اللاجئون السوريون في لبنان: معاناة في انتظار الحسم

سألتُ الحاجة ام فؤاد وهي في طريقها الى تونس عبر مطار رفيق الحريري الدولي للقاء ابنها بعد هروبها من حلب كيف الوضع في هذه المدينة؟ ..كانت عيناها الغارقتان بالدموع مع تنهيدة طويلة كفيلة بمعرفة الجواب فقالت «حلب ليست كما نعرفها ..دمّرت بالكامل ..»
مئات السوريين

يعبرون يوميا المعابر الحدودية مع لبنان هربا مما لحق بلادهم من اذى ودمار لا يستوعبه عقل ..حملوا معهم ذكرياتهم السيئة عن ست سنوات من الحروب الهمجية ..

يقول ابو حسن في حديثه لـ«المغرب» :«سوريا اليوم تعج بمئات التنظيمات المسلحة ..كل حي وكل شارع يحكمه قانون أحد هذه التنظيمات بعضها يحمل شعار» لا اله الا الله» ولا تربطه بالإسلام اية صلة ..يسرق عناصرها ويقتلون العباد دون وجه الحق ، يسلبون كل ما تقع عليه عيونهم ..

يقطن ابو حسن حاليا أحد المخازن هو وعائلته ..ورغم ان المخزن لا يليق بالعيش الا انه افضل من النوم في الشارع على حد قوله وتوجه ابو حسن بشكر اهالي منطقة البداوي ( شمال لبنان) الذين حموه هو وعائلته وقدموا له الرعاية وأمنوا له العيش بهذا المخزن عوضا عن المبيت في الحدائق العمومية ..اما عن قصة تهجيره من سوريا يضيف بالقول :»انا من الغوطة الشرقية من كفربطنا و هذه المنطقة معروفة بسلمية اهلها ..في بداية الاحداث بقينا في كفربطنا عاما كاملا وحاولنا الصمود ..وبعدها لم نستطع ان نقاوم اكثر فهجرنا الى منطقة القلمون ..اختلطت المشاهد والأحداث وموازين القوى ولم نعد نعرف من يتبع النظام ومن يؤيد الجيش الحر ..وقد تعرضتُ لعملية خطف واقدم الخاطفون على قطع اصابع من يدي ..مما اعاقني عن ممارسة أي عمل بعد التهجير . الاموات والجثث تملأ الشوارع ومن عائلتي قتل العشرات ..اخي قتل هو وعائلته بالكامل وهناك من بقي مصيره الى الان غير معلوم ...واستعملوا بحقنا القنابل المحرمة دوليا وبعد هروبنا التجأنا الى جارود في منطقة القلمون وهناك استهدفتنا جماعة ملثمة لا نعرف من تتبع تحمل رايات سوداء سلبوني سيارتي وهددوني بالقتل ان رفضت تسليمها فنزلت انا واولادي واكملنا الطريق سيرا على الاقدام .. ووصلت لبنان وامضيت انا واولادي يوما في حديقة تسمى « التبانة» قبل ان يأتي اهالي البداوي ويقدموا لنا المأوى والطعام «.. وزوجتي حاليا تعمل في تنظيف المنازل لكي تجمع قوت يومنا لان يدي المبتورة لا تساعدني على العمل «.. والغوطة حتى اليوم محاصرة ووضع اهلها مأساوي»..

من جهته، يروي اللاجئ محمد. ن قصته مع التنظيمات المتطرفة فقال لـ «المغرب» نزحت من سوريا مع عائلتي هربا من بطش التنظيمات المتطرفة كل المحال التي املكها دمرت وكانت التنظيمات المتطرفة تطلب منا ترك منازلنا بأقصى سرعة بحجة ان النظام سيقصف المنطقة ولكن اكتشفنا انهم كانوا يرغموننا على ترك منازلنا لكي يسلبونا كل ما نملك «..هؤلاء المقاتلين الذين يرفعون شعارات « الله اكبر» كانوا يخطفون النساء في بلدتنا بينهم بنات اخي اللواتي تعرضن للخطف على يد الجماعات المسلحة وتم استخدامهن كدروع بشرية والى الان لا نعرف مصيرهن .. ومنذ ثلاث سنوات تقريبا قطع أي اتصال بيني وبين ما بقي من عائلتي في الغوطة ..ولدي الآن اخوة لاجئون في السودان والأردن ..

اما اللاجئ عمر . ق فلديه قصة اخرى مع داعش الارهابي يقول «: تعرض ابني للسجن على يد هذا التنظيم وحكم عليه من نصب نفسه قاضيا بالإعدام ..ولو لم اصل في الوقت قبل تنفيذ الحكم لكان ابني الان في عداد المقتولين ولم يطلقوا سراحه الا بعد ان قدمت لهم مبلغا من المال هو كل ما املكه بعد ان خسرت بيتي والمحال التي كنت املكها في حلب .»

اليوم منطقة البداوي في شمال لبنان تعجّ بآلاف اللاجئين والنازحين السوريين والمفارقة انها نفس المنطقة التي استقبلت قبل عقود ايضا افواج اللاجئين الفلسطينيين المهجرين من بلادهم ويقطنون في مخيم يدعى « البداوي» ...وقد تصاعدت معاناة هؤلاء السوريين بعد ان اصدر وزير العمل اللبناني مؤخرا قرارا يمنع عمالة السوريين بعد ان تزايدت البطالة واكتسحت فئات عديدة من شباب لبنان على حد قول الوزارة ..لكن منتقدي هذا القرار يعتبرون انه سيء وسيساهم في تصعيد حالة الاحتقان بين بعض الشرائح اللبنانية واللاجئين السوريين.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115