أردوغان في جولته الخليجية: محاولة لكسب شريك اقتصادي بديل عن أوروبا وسعي لضمان دور في معادلة الشرق الأوسط الجديد

انتهت امس الجولة التي قام الرئيس التركي رجب طيب اردوغان والتي شملت كلا من المملكة العربية السعودية البحرين وقطر ،وتأتي هذه الزيارات التي اداها أردوغان الى الدول الخليجية في وقت تواجه فيه تركيا تحديات داخلية وأخرى خارجية فرضت عليها ضرورة ارساء موطئ

قدم لها في المشهد الشرق الاوسطي ولعب دور فاعل في قضاياه الشائكة بعد ان خسرت انقرة حظوظها في الانضمام الى الاتحاد الاوروبي نتيجة عدة اعتبارات.

وادى اردوغان زيارة الى كل من مملكة البحرين، والمملكة العربية السعودية في 13 - 14 فيفري، وقطر ما بين 14- 15فيفري، ويرجع مراقبون اسباب الزيارة التي يؤديها اردوغان رفقة وفد من رجال الاعمال و الوزراء والنواب والمسؤولين الأتراك ، الى دفع التعاون الاقتصادي الكبير الذي يجمع هذه الدول بتركيا حيث يبلغ اجمالي صادرات انقرة اليها مايقارب الـ33 مليار دولار. الطابع الاقتصادي رغم انه السبب الرئيس المعلن عنه في البيانات الرسمية إلا انه ليس السبب الوحيد لهذه الجولة وفي هذا التوقيت بالذات ،خصوصا وان المنطقة العربية تشهد بداية تغير التحالفات وموازين القوى نتيجة تغير الاطراف الفاعلة سواء في المشهد السوري او في الحرب ضدّ تنظيم «داعش» الارهابي.

ويرى متابعون انّ تعزيز التعاون الاقتصادي في تركيا -الذي شهد انتكاسة نتيجة الهجمات الارهابية الاخيرة ومحاولة الانقلاب الفاشلة- غير كاف لتكون انقرة رقما صعبا في معادلة الشرق الاوسط الجديد ، اذ يستوجب الوضع التطرّق الى الملفّات السياسية الشائكة التي تؤرّق المنطقة العربيّة ، إذ تؤكّد تقارير في الغرض أن العلاقات الدبلوماسية التي اكتسبت زخما بين تركيا ودول الخليج العربي في السنوات الأخيرة، انعكست بالأرقام على التّجارة الخارجية وهو ماتحاول تركيا تعزيزه والحفاظ عليه بتأسيس شراكة سياسية مع الدول الخليجية خاصة بعد خسارة انقرة لتحالفاتها الغربية لعدة اسباب لعل اهمها تصاعد حدة الانتقادات الاوروبية لوضع حقوق الانسان والحريات في الدولة التركية وتضييق الخناق على حرية التعبير . ودقّ الغرب ناقوس الخطر بعد الاعتقالات والمحاكمات التي طالت كتابا وأكاديميين وصحفيين في تركيا بعد افشال المحاول الانقلابية في جويلية 2016 ، مما ادى الى تجميد الاتحاد الاوربي لمفاوضات دخول تركيا الى صفوف الدول المنضوية تحت لوائه . ويرى مراقبون ان هذه الخطوة اثرت سلبا على الاقتصاد التركي وفرضت على اردوغان التسريع بإيجاد بديل عن الاقتصاد الاوربي علما وان اقتصاد بلاده يشهد انتكاسة واضحة .

ويؤكد متابعون أنّ المتغيرات الدولية التي رافقت صعود دونالد ترامب الى الحكم في الولايات المتحدة الامريكية و الجهود الدولية الكثيفة لحل الأزمة السورية وتغير موازين القوى في المنطقة العربية ، كل ذلك يهيئ لمرحلة جديدة تحاول كافة الاطراف كسب موضع فيها ومن بينها تركيا التي يقوم مسؤولوها هذه الفترة بجولات ماراطونية لضمان دور فعال لها على كافة الاصعدة.

انقسام خليجي
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي منتظر ناصر لـ«المغرب» انّ الجولة التي يقوم بها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، الى ثلاث دول هي البحرين والسعودية وقطر، أظهرت انقساما في الصف الخليجي، خصوصا أنها جاءت بالتزامن مع جولة اخرى لنظيره الايراني حسن روحاني، والّتي تشمل عمان والكويت المعروفتين بالإضافة الى الامارات باستقلال نسبي عن سياسة المملكة العربية السعودية ورفض التعامل مع الاخوان المسلمين المدعومين من أنقرة والدوحة وفق تعبيره.

وأضاف ناصر ان هذه الزيارة الأولى تعد الأولى من نوعها لروحاني منذ تسلّمه منصبه قبل 4 سنوات لدولة الكويت، لحمل الرد الإيراني على رسالة أمير الكويت التي نقلها وزير خارجيته الشهر الماضي، والتي تسعى لطمأنة دول الخليج بعدم التدخل في الشؤون الخليجية، واعتماد مبدأ حسن الجوار وفق تعبيره .

واشار الى ان « زيارة أردوغان تأتي بعد التنسيق الكبير الذي أظهرته تركيا مع روسيا في الملف السوري والتي تتقاطع برؤيتها مع السعودية وتنسّق مع غريمتها إيران، إلاّ أن انقرة ربما تحاول انقاذ علاقتها مع السعودية المتزمّتة تجاه هذا الملف خصوصا مع التحول الواضح في خطاب البيت الأبيض تجاه إيران وحلفائها في المنطقة مع تولي الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب مقاليد السلطة، وظهور تطابق كبير في هذا الملف بين واشنطن والرياض».

واضاف محدثنا ان الزيارة تأتي في ظل انعقاد مؤتمر أستانا بين المعارضة والنظام السوريين برعاية روسيا وتركيا وايران، من اجل اطلاع الخليجيين على نتائج المباحثات. واكد «علينا ان لا ننسى أن تركيا تمر بأزمة اقتصادية بسبب تأثرها سياحيا بالتفجيرات المتكررة، وقد سبقت زيارة أردوغان الى الرياض وصول ممثلي 50 شركة سياحية من أجل جذب العديد من السياح السعوديين، دعما للاقتصاد التركي».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115