجزيرة الكورية حراكا عسكريا غير مسبوق تحسبا لاحتمالات مفتوحة قد تصل حد شنّ أمريكا ضربة عسكرية ضد كوريا الشمالية بسبب برنامجها النووي المثير للجدل خاصة بعد توجيه ادارة البيت الابيض ضربة عسكرية مفاجئة استهدفت قاعدة عسكرية سورية.

وتزيد حرب التصريحات المتبادلة بين الولايات المتحدة الامريكية وكوريا الشمالية من التساؤلات المطروحة حول مدى قدرة بيونغ يانغ العسكرية على الدخول في حرب مع اقوى جيوش العالم وهل لديها ترسانة عسكرية متطورة قادرة على مجابهة التطور العسكري والتقني للآليات العسكرية الامريكية ؟ .

وتستنفر كوريا الشمالية جميع قواتها ترقبا للتهديدات التي وجهتها الولايات المتحدة الامريكية ، خاصة وان دولا غربية اخرى على غرار استراليا اكدت ان برنامج بيونغ يانغ النووي «يمثل تهديدًا خطيرًا لبلادها». مؤكدة تأييدها لتغيير الولايات المتّحدة، في استراتيجيتها في التعامل حيال كوريا الشمالية.

ويرى متابعون ان كافة الخيارات تبقى مطروحة على الطاولة بما فيها العمل العسكري ، خاصة وان ادارة ترامب الذي اكد خلال حملته الانتخابية عدم نيته خوض حروب نيابة عن الغير ، إلاّ ان توجّهه لشنّ ضربة جوية هي الأولى ضدّ نظام بشار الأسد في سوريا جعلت من خطوات الادارة البيضاوية الجديدة غير متوقّعة بما فيها الخطوة القادمة تجاه بيونغ يانغ . ولئن يستبعد متابعون هذه الفرضية باعتبار موقف دول جيران كوريا الشمالية الصين واليابان (عدى كوريا الجنوبية الّتي تؤيد التدخل ضد جارتها الشمالية) ، يرى مراقبون أنّ زيارة نائب الرئيس الامريكي مايك بنس الى اليابان هدفها حشد الدعم لأي تحرك عسكري قد تنفذه بلاده ضد بيونغ يانغ .

وتؤكد التقارير الاعلامية ان بنس يسعى من خلال جولته في شبه الجزيرة الكورية الى تقديم تعهدات تجارية واقتصادية لليابان والصين لكسب دعمهما في حال عزمها على اتخاذ خطوة تصعيدية ضد بيونغ يانغ.

ترسانة كوريا الشمالية
تصعيد كوريا الشمالية لهجتها ضد أمريكا يدفع الى ضرورة القاء الضوء على ترسانة «مملكة الراهب» العسكرية وحقيقة قدراتها على دخول حرب ضد اعتى جيوش العالم. و«مملكة الراهب» هي مصطلح يطلق على اية دولة تعزل نفسها عن باقي دول العالم وقد اطلق هذا الوصف على كوريا الشمالية نتيجة سياسة العزلة التي تقبع فيها هذه الدولة الشيوعية منذ عقود طويلة .
وتؤكد تقارير اعلامية ان بيونغ يانغ ذات الـ25 مليون نسمة تمتلك مايقارب الـ3 ملايين جندي، ينقسمون كالآتي مليون جندي ينشط على الأرض ومليونين في الجيش الاحتياطي.

كما تؤكد المعلومات القليلة الموجودة حول ترسانة بيونغ يانغ ان بعض اسلحتها تقليدية نتيجة العزلة التي تقبع فيها منذ سنين الا ان ذلك لا ينفي حيازتها صواريخ نووية عابرة للقارات نجحت في تصنيعها في العقود الاخيرة . فكوريا الشمالية لديها أكثر من ثمانية آلاف ونصف الألف مدفعية وهذا كثير، محدودة النطاق، و4800 دبابة قديمة الطراز ايضا وثمانمائة وعشرين مقاتلة جوية، كما تملك سبعين غواصة ، ولديها ايضا مائتا ألف جندي في القوات الخاصة، قادرون على حمل اسلحة كيميائية .

لكن المثير لقلق دول الاقليم ودول العالم ايضا هو امتلاك كوريا الشمالية عددا غير معروف من الأسلحة الكيميائية، بالإضافة الى نجاحها في تصنيع صواريخ بعيدة المدى قادرة على الوصول الى الولايات المتحدة الامريكية.

ووفق تقرير نشره موقـــــــع «ناشيونـال إنتيريســت»للبحـــوث العسكرية فكوريا الشمالية تملك العديد من المقومات التي تجعل من الصعب الاستهانة بقدراتها العسكرية . اذ قامت كوريا الشمالية بـ6 تجارب نووية نجحت منها اربع تجارب، بالإضافة الى وجود انباء عن نيتها تطوير اسلحة جديدة.

