الباحث في الشؤون التركية حسين عمر لـ «المغرب»: تركيا في حالة تحوّل وأردوغان رسخ الدستور المركزي

قال المحلل السياسي والباحث السوري في الشؤون التركية ان إفرازات الاستفتاء التركي الذي جرى الاحد الماضي لن يكون واضح المعالم الا بعد تطبيق الدستور الجديد والذي يلغي منصب رئيس الوزراء مشيرا الى انه بموجب التعديلات يصبح رئيس الجمهورية هو

السلطة التنفيذية الأولى في تركيا وهو الذي سيحدد قيادة العسكر والقوى الأمنية والميزانية وتفرعاتها.

وأكد الباحث السوري ان تركيا في مرحلة تحول نحو شكل الأنظمة المركزية المتشددة التي يديرها شخص الرئيس كمشرع في الكثير من الأمور ومنفذ لها عن طريق ربط كافة المؤسسات بمكتبه مشيرا الى ان التعديل الدستوري اصبح في عداد التنفيذ بعد الانتصار الكسيح الذي حققه اردوغان في الاستفتاء (51.2 %) مجموع ما حصل عليه من الأصوات .

وعن تغير دور اردوغان وحزبه ما بين الماضي والحاضر اجاب بالقول :»بالمقابل اذا عدنا الى بدايات وصول حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي اسسه اردوغان الى الحكم كان اردوغان يستخدم نفوذه في تسيير إدارة الدولة حسب مشيئته وقد ظهرت بعض الفترات التي عارضت بعض الشخصيات تلك التوجهات ولهذا تم ابعادهم من المناصب وحتى من الحزب ومنهم رفيق دربه عبد الله غول الذي قاد الحزب للوصول الى السلطة حينما كان اردوغان مسجونا بتهمة البروبغاندا الأصولية وازاح غول بعد ان تمكن من وضع مفاصل الحكم تحت قبضته. كما انه تم ابعاد احمد داوود أوغلو من رئاسة الوزراء والحزب لخلافه معه حول بعض القضايا الدستورية وتدخله في صلاحيات رئيس الوزراء بشكل فج».

حرب حقيقية
ورأى محدثنا ان ما يحصل في الداخل هو حرب حقيقية تجري رحاها في جنوبي شرقي تركيا بين القوات المسلحة التركية ومقاتلي حزب العمال الكردستاني وتابع بالقول : «هذه الحرب التي اندلعت في العام الماضي بعد توقف أكثر من عشر سنوات حينما اعلن زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون في جزيرة ايمرالي التركية منذ العام 1999 وقف اطلاق النار من جانب واحد» مشيرا الى ان الحكومة التركية بقيادة اردوغان لم تلتزم بتعهداتها بحل القضية الكردية لا بل زادت من هجماتها على مواقع المقاتلين الكرد . واضاف ان اردوغان تنصل في منتصف العام الماضي نهائيا من التزاماته بمتابعة المفاوضات مع اوجلان وبدأ بشن حملات إبادة ضد بعض المدن الكردية مما أدى الى اعلان تجدد المعارك المستمرة حتى الآن.

واكد ان هذه الملفات الشائكة ستكون احدى اهم الصعوبات التي ستعترض مسيرة اردوغان المستقبلية ، كما أن بداية ظهور الانتكاس الاقتصادي وتدهور سعر صرف الليرة التركية مقابل العملات الأخرى، وزيادة الشرخ بين القوى العلمانية والدينية القومية والرفض الأوربي للتحولات الجارية في تركيا . كل ذلك -بحسب محدثنا -سيزيد من التحديات خاصة في ظل صعوبة استمرار المفاوضات من اجل انضمام البلاد للاتحاد الأوربي.

واعتبر الباحث في الشؤون التركية ان ما يخشاه المواطن التركي العلماني الآن هو ظهور دوريات لجماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في شوارع وازقة مدن تركيا، واضاف قائلا:«اردوغان استطاع خلال حكمه منذ 2002 ان يزيل المنع عن كافة القوانين التي كانت تمنع التطرف والاصولية الدينية وأفسح المجال لافتتاح مدارس شرعية بالآلاف كما حقق خطوة مهمة وهي دعم تلك المدارس من ميزانية الدولة . ولهذا ما هو موجود سيستمر ويتعمق ويتأزم في الوضع الداخلي التركي» على حد قوله.

اية تحديات خارجية؟
وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية لاردوغان استبعد الباحث السوري حدوث تغير في العلاقات او السياسة التركية الخارجية فيما عادت محاولة اردوغان ربط كافة التنظيمات الإسلامية المعتدلة والأصولية بقيادة باعتباره وريث السلطنة التي كان سلطانها يعتبر نفسه خليفة المسلمين.

وأكد ان تركيا الاردوغانية ستستمر في ابتزاز اوروبا والتودد لروسيا ومراعاة العلاقة المميزة وخاصة الاقتصادية مع إيران ودعم المجاميع الأصولية على الساحة السورية والعراقية ومحاربة الحركة الكردية التي أسست إدارة ذاتية لها في شمال سوريا (روزافا) والمدعومة من قوات التحالف الدولي.

واعتبر ان ما سيظهر على الصعيد العام في المرحلة المقبلة هو تغير شكلي واجرائي أكثر ما يكون تغيرا جوهريا. مشيرا الى ان اردوغان أعاد تركيا بهذه الخطوة الى مصاف الدول ذات الدساتير المركزية والتي للفرد الدور الأساسي فيها كما هو دستور سوريا الحالي ودستور إيران .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115