كما يملك النظام الكوري الشمالي أحد أقوى القوات المدفعية على مستوى العالم، بالاضافة أكبر ثالث مخزون من الأسلحة الكيميائية في العالم، وقنابل إشعاعية . بالاضافة الى الصواريخ الباليستية العابرة للقارات وهي أداة خطيرة .

وتملك بيونغ يانغ الجيل الجديد من الصواريخ الباليستية، حيث كشفت عن امتلاك صواريخ: نودونغ 1، تاييودونغ 1، وتاييودونغ 2. وأشارت تقارير سابقة بأن تلك الصواريخ من الممكن أن تصل إلى ألاسكا وهاواي وهو أبعد مدى لأي صاروخ حتى الآن.

ولدى نظام كوريا الشمالية ما يسمى بالجيش السبراني وهو جيش بيونغ يانغ الإلكتروني ويعتبر أحد أقوى الجيوش السبرانية في العالم، حيث خاضت بيونغ يانغ هجوما إلكترونيا على الولايات المتحدة مع نهاية عام 2014، وأثبت قدرته الفائقة على كشف معلومات عسكرية أمريكية وكورية.

احتمالات مفتوحة
من جهته قال الكاتب العراقي المختص في الشؤون العسكرية فوزي عبد الرحيم في حديثه لـ«المغرب» أنّ عنصر التهديد والردع الرئيسي للترسانة الكورية، ووفق ظروف كوريا الاقتصادية والسياسية لا يؤكد وجود تقنيات عسكرية متطورة تستطيع أن توفر متطلبات نقل الصواريخ من تقنيات الكترونية أو كومبيوترية وهو أمر يحتاج تقدم في مجالات علمية تعاني كوريا الشمالية من عدم إمكانية الوصول إليها بسبب الحصار إضافة لضعف الإمكانات والموارد وفق تعبيره

واشار عبد الرحيم الى ان «الفريق البشري الكوري غير متواصل مع العالم وغير ملم بالتطورات العلمية والعسكرية ،إذ أن الصين هي النافذة الرئيسية لكوريا وهي لاعتبارات عديدة ليس من مصلحتها أن توفر لكوريا هذه المتطلبات التي تجعل من تهديدها متفاقما» .

وتابع محدّثنا القول ان النظام الكوري هو واحد من أسوأ الأنظمة السياسية في العالم ،إذ رغم قوته في الداخل وبطشه بخصومه وسيطرته على الوضع الداخلي، إلا أن ذلك كله مهدد في حالة حدوث مواجهة عسكرية واسعة مع امريكا تهدد وجود النظام نفسه وهو أمر يعرفه النظام الكوري رغم جنونه الظاهري.

واضاف الكاتب العراقي «يمكن هنا المقارنه مع نظام صدام حسين الذي كان يملك قاعدة بشرية علمية هي نتاج عمل الدولة العراقية لعشرات السنين،إضافة للإمكانات المادية الكبيرة المتأتية من عائدات النفط وتوفر قوة عسكرية كبيرة استطاعت الوقوف بوجه الموجات البشرية للحرس الثوري الايراني،لكن كل ذلك لم يصمد في حرب 1991 التي أدارتها أمريكا كأنها العاب الكترونية تم تجريب كل التقنيات العسكرية الحديثةوفي العام 2003 كان الأمر أسوأ حين لم يستطع صدام الدفاع عن بغداد لأسابيع بعد تعهداته أن تكون بغداد مقبرة للامريكيين».

واكد محدّثنا ان الأنظمة القائمة على الزعامة الفردية رغم كل مظاهر القوة، إلا أنها سريعة العطب مضيفا ان الحرب اذا كانت شاملة تحتاج نظاما يستند إلى رضا وقبول الشعب ويملك آليات استخدام كل القدرات الجماهيرية.

واعتبر المختص في الشؤون الأمريكية أن الأزمة الكورية الراهنة ليس سببها فقط التجارب الصاروخية الكورية الاستفزازية،ولكن حاجة ترامب لانتصارات في السياسة الخارجية على حدّ قوله .

واشار عبد الرحيم بالقول «لذلك لا اعتقد ان ادارة ترامب اصلا ترغب بحملة عسكرية ضد كوريا الشمالية ،كي ينبري حلفاء امريكا لثنيها، ومع ذلك فإن إمكانية خروج الأمور عن السيطرة واردة ولكن ضعيفة بوجود الصين التي تقوم بفرملة الزعيم الكوري ووجود جيمس ماتيس على رأس المؤسسة العسكرية التي تتعامل باحترافية عالية يفتقدها ترامب المجبر على الاستماع لهذه المؤسسة بعد فشله في تمرير رؤيته الخاصة في أمور عدة». وتابع الكاتب توفيق عبد الرحيم ان الزعيم الكوري -وان كان يتصرف كمجنون- فإنه عاقل بما يكفي للمحافظة على نظامه من الدخول بمعركة غير متكافئة .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